كان يوم الجمعة 19 ماي، آخر يوم في تاريخ أحد أشهر السجون المغربية الذي استقبل أول سجين مع بداية الألفية الثانية، ليتحول بعد ذلك إلى معتقل بصيت خاص، لأنه استقبل رجالات المقاومة وجيش التحرير، والذي كان يحمل اسم السجن الفلاحي العدير، حيث أغلقت المندوبية العامة لإدارة السجون بوابته وتم نقل جميع السجناء إلى السجن المحلي 2 بجماعة أولاد رحمون بالجديدة٠
وأعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عن إغلاق السجن الفلاحي العدير والشروع في العمل رسميا بالسجن المحلي الجديد « الجديدة 2» بضواحي عاصمة دكالة، وذلك في إطار استراتيجيتها الرامية لأنسنة ظروف الاعتقال، بما يضمن كرامة النزلاء، وتهيئ سبل إعدادهم لإعادة إدماجهم.
وتم تشييد المؤسسة السجنية الجديدة وفق مواصفات حديثة تستجيب لكافة المعايير الإنسانية والإدماجية والأمنية، حيث تشتمل على كل المرافق الضرورية سواء ما يتعلق بإيواء المعتقلين أو ضمان سلامتهم أو المرافق المخصصة للموظفين لتحسين ظروف عملهم، أو البنيات والتجهيزات الخاصة ببرامج إعادة الإدماج. وحسب رئيس مصلحة المنشآت السجنية فإن الطاقة الاستيعابية للمؤسسة السجنية الجديدة2 تصل إلى 1880 سرير، وبها 7 أحياء، منها حي مخصص للأمهات المرافقات بأبنائهن والنزيلات والأحداث، بالإضافة إلى مصحة مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية تضم 24 سريرا، كما تتوفر المؤسسة السجنية على قاعة متعددة التخصصات ومركز بيداغوجي يضم أقساما للدراسة ولمحاربة الأمية وللتأطير الديني والتكوين المهني والحرفي..
وكانت أرض العدير، أي ضيعة السلطان، قد ضمت السجن الفلاحي العدير الذي كان يحتضن كذلك مرفق المقبرة التي تحوي رفات المقاومين الذي أعدمتهم سلطات الاحتلال الفرنسي بناء على أحكام ظالمة صادرة عن محاكم السلطات الفرنسية، كما يضم لوحة تذكارية تضم أسماء رجال المقاومة، سواء الذين تم إعدامهم أو الذين تم إصدار عفو عنهم مع الإعلان عن استقلال المغرب، ومازالت الأعمدة التي تم إعدام بعض رموز المقاومة عليها شامخة أيضا بساحة السجن. ومع استقلال المغرب تمت مغربة سجن العدير وأطلق عليه إسم السجن الفلاحي العدير والذي كانت قد جعلت منه إدارة السجون وإعادة الادماج سجنا فلاحيا مفتوحا، كان من بين ما يضم العديد من الحقول واسطبلات تربية الحيوانات الأليفة وأنواع من الطيور، وعملت على انتقاء سجناء الثقة للقيام بالأعمال الفلاحية كالحرث ورعي الغنم والبقر وعملية الحصاد، وكان يشارك في معرض الجديدة بأنواع كثيرة من الأبقار الحلوب وأخرى لاحمة حيث فازت المؤسسة غير ما مرة بالجائزة الوطنية لأحسن بقرة. وإلى جانب ما سبق فقد كانت الإدارة تعمد إلى بيع كميات كبيرة يوميا من الحليب الجيد واللبن وغيرهما، وكان السجناء الذي يشتغلون في الإسطبلات يتقاضون تعويضا عن الخدمات حتى لو كان هذا التعويض هزيلا ، كما كان يستفيد العديد من الموظفين من السكن الوظيفي وخدمات المدرسة الابتدائية التابعة لوزارة التربية الوطنية ويضم أيضا المقصف وقاعة الرياضة وهي المنشآت التي يبقى مصيرها اليوم مجهولا ٠
وقبل عشر سنوات عملت مندوبية السجون إلى تقسيم السجن إلى مؤسستين، واحدة فلاحية وأخرى محلية، رغم أن الفلاحية لم تعد تحمل من الفلاحة إلا الاسم، وظلت المؤسستان تسيران من طرف إدارتين إلى أن أعلن عن قرب عملية ترحيل النزلاء إلى المؤسسة الجديدة حيث تم إسناد تسييرها إلى مدير واحد وهو نفس المسؤول الذي تم تكليفه بتسيير السجن المحلي 2 بالجديدة.
يعدّ من أشهر السجون المغربية: بعد أكثر من قرن من التواجد.. إنهاء «مهام» السجن الفلاحي العدير
الكاتب : مصطفى الناسي
بتاريخ : 29/05/2023