صدر للأكاديمي الأمريكي من أصل مغربي يونس البستي كتاب بعنوان “حكايات طنجة” يضم مختارات قصصية من أعمال محمد شكري.
وقال في حوار أجراه معه موقع “جدلية” إن ترجمة شكري إلى الى الإنجليزية مشروع خاص وشغفٌ قديم. وأضاف: “شغفٌ ذاتي وأكاديمي بنفس الوقت. شكري شخصية استثنائية وجدت في لحظة تاريخية محددة. أمازيغي ريفي وفد إلى طنجة مع عائلته من جبال الريف هرباً من المجاعة معتقدين أن طنجة فيها خبز، كما قالت والدته في سيرته الذاتية (وهو ما نوهنا له في كتابنا الأكاديمي مع د. روجر آلن “قراءات في أعمال محمد شكري – الجوع في عدن”)، ولكن طنجة كانت مدينة يرثى لها ترزح تحت الوصاية الدولية (إسبانيا -بريطانيا – فرنسا – أمريكا إلخ…) وبسبب الاستعمار عاش شكري مع عدد كبير من سكانها الفقر والحرمان، والتشرد، والعنف، والأمية، والسجن، وعمل في أسوأ المهن حتى يعيل نفسه إلى أن بدأ التعلم في سن العشرين وانطلق في عالم الأدب. سمعت عنه أول مرة حين كنت في الثالثة عشرة من عمري في المرحلة الإعدادية، أعماله كانت محظورة في المغرب وخاصة “الخبز الحافي”، لكنه كان شخصية محبوبة في الأوساط المغربية، والكتاب المحظور كان محفوظاً في مكتبة المنزل، وحصلت على نسخة منه حين بلغت الرابعة عشرة من عمري. أبهرني وزاد اهتمامي به عندما اطلعت على سيرته الذاتية، وباكراً قررت أن أتخصص بأدبه وأن أُدرّسَ كتبه في مادة الأدب، في الوقت الذي اهتم به جميع زملائي بدراسة كتاب غربيين اهتممت أنا بتقديم شكري في الجامعات الأمريكية والعالمية. ولا أزال أعمل على أدبه أكاديمياً منذ 15 عاماً بحثاً وترجمةً”.
وتابع البستي قائلا: “قمتُ بتنظيم أول مؤتمر عن شكري باللغة الإنجليزية في جامعة ييل Yale في أكتوبر 2022. ودرّستُ أول فصل دراسي عنه لطلاب الجامعة في الولايات المتحدة الأمريكية في المراحل الدراسية الأولى، والدراسات العليا. درسنا قراءات في مجمل أعماله، و ثلاثية السيرة الذاتية (الخبز الحافي، زمن الأخطاء، وجوه) ثم القصص، المجموعتان (مجنون الورد، الخيمة)، وكل ما كتبه شكري من مذكرات (بول بولز في عزلة طنجة)، (جان جينيه في طنجة)، (تينسي وليامز في طنجة)، أيضاً ألقيت محاضرات عنه في معظم البلدان في الصين والسويد وأستراليا ورومانيا وبلجيكا، (ليس فقط شكري درّست أيضاً ثلاثية أحلام مستغانمي)، معظم الناس يعرفون “الخبز الحافي” لكنهم لا يعرفون بقية أعماله حتى كان يقول: إن “الخبز الحافي” لعنتي، لأنه نشر كتباً مهمة، وهو معروف حتى الآن بصاحب “الخبز الحافي” فقط رغم كل الإنجازات التي قدمها في حياته. ألقى شكري رواية “الخبز الحافي” شفهياً على صديقه بول بولز فكان يسجلها أولاً ثم يعيد تدوينها وأصدرها أول مرة بالإنجليزية عام 1973 وكان واضحاً فيها البعد الاستشراقي، ثم صدرت بالفرنسية بواسطة الطاهر بن جلون سنة 1980، ولم تصدر بالعربية حتى سنة 1982 في المغرب ومولها من جيبه الخاص. في 2021 كتب الكاتب المعروف محمد برادة رسالة موجهة إلى صديقه شكري بمناسبة ذكرى وفاته وكان قد غادرنا عام 2003، تَرجمتُ الرسالة إلى الإنجليزية ونُشِرت في مجلة “الأدب العالمي اليوم” World Literature Today وهي مجلة أمريكية عريقة عمرها يقرب مئة سنة”.
نشير إلى أن يونس البستي أستاذ جامعي ومدير للدراسات، إضافة إلى كونه مترجما وناقدا أدبيا. وقد حصل على العديد من الجوائز، بما في ذلك وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من رتبة قائد، ووسام السعفة الأكاديمي، وجائزة Poorvu لعام 2020 للتميز في التدريس في جامعة ييل Yale، وتقدير خاص لمساهماته في التعليم من مجلس شيوخ ولاية ماساتشوستس، وزمالات بحثية، بما في ذلك زمالة بحثية من المعهد الأمريكي للدراسات المغاربية.