غوتيريش أمام معبر رفح:هناك شروط تعيق إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة

المساعدات الإنسانية تتكدس في مصر:وروايات مرعبة عن أهوال النزوح…

 

دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، إلى وقف إطلاق نار إنساني غير مشروط لضمان وصول المساعدات إلى غزة.

وقال غوتيرش في مؤتمر صحفي عقده عند معبر رفح من الجانب المصري: “نحن بحاجة لنقل شاحنات المساعدات من الجانب المصري من رفح إلى الجانب الفلسطيني وبأعداد أكبر، ينبغي الإسراع في نقل المساعدات من الجانب المصري من معبر رفح إلى داخل قطاع غزة”.

وأضاف: “رغم الاتفاق على السماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة فإن هناك شروطا تعيق وصولها للقطاع، وينبغي السماح بإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة”.

وأشار غوتيرش إلى أن سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الماء والغذاء والوقود والمواد الأساسية.

تتدفق المساعدات الإنسانية المخصصة لقطاع غزة إلى مطار العريش في سيناء المصرية الذي أعاد فتح أحد مدارج الهبوط فيه لتلقي كل المواد الآتية من غذاء، ودواء، وأجهزة لتنقية المياه، ومستلزمات للنظافة، وبطانيات…
ويقع معبر رفح الحدودي الذي ذكر إعلام مصري أنه سي فتح الجمعة، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات شرقا ، وهو المنفذ الوحيد إلى القطاع الفلسطيني الصغير الذي مزقته الحروب ويجتاحه الفقر.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن معبر رفح ومطار العريش «ليسا حيويين فقط، بل هما الأمل الوحيد لسكان غزة، وشريان حياتهم».
وقال المسؤول عن الهلال الأحمر المصري أحمد علي لوكالة فرانس برس «نستقبل طائرتين أو ثلاث طائرات مساعدات يوميا تسيرها وكالات إنسانية أو دول» ترغب بإرسال مواد غذائية وماء ومعدات طبية إلى 2,4 مليون فلسطيني محاصرين في القطاع ويعانون من الحرب المدمرة التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بين إسرائيل وحركة حماس.
وبمجرد وضعها على المدرج المخصص للجيش، يتم تحميل شحنات المساعدات في شاحنات.
وقال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، أن لدى البرنامج 951 طنا متريا من الأغذية إما على الحدود المصرية (رفح) أو في الطريق إليها، ما يكفي لإطعام 488 ألف شخص لمدة أسبوع واحد.
وحذر المتحدث من أن مخزون برنامج الأغذية العالمي من الغذاء داخل غزة سينفذ قريبا ، ما يترك أسرا بدون أي وسيلة لإعالة نفسها.
وقال المتحدث «يجب تجديد مخزون الغذاء التابع لبرنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل».
وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة منذ 16 عاما ، وشددته منذ بدء الحرب بعد هجوم شنته حركة حماس الإسلامية عليها، فقطعت إمدادات المياه والوقود والمواد الغذائية.
وأعطت إسرائيل أخيرا موافقتها على مرور المساعدات بناء على طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن. وقالت مصر إنها تجري تصليحات للطريق الرابط بين أراضيها والقطاع بعد تعر ضه لأربع عمليات قصف من جانب إسرائيل.
في هذه الأثناء، ت خز ن حزمات المساعدات في مستودعات في العريش، عاصمة شمال سيناء، بحسب ما أوضح علي. وأضاف أنه بمجرد إعطاء الضوء الأخضر، سيكون هناك 250 متطوع ا جاهزين لنقل المساعدات إلى الحدود.
وأفرغت طائرة إماراتية الخميس تسعة أطنان من المساعدات المقدمة من اليونيسف، وهي رابع طائرة تصل خلال أسبوع ضمن جسر جوي يربط بين دبي والعريش، ويستخدمه خصوصا برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية لإيصال مساعدات. وأكدت مديرة الاتصالات في اليونيسف لمنطقة الخليج سارا الزوقري أن الوضع في غزة «أكثر من كارثي» مع مخازن شبه فارغة فيها بعد 13 يوما من الحرب.
وقالت «وز عنا كل المساعدات التي كانت لدينا داخل غزة تقريب ا». وتابعت «نسعى جاهدين لتشغيل محطة تحلية المياه الوحيدة الصالحة للعمل والتي تقلصت طاقتها بشكل كبير» بسبب نقص الوقود والطاقة إثر خروج محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة من الخدمة.
وتواصل وكالات الأمم المتحدة التحذير من نفاد الماء والوقود والغذاء قريبا .
وقالت الزوقري «تم أيض ا توفير معدات وأدوية للمستشفيات، ولكن نظر ا لعدد الجرحى، هناك نقص في أسرة المستشفيات والأدوية الأساسية» في غزة.
وحذرت من أن «الوقت ينفد وعدد الأطفال الضحايا يتزايد باستمرار»، وأكدت أن الوضع «يزداد سوءا بين دقيقة وأخرى».
واتفقت إسرائيل ومصر والولايات المتحدة على إرسال قافلة مساعدات أولى تضم «20 شاحنة»، وهو رقم غير كاف على الإطلاق بالنسبة للأمم المتحدة التي تطالب بإرسال «100 شاحنة يوميا» لإطعام سكان غزة الذين كان 60 بالمئة منهم يعتمد على مساعدات الأمم المتحدة الغذائية قبل الحرب.
وضم نت اليونيسف أيضا المساعدات صناديق ألعاب. وأكدت الزوقري أن الأطفال يجب أن يتمكنوا من مواصلة «اللعب والتعلم».

نازحات يروين أهوال الطريق من غزة الى خيم الأونروا

تقف فدوى النجار أمام واحدة من عشرات الخيم التي نصبتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين غرب مدينة خانيونس في قطاع غزة لتأوي نازحين من شمال القطاع وتصف أهوال الطريق قبل وصولها قائلة «كأنه يوم القيامة».
وتتسع الخيم لمئات النازحين وقد نصبت في ساحة وتوزعت أمامها عربات تبيع المعلبات وأواني الطهي وبعض المشروبات.
تقول النجار (38 عاما) إنها قطعت مسافة 30 كيلومترا مشيا على الأقدام من شمال قطاع غزة بعد الإنذار الإسرائيلي بإخلاء مدينة غزة، وتحت القصف، حتى مع عائلتها الى جنوب القطاع في رحلة استغرقت عشر ساعات.
وتقول الأم لسبعة «جئنا منذ يوم الجمعة إلى هنا. غادرنا المنزل العاشرة صباحا ومشينا ووصلنا الثامنة مساء».
وتضيف «حاولنا الاستراحة في الطريق لكن القصف كان كثيفا، فبدأنا بالركض. كأنه يوم القيامة، لا يمكننا أن ننسى هذه التجربة».
وتقول إنها نزحت عن منزلها، وكذلك فعل نحو تسعين فردا من أقاربها يقطنون جميعا في عمارة سكنية واحدة، بعد إلقاء الجيش الإسرائيلي مناشير في شمال القطاع تطلب منهم التوجه نحو الجنوب.
لم يكن بإمكانها دفع تكلفة أجرة الباص، إذ طلب منهم السائق ألف شيكل (نحو 250 دولارا).
وتقول «قصفت إسرائيل أمامنا سيارات كانت تقل نازحين، رأينا جثثا وأشلاء ورددنا الشهادتين استعدادا للموت».
وتقاطعها ابنتها ملك وتقول «كان القصف فوق رؤوسنا طيلة الطريق. ليتنا لم نأت وبقينا في منازلنا ومتنا هناك».
أما الأم فتحاول حبس دموعها، ثم تقول «أقسم بالله العظيم لم أستحم منذ اليوم الأول للحرب».
في خيمة مجاورة تشعل سيدة من العائلة ذاتها بعض الأخشاب بين حجرين لإعداد طبق «الشكشوكة»، بينما تسخن بعض أرغفة الخبز.
وقتل 3785 شخصا على الأقل معظمهم من المدنيين، في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر.
وقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل، معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول من هجوم حماس بالرصاص أو طعنا أو حرقا، وفق مسؤولين إسرائيليين. وهناك 203 أسرى في أيدي حماس، وفق الجيش الإسرائيلي.ولا يختلف حال أم بهاء أبو جراد (37 عاما) عن باقي النازحات.
وتقول السيدة التي جلست في خيمة مع نساء أخريات إنها كانت تقطن عمارة مع «حوالى 150 شخصا تفرقوا بين رفح وخانيونس».
وتشرح لوكالة فرانس برس كيف أنها مشت كيلومترات طويلة من منزلها في بيت لاهيا حتى مخيم جباليا الواقع شمال شرق مدينة غزة. «ثم ركبنا عربة يجر ها حمار لنصل إلى مدينة غزة مقابل 30 شيكلا (نحو ثمانية دولارات)».
وتوضح أبو جراد «دفعنا 400 شيكل لسيارة لتقلنا إلى خانيونس، هذا مبلغ كبير. استغلونا».
قبل أن تأوي إلى الخيمة، مكثت أبو جراد و27 شخصا آخرين في العراء لخمسة أيام في ساحة مقر للأونروا. «كان الجو حارا جدا في النهار وشديد البرودة في الليل».
وتشير الى علبة دواء سائل وتقول «اشتريت دواء للسعلة لابني بعد أن أصيب بالبرد»، مضيفة أن لا «بطانيات ولا فرشات» في الخيم.
كما تشير إلى إصابتها بتسلخات جلدية وحكة لعدم الاستحمام «نقف أمام الحمام في طابور مع العشرات، وقد يستغرق الأمر أكثر من ساعة حتى يصل إلينا الدور».ووصلت فاتن أبو جراد (37 عاما) إلى خانيونس في شاحنة تنقل أبقارا.
وتروي الأم لسبعة أنها كانت تسير مع أشخاص آخرين على الطريق في مدينة غزة عندما حصل قصف إسرائيلي. «أخذنا نركض، مشينا مسافة كبيرة حتى التقينا بشاحنة تحمل أبقارا. توسلنا إلى السائق أن يقلنا الى الجنوب ودفعنا 400 شيكل» نحو (100 دولار).
وتتابع «تكدسنا جميعا كبارا وصغار فوق روث الأبقار ووصلنا الى هنا في حالة مزرية».
أما هناء أبو شرخ فانتقلت مع عائلتها من منطقة إلى أخرى في شمال قطاع غزة هربا من القصف ثم توجهت إلى جنوبه.
ونجحت أبو شرخ (43 عاما) في توفير عدة لترات من الماء لغسل ملابسها وملابس عائلتها. وتقول لفرانس برس ووعاء الغسيل البلاستيكي بجانبها «لم تبق لدينا ملابس نظيفة، أستخدم الماء بحذر شديد حتى لا أهدره».
في الساحة نفسها حيث الخيم، تجلس هديل النجار، الأم لثلاثة أطفال بجوار طفلها الرضيع (أربعة شهور) وزوجها المبتورة ساقه، تحت بطانية مثبتة على لوح من الخشب بعد أن فرت العائلة من مخيم جباليا.
وتحمل السيدة طفلها الآخر وعمره عام ونصف العام، وتقول «لدي طفلان رضع والثلاثة يضعون حفاضات، وعدونا أن يعطونا خيمة حين يصل دورنا».
وتشير إلى طفلتها ذات الأعوام الخمسة وتقول «تعرضنا للقصف قبل عام. ابنتي ذات الخمس سنوات لديها ضمور في الدماغ بعد أن أصيبت في قصف إسرائيلي، تتبول على نفسها، لا تنام إلا بمنوم».
فجأة يسمع صوت غارة جوية قريبة، ويرتفع الدخان في السماء، بينما يصرخ أطفال مذعورون بصوت عال.
استهدفت الغارة منزلا على بعد مئات الأمتار. وبدأ عشرات المواطنين والمسعفين يحملون قتلى ومصابين، في محاولة لنقلهم الى مستشفى قريب.

 


بتاريخ : 21/10/2023