أحذية الصمت

 

قُلْتَ اللُّغَة؟
أُرَاهِنُ أَنَّهَا رِيشَاتُكَ الْمُتَطَايِرَةُ فِي الْقَلْبِ،
أَنَّهَا عَصَافِيرُكَ التِي تَنْقُرُ
بِأَظْفَارِهَا جُرُوحَكَ الْغَائِرَةَ.
أَتَقُولُ إِنِّي عَلَى خَطَأ، وَإِنَّ
رِهَانَ الْجَسَدِ خَاسِرٌ، وَإِنِّي لَا أَمْلِكُ
شَيْئًا مِنْ مَوْتِكَ؟
رُبَّمَا أَلْبَسُ أَحْذِيَةَ الصَّمْتِ
وَأَرُوحُ أَطْرُقُ دَرْبَ الْأَبَدِيَّةِ،
وَحِينَهَا لَنْ يَسْمَعَ بِمُرُورِي أَحَدٌ
وَأَكُونُ سَمَاءً صَغِيرَةً بِنَجْمٍ
وَاحِدٍ مُنْطَفِئٍ، وَأَكُونُ
وَقَفْتُ عَلَى حَافَةِ أَصَابِعِي
عِنْدَ أَطْرَافِ النِّسْيَانِ.

مِنْ حُسْنِ حَظِّكَ أَنَّ الْكَلِمَةَ لَمْ تَكُنْ
مُمْتَلِئَةً وَلَا فَارِغَة،
وَلَا حَتَّى دُولَابًا مِنْ حَديدِ يَجْعَلُ
أَصَابِعِي تُدِيرُ مِفْتَاحًا ذَبُلَتْ
فِيهِ ذِكْرى وَحِيدَةً عَنِ الْبَابِ.
لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ سَبَبٍ يَدْعُوكَ
لِعَدَمِ لَمْسِ الْأرْضِ، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ
مِنْ سَبَبٍ لِئَلَّا تَمِيلَ إِلَى الْأَحْجَارِ
الْمَطْلِيَّةِ بِفَوْضَاك، ذَلِكَ أَنَّ عُرُوقَكَ
المحَزَّزَةَ كَانَتْ تَبْحَثُ عَنْ أَعْوَادٍ،
تَسْتَطِيعُ أَنْ تُضَحِّيَ
بِتِلْكَ النَّارِ الْمُشْتَعِلَةِ فِي الْقَلْبِ،
لَكِنِيّ لَمْ أَفْهَمْ لِمَ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ
بِأَعْوَادِي الصَّغِيرَةِ التِي جَفَّتْ
فِي آخِرِ النَّهَارِ، وَلَمْ تَعُدْ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ
غَيْرَ تَرْتِيبِ سَرِيرٍ أَضَعُ
عَلَيْهِ كَوَابِيسِي وَأَنَام.
أَنَامُ فَقَطْ،
دُونَ أَنْ أَكُونَ مُضْطَرًّا لِمُوَاجَهَةِ
رِهَانِكَ الْمَوْجُودِ عَلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى،
ذَلِكَ لِأَنِّي لَا أَمْلِكُ لَا الْوَقْتَ
وَلَا الْقَدَمَيْنِ لِلسَّيْرِ إِلَيْهِ.


الكاتب : محمد العرابي

  

بتاريخ : 17/07/2020