أرباح شركات المحروقات بالمغرب تتجاوز 80 مليار درهم رغم تراجع أسعار النفط دوليا

 

في ظل التراجع الحاد لأسعار النفط في السوق الدولية، والذي تجلى مؤخرا في هبوط أسعار خام برنت بأكثر من 3% خلال التداولات الآسيوية، يعود الجدل مجددا حول السياسة التسعيرية للمحروقات في المغرب، وخاصة في ما يتعلق بالأرباح الطائلة التي تجنيها شركات التوزيع في الوقت الذي يرزح فيه المواطن تحت وطأة أسعار لا تعكس بتاتا الواقع العالمي. فعلى الرغم من إعلان تحالف أوبك+ عن زيادة إنتاجه بواقع 411 ألف برميل يوميا في يونيو – أي نفس مستوى الزيادة في ماي – ما أدى إلى الضغط على الأسعار الدولية للخام، لا تزال شركات المحروقات في المغرب تواصل بيع الغازوال والبنزين بأسعار مرتفعة تفوق بكثير كلفتها عند الاستيراد.
المعطيات المتوفرة تشير إلى أن تكلفة استيراد لتر واحد من الغازوال أو البنزين إلى الموانئ المغربية لا تتعدى في الفترة الأخيرة خمسة دراهم، في ظل تراجع الأسعار العالمية واستقرار نسبي في سعر صرف الدولار. غير أن المستهلك المغربي يضطر إلى دفع ما بين 8.89 دراهم للغازوال و10.52 دراهم للبنزين، وهو ما يعكس فجوة تسعيرية تثير الكثير من التساؤلات. هذه الفجوة تتوزع بين ضرائب مرتفعة – تبلغ حوالي 3.5 دراهم للغازوال و4.7 دراهم للبنزين – وهوامش ربح غير مبررة تتقاضاها شركات التوزيع، والتي تفوق في بعض الحالات أربعة أضعاف الهامش المعتمد قبل تحرير القطاع نهاية سنة 2015.
الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول يعتبر أن الأرباح التي تحققها هذه الشركات باتت توصف بالفاحشة، إذ تجاوزت بحسب التقديرات الرسمية وغير الرسمية عتبة 80 مليار درهم منذ تحرير الأسعار، وهو رقم صادم بالنظر إلى هشاشة الاقتصاد الوطني وضعف القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين. فعندما يحقق الفاعلون في القطاع أرباحا ضخمة على حساب جيوب المستهلكين، ويستمرون في تسويق خطاب تبريري قائم على «حرية السوق» و»العرض والطلب»، بينما يتجاهلون المعطيات الحقيقية للسوق الدولية، فإننا نكون أمام اختلال عميق يتطلب تدخلا فوريا من طرف الدولة.
كما أشار اليماني إلى أن هذه الأرباح غير المبررة تهدد استقرار الاقتصاد الوطني وتزيد من معاناة المواطنين الذين لا يتناسب دخلهم مع الارتفاع المستمر في الأسعار. ويضيف اليماني أن الوضع يزداد حدة حين نضع في الاعتبار أن هذا الربح المفرط يتم في سياق اجتماعي واقتصادي صعب، يتسم بغلاء المعيشة، وتدهور الخدمات العمومية، وتراجع القدرة الشرائية، في وقت لا يزال فيه الحد الأدنى للأجور بالمغرب لا يتجاوز خُمس نظيره في أوروبا. أما الادعاء بأن الأموال التي كانت تخصص لصندوق المقاصة يعاد توجيهها نحو القطاعات الاجتماعية، فقد أصبح محل شك واسع، بالنظر إلى التراجع الواضح في أداء قطاعات الصحة والتعليم والنقل، وهي الركائز الأساسية لأي مشروع حقيقي للدولة الاجتماعية.
من جهة أخرى، فإن عودة الدولة إلى لعب دورها الطبيعي في ضبط الأسعار وتنظيم السوق أصبح ضرورة وطنية ملحة، لا مجرد خيار اقتصادي. وتبرز في هذا السياق ضرورة إعادة تشغيل مصفاة «سامير» كمؤسسة استراتيجية قادرة على لعب دور محوري في ضمان الأمن الطاقي الوطني، وتوفير المواد البترولية بأسعار تتماشى مع التكاليف الحقيقية، بعيدا عن جشع المضاربين وممارسات الاحتكار التي أخلّت بتوازنات السوق.


الكاتب : عماد عادل 

  

بتاريخ : 19/05/2025