أربعينية الفقيد مولاي المهدي العلوي في مقر الحزب بالرباط

يحتضن مقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بحي الرياض بالرباط، يوم الخميس 10 يوليوز2025 في الساعة الخامسة مساء، الذكرى الأربعينية لرحيل الفقيد مولاي المهدي العلوي، القيادي الاتحادي، وأحد صناع لحظة تأسيس الحركة الاتحادية، ومن الذين يجسدون، عن حق، ومن موقع النضال الوطني قبل الاستقلال وبعده، تجربة نضالية دامت عقودًا، ومقاربة دبلوماسية متزنة في أحلك مراحل التاريخ المغربي الحديث.
فلم يكن المهدي العلوي، رفيق المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمن اليوسفي، مجرد مناضل عابر، بل كان ينتمي إلى جيل تميز بوعي سياسي عميق وحس وطني صلب. جيل التزم بقضية المغرب بكل أبعادها، من التحرر الوطني إلى بناء الدولة الحديثة. إذ رافق قادة حركة الاستقلال، وكان في قلب الحدث مع المهدي بن بركة، وشارك في مراحل حرجة من الصراع ضد الاستعمار، وخاض في مظاهرات كثيرة مع شباب حزب الاستقلال من أجل عودة الملك محمد الخامس إلى عرشه، وكان في طليعة الوطنيين الذي تحلقوا حول الملك في منفاه بكورسيكا.
وقد تعرض للاعتقال في قضية ما أصبح يعرف بـ»مؤامرة 1963»، وذلك في ظل تصاعد التوتر بين الدولة والحركة الاتحادية، وذلك بعد أن حقق حزب الاتحاد نتائج باهرة في انتخابات 1963، مما فتح شهية «الداخلية» لتُكَشّر عن أنيابها من جديد، وتبحث عن أقصر الطرق لاختراق هذا الحلف، الذي قد يهيمن على العملية السياسية ويجهض مخططات الاستفراد بالحكم.
ورغم ذلك، حافظ العلوي على توازنه النفسي، ولم يتأثر بالأجواء الملبدة بالشك والعداوات. كان يعرف جيدًا متى يكون في موقع التحدي، ومتى يكون في موقع الحوار والتفاهم.
في المجال الدبلوماسي، جسد الفقيد مولاي العلوي معنى الحكمة والرصانة. ذلك أنه كان سفيرًا لروح المغرب وتاريخه، يحمل على عاتقه الدفاع عن وحدة الوطن وترابه بكل هدوء وحزم. عبر المحافل الدولية، إذ كان صوته هادئًا لكنه ثاقب، يعبر عن مواقف واضحة مدعومة بحجج قوية، بعيدًا عن التصعيد اللفظي.
هذه القدرة على الموازنة بين مواقف الحسم والمرونة جعلته شخصية محورية، محبوبة من أصدقاء السياسة ومن خصومها، لا لأنه كان خاملًا، بل لأنه كان صادقًا في مواقفه، وحريصًا على خدمة وطنه أكثر من خدمة أي حزب أو جهة.
اتسمت شخصية العلوي بصدق النوايا ووفاء لحزب الاتحاد، حتى وهو يخوض التجربة الديبلوماسية بطلب من الملك الراحل الحسن الثاني الذي عينه في سياق حاسم ممثلا للمملكة المغربية في الأمم المتحدة. كما أنه لم يكن من الذين يتاجرون بالتاريخ أو يستغلون النضال السياسي لأهداف شخصية أو استمرارية في المناصب. كان دائمًا يحمل همّ الوطن، ويؤمن بأن خدمة الوطن تتطلب تضحيات وصبرًا وتواضعًا.
وقبل هذا وذاك، عاش المهدي العلوي حياته الحزبية، منذ لحظة التأسيس، بوصفه صوتا للعقل الذي يدعو إلى الوحدة والاتحاد، ويحذر من مخاطر الاستقطاب والانقسام. كما كان يؤمن أن الاستقرار السياسي والتقدم الوطني لا يأتيان بالاحتقان، بل بالحوار والاحترام المتبادل.


بتاريخ : 08/07/2025