تتسبب في وفيات، حوادث مختلفة، وأزمات صحية متعددة
تواصل الأنواع المختلفة من المفرقعات والشهب الاصطناعية غزو الأزقة والأحياء في مختلف المدن، خاصة الكبرى منها، كما هو الحال بالنسبة لمدينة الدارالبيضاء. ويرتفع دوّي أصوات «الانفجارات» بشكل أكبر تزامنا والاحتفالات بمناسبة عاشوراء، التي يكثر فيها الإقبال على هذه المفرقعات و»الألعاب النارية» المختلفة التي يربطها البعض قسرا بهذه المناسبة ويجعل منها أحد طقوسها الرئيسية، بالرغم من كل المخاطر التي قد تتسبب فيها، والتي كانت المنازل والشوارع مسرحا لها خلال كل السنوات الفارطة، بالنظر لفداحة الحوادث والخسائر التي تترتب عن هذا الاستعمال العشوائي وغير القانوني؟
مفرقعات، باتت في متناول الصغار والكبار، تباع أمام العلن وتمنح لكل من يدفع ثمنها، بالرغم من كل المجهودات الأمنية التي تبذل كل سنة في مثل هذا الوقت لمحاولة محاصرتها وتطويق انتشارها، إذ يتم حجز كميات ليست بالهيّنة، لكن ومع ذلك تتسرب هذه المفرقعات بشكل أو بآخر إلى مختلف الأزقة والأحياء، ليجعل منها البعض أداة للاحتفال بعيدا عن الغير، في حين يحوّلها البعض الآخر إلى «سلاح» للمواجهات، كما وقع في مدينة المحمدية حيث فارق الحياة طفل يبلغ من العمر 13 سنة متأثرا بمضاعفات إصابته بأحد هذه الشهب «القاتلة».
وباتت عاشوراء لحظة ضيق وإزعاج بالنسبة للكثير من المواطنين الذين ضاقوا ذرعا من الممارسات الصبيانية والطائشة لمستعملي المفرقعات، وفقا لتعبير العديد من المواطنين الذين التقتهم «الاتحاد الاشتراكي»، الذين عبروا عن استغرابهم لحجم قوّة مستوردي هذه «الألعاب» التي تفوق قوة وإمكانيات الجمارك بحيث تتمكن من ولوج التراب الوطني بشكل سهل. ويبرّر المتحدثون قولهم بالتأسيس على حجم حضور «الألعاب النارية» في الشارع العام، والاستدلال بالأعداد التي تحجزها المصالح الأمنية بين الفينة والأخرى، التي ورغم ذلك لا تستطيع كبح جماح هذا «الغزو المفرقعاتي»، الذي يقض مضجع المواطنين ليلا، خاصة وأن عددا من مستعمليها لا يجدون حرجا في إطلاقها نحو السماء بعد منتصف الليل، كما يقع في أزقة كثيرة بدرب السلطان في الدارالبيضاء، غير عابئين بالنائمين وبالمرضى وبالرضع وبالحوامل وغيرهم، الذين يمكن أن يكون لدوّيها المفاجئ تبعات مختلفة عليهم؟
ودعا عدد من المواطنين في تصريحات للجريدة إلى التعامل بحزم حقيقي مع ولوج المفرقعات والشهب الاصطناعية إلى داخل التراب الوطني، خاصة وأن هذا المطلب يتكرر كل سنة، ورغم كل النداءات فإن الأزقة والأحياء تشتعل أمام مرأى ومسمع من الجميع، متسببة في اندلاع حرائق وفي إصابات بعاهات مستديمة أو حروق متفاوتة الخطورة، فضلا عن إضرام النيران داخل الشقق وفي مختلف الفضاءات، كما وقع في حي الأمل بالفداء مرس السلطان، خلال سنة خلت، حين ولجت مفرقعات شقة من نافذتها التي كانت مفتوحة فاشتعلت الشقة اشتعالا.
تداعيات وتبعات، تتعدد ما بين حالات الموت، كما وقع في المحمدية، وحوادث مختلفة مادية، دون إغفال التبعات الوخيمة على الصحة، على مستوى الجهاز التنفسي لمن يعانون من الربو وصعوبات في التنفس وعلى أعضاء أخرى في الجسم، حيث أكدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة في هذا الصدد على أن استعمال المفرقعات والألعاب النارية المختلفة يتسبب في أضرار خطيرة لدى مستعملها أو للمواطنين في أجزاء مختلفة في الجسم، خاصة الأطفال، ومنها التشوهات كالحروق في جفون العين، حيث تصاب العين بحروق أو تتعرض لدخول أجسام غريبة فيها، وقد يؤدي هذا الأمر إلى فقدان كلي للعين، أو تتسبب في عاهات مستدامة على مستوى السمع، كالصمم الجزئي أو الكلي، أو إصابات وحروق وجروح في اليدين، وإصابات على مستوى الوجه، وقد تصل إلى حروق من الدرجة الثانية أو الثالثة في الجسم قد تؤدي إلى عجز مزمن. وحذّرت الشبكة كذلك من تهديدات هذا الاستعمال التي قد تتسبب كذلك في إضرام النيران في المنازل والمعامل والغابات، منبّهة إلى هذه المفرقعات وغيرها تتكون من مكونات كيميائية لها خطورتها مثل البارود والكبريت والرصاص والنحاس والزئبق والزنك وغيرها من المواد المشعة، منبّهة كذلك إلى ممارسات أخرى مرتبطة بـ «طقوس» عاشوراء، المتمثلة في إشعال الإطارات المطاطية التي يمكن أن تتسرب إلى الفرشة المائية وان تتسبب بأدخنتها في تلوث الهواء واختناق الأشخاص، وأن تشكل بشكل عام خطرا على الإنسان والحيوان.
وتناشد العديد من الأسر المصالح المختصة لتكثيف جهودها من أجل القطع مع العديد من الممارسات الشائنة التي باتت ملتصقة بـ «عاشوراء»، والتي تشكل تهديدا صريحا لصحة وسلامة الجميع، مؤكدة على أن هذا الوضع غير السليم والمعتلّ بات يفرض نفسه بقوة على الجميع، بالرغم من المخاطر المختلفة التي تترتب عنه، إذ في الوقت الذي يحقق فيه تجار المفرقعات والشهب الاصطناعية والألعاب النارية المختلفة مكاسب مادية مهمة، فإن وقع وتبعات استعمالها يتسببان بالمقابل في نتائج وخيمة تتطلب حزما وتعاطيا مسؤولين لحماية أمن وسكينة المواطنين.