أزمة اتحاد كتاب المغرب.. بين التنظيمي والشخصي

في مؤتمر الرباط ما قبل الأخير (2012)، كان الرهان تنظيميا، بتغيير نمط انتخاب الرئيس. فبعد أن ظل انتخاب الرئيس يحصل، من قبل المكتب التنفيذي، صار هذا الرئيس ينتخب من قبل المؤتمرين، مباشرة، ومن داخل قاعة المؤتمر. هذا التغيير في نمط الاقتراع، جاء جوابا عن الأزمة المستفحلة التي شهدتها رئاسة الأستاذ عبد الحميد عقار.
تحكم أعضاء المكتب التنفيذي في الرئيس، بحكم حتمية انتخابهم إياه، عجل بتغيير نمط الاقتراع، حتى تتم تقوية الرئاسة، بجعلها قادرة على اتخاذ القرار من جهة، وتذويب خلافات الأعضاء من جهة ثانية. غير أن ما لم يكن في الحساب، جراء تبني نمط الاقتراع الجديد، هو بروز استبداد جديد: استبدااد الرئيس بالقرار دون باقي الأعضاء.
إن الأزمة المزدوجة، التي عرفها اتحاد كتاب المغرب لأكثر من عقد، يمكن اختزالها في الخلاصة/ القاعدة التالية: لا ديمقراطية بدون ديمقراطيبن.
إن النصوص، مهما كانت متقدمة في روحها الديمقراطي، فإن لا قيمة لها، إذا لم يسهر على تطبيقها ديمقراطيون، مؤمنون بالتداول على تدبير القرار،  تناوبيا وجماعيا.
لقد كانت الخشية، في مؤتمر الرباط، بعد تغيير نمط الاقتراع، أن تفرز «قاعة المؤتمر» رئيسا «مفاجئا»، بوسعه تبني الخيارات الشخصية، على حساب الخيارات الديمقراطية الجماعية. وبالفعل، هذا ما حصل مع الأخ عبد الرحيم العلام، الذي كان طرفا رئيسا في أزمة «الاتحاد»خلال عقد ونصف: الانقلاب على رئاسة عقار في الأولى، وتهميش المكتب التنفيذي في الثانية.
إذن، تبدو الأزمة، في ظاهرها تنظيمية، لكن برهانات شخصية. وهكذا، بدل أن يضرب الكتاب دروسا ديمقراطية للسياسيين، بات هؤلاء أسوأ النماذج في تدبير الشأن العام، وفي منظمة ثقافية كل رأسمالها رمزي. وبذلك، يكون سحر «الثقافي» قد تلاشى في مقابل سطوة «السياسي»، من منطلق تآكل طهرانية المثقفين، نتيجة أدوارهم المفترضة، في التنوير والتحديث والدمقرطة، داخل المجتمع.
لم تبلغ ولاية، من ولايات اتحاد كتاب المغرب السابقة، من السوء، ما بلغته مع ولايات الأخ عبد الرحيم العلام. وإن كان مظهر الأزمة تنظيميا، فإن جوهرها شخصي. وإذا شئنا اختزال الأزمة، وتبسيطها إلى حد مقبول، قلنا إن معضلة الرئيس السابق- الحالي تتمثل في عدم التسليم بانتهاء ولايته، ومن ثم إيداع مفاتيح الاتحاد إلى رئيس جديد.
تأجيل عقد المرتمر، عبر تمديد الولاية إلى ولايتين، بشكل قصدي وانفرادي، كان «الخطة» إلى السيطرة على الاتحاد، وبالتالي جعله يتحلل داخليا. كما أن الإصرار على عدم تسهيل التناوب الديمقراطي على تسيير شأن المنظمة، في انتظار الحسم في مصير «دار الفكر»، بالنسبة لبعضهم، أيضا، كان «العقدة» الرئيسة، مهما حاول الرئيس تغطيتها بافتعال النزاعات التنظيمية العقيمة.
في ظل انحسار منظمات المجتمع المدني، من جراء عدة تحولات جذرية، مست الممارسات السياسية والاجتماعية والثقافية، وفي ظل انتشار وسائل التواصل والتعبير الجديدة، أضحى «الاتحاد» غريبا في محيطه، مفتقدا جزءا مهما من أدواره الطلائعية التقليدية، التي كان يضطلع بها عادة.
من الممانعة للمقاربة الرسمية للشأن الثقافي، صار»الاتحاد» منكفئا على نفسه، يعيش صراعات شخصية «زعاماتية»، لا تنتهي إلا لتبدأ. وهكذا، بدل أن يقدم الكتاب البديل الثقافي، الحداثي والديمقراطي، صاروا يصدرون أسوأ النماذج، في غياب الديمقراطية والعمل المؤسساتي المنظم.
هل يشكل مؤتمر العيون الاستثنائي المفترض لحظة حاسمة للحل؟
لا أتصور أن يحدث ذلك، على الإطلاق، إلا بالجنوح إلى الحل الديمقراطي، مجسدا في انتخاب قيادة جديدة، تتحمل المسؤولية خلال ولاية انتقالية محددة. أما الإجابة عن استمرارية المنظمة، في ظل قراءة الواقع والممارسة الثقافيين، فسيكون التحدي الأكبر على هذه القيادة.


الكاتب : عبد الدين حمروش

  

بتاريخ : 10/01/2023