أزيد من 350 ضيفا من 60 جنسية ضمنهم رؤساء دول وحكومات وخبراء يختتمون أشغال «الحوارات الأطلسية»

اختتمت، مساء يوم الجمعة بمراكش، أشغال الدورة الحادية عشرة لمؤتمر “الحوارات الأطلسية” الدولي، وذلك بعد ثلاثة أيام من المناقشات المكثفة التي انخرط فيها ثلة من الخبراء رفيعي المستوى.
وفي تصريح للصحافة بالمناسبة، أكد كريم العيناوي، الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الذي ينظم هذا المؤتمر الدولي، أنه بعد 11 دورة، “تم إنشاء مجتمع بروح مشتركة”، مشيرا إلى أن نحو 60 بلدا و400 مشارك يبحثون، اليوم، تموقع المغرب في الحوار بين الشمال والجنوب.
وتميزت الجلسة الختامية لمؤتمر “الحوارات الأطلسية” بورشة مخصصة لـ “القادة الشباب”، حيث شارك 30 من هؤلاء القادة من 22 بلدا في دورات تكوينية حول الريادة أدارها خبراء رفيعو المستوى، في الفترة الممتدة من 11 إلى 13 دجنبر، وذلك قبل مشاركتهم الفعلية في المؤتمر.
وقد تم انتقاء هؤلاء القادة الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، من بين 1600 مرشح من 115 بلدا، للمشاركة في برنامج القادة الناشئين للحوارات الأطلسية.
وفي مداخلة بالمناسبة، دعت بولين باتيستا، إحدى المشاركات في هذا البرنامج، وهي مساعدة في الإنتاج الإعلامي بالأمم المتحدة ، إلى تعزيز إشراك الشباب في صنع القرار بشأن العديد من القضايا المتعلقة بمستقبل البلدان وكوكب الأرض، مشيرة إلى أن “الشباب ليس لديهم خيار سوى تولي دورهم كقادة لانتشال مجتمعاتهم من الفقر”.
وأوضحت باتيستا، وهي مواطنة برازيلية، أنه “عندما يأخذ بعض الشباب مصير مجتمعهم بأيديهم، يؤدي ذلك أحيانا إلى توترات تتعلق بالحكامة”.
من جهتها، قالت سيسيليا فيدوتو لاباستي، المكلفة ببرنامج أوروبا بمعهد مونتين في فرنسا، إن “الهدف الرئيسي هو خلق رابط وجداني بين الأجيال”.
وفي السياق ذاته، قال أمين الدرج، الشريك المؤسس والرئيس المدير العام لشركة “جذور”، إن “الجلوس على الطاولة ليس غاية في حد ذاته”.
وتابع المواطن المغربي-الفرنسي بالقول “المهم هو هذا الحوار بين الأجيال، من حيث نستمد الحكمة والطاقة”.
ازولاي‫:‬. المغرب يجسد وعود وآمال حداثة اجتماعية وثقافية مقابل تصدعات ومخاوف عابرة لعالم مجزأ
و أكد مستشار جلالة الملك، أندري أزولاي،، أنه “في مقابل التراجعات والتصدعات التي تعبر عالما م جزأ، يجسد المغرب وعود وآمال حداثة اجتماعية وثقافية”.
وأضاف أزولاي، في كلمة خلال الجلسة العامة للدورة ، أنه “تحت الريادة الملتزمة والإرادية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اختار المغرب، في بلاد الإسلام، أن يجعل من مشروعية وغنى كافة تنوعاته المحرك الرئيسي لتفرد مجتمعه وهويته”.
وأبرز أزولاي، الذي انتقد فقدانا للمعالم حول ما هو أساسي: العيش المشترك، احترام تنوع وعالمية قيم التضامن في عالم يعيش حالة استقطاب، “استمرارية، وتماسك ومرونة الإصلاحات التي ينفذها المغرب”.
وأضاف أن “هذه الإصلاحات مكنت بلادنا من مواجهة، بوعي وعزم، الأزمات المالية، والصحية والدولية التي أضعفت، وأحيانا زعزعت النظام العالمي”.
وذكر بأن المغرب الذي “أدار ظهره للتراجعات، وللأفكار التي عفا عليها الزمن وللانطواء على الهوية” التي تنتعش في أماكن أخرى، “عرف كيف يوطد مجتمعا متحركا، في ظل التوافق والاستقرار، لتقديم إجابة هيكلية ومستدامة على التحديات الرئيسية لعصرنا”.
إثر ذلك، استعرض مستشار جلالة الملك، ضمن هذا الأفق، الأوراش التي باشرها المغرب بشكل استباقي، سواء تعلق الأمر بالدينامية غير المسبوقة لمخطط التنمية على المدى المتوسط والبعيد، والذي يستعد المكتب الشريف للفوسفاط لتفعيله، أوالاستراتيجية الإرادية التي أطلقها المغرب من أجل النهوض بحقوله من الطاقات المتجددة وتثمينها، مع بقائه في حالة تعبئة ليطور في المستقبل إمكاناته الاستثنائية من الهيدروجين الأخضر.
وأثناء حديثه أمام وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، هوبير فيدرين، أبرز مستشار جلالة الملك “الطابع الشامل والإدماجي للمشروع المجتمعي الذي اختار المغرب بناءه دون أن يدير ظهره لأساسيات تاريخه، وتقاليده وللتعددية التي غذت حضارتنا وصهرتها على مر القرون لتجسد اليوم، في منطقتنا، المرجع الأكثر اكتمالا لأمة تعيش في سلام مع نفسها والتي عرفت كيف تعزز، دون تردد ولاضغينة، ريادتها بواقعية ووضوح لمواجهة تعقد التحديات التي سيواجهها غدا”.

فيدرين : كنز ورثناه
من الماضي المشترك

من جهته، وصف فيدرين العلاقات التاريخية بين المغرب وفرنسا بأنها “استثنائية”، مضيفا أن “ظاهرة فريدة للعلاقات تطورت على مر السنين بين المجتمعين الفرنسي والمغربي، وبين النخب الفرنسية والمغربية، وكذا بين الطبقات الوسطى الفرنسية والمغربية في جميع المجالات”.
وقال إنه “كنز ورثناه من هذا الماضي المشترك”، مشيرا إلى أن “أزمات وقعت في بعض الأوقات، ولكن تم تجاوزها دائما”.
وفي هذا الصدد، أبرز فيدرين أنه على الرغم من الفوضى العارمة للعولمة، إلا أن هناك مجالات تظل فيها فرنسا والمغرب “شريكين جيدين”، مضيفا أن البلدين مدعوان إلى تحقيق إنجازات كبيرة معا في العقود القادمة.

يازوغ: مبادرة تروم خلق التآزر من أجل إفريقيا مستقرة

وأكد السفير المدير العام للعلاقات الثنائية والشؤون الإقليمية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فؤاد يازوغ، ن مؤتمر الدول الإفريقية الأطلسية يروم خلق أوجه التآزر لمعالجة المشاكل الاجتماعية وتحقيق الاستقرار والازدهار بالمنطقة.
وخلال جلسة عامة حول “المغرب والمحيط الأطلسي”، قال يازوغ إن البلدان الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي لديها إمكانات هامة في مجالات الطاقة والسياحة والخبرات الصناعية، معتبرا أنه “إذا خلقنا أوجه التآزر، فإنه سيكون بإمكاننا معالجة القضايا الاجتماعية وهشاشة القوى المركزية ببعض البلدان المستهدفة بالإرهاب والقرصنة وأشكال أخرى من الجرائم العابرة للحدود”.
وأوضح أن “المحيط الأطلسي لم يعد حاجزا لا يمكن تخطيه كما كان من قبل، بل أصبح بحرا صغيرا تعبره عدة ظواهر تتراوح من تغير المناخ إلى الجريمة العابرة للحدود وقضايا انعدام الأمن والإرهاب”، مسجلا أن المبادرة المغربية بشأن المحيط الأطلسي “تستوعب الإمكانات الهامة” التي تزخر بها المنطقة، والتي يتعين تطويرها.
وأشار السفير إلى أن المغرب اتخذ هذه المبادرة لأنه يمتلك أطول ساحل على المحيط الأطلسي، لكنه لا يسعى إلى الريادة المطلقة، مشددا على موقف المملكة “كبلد إفريقي من بين بلدان إفريقية أخرى، تسعى إلى خلق أوجه التآزر ودعوة البلدان إلى الانخراط في هذا التعاون الإفريقي-الأفريقي”.
وفي السياق ذاته، أكد يازوغ أن مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب من أبرز المبادرات في هذه المنطقة، والتي من شأنها تعزيز التنمية الاجتماعية والصناعية والثقافية من خلال ربط جزء كبير من القارة الإفريقية.
وتابع بالقول “إننا على يقين من أن هذا المشروع سيثير اهتمام العالم أجمع، ويحظى بالفعل باهتمام كبير سواء في أوروبا أو في أمريكا أو لدى المانحين بشكل عام. ولن يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى يصبح حقيقة واقعة في القريب العاجل”.
وخلص يازوغ إلى أن الهدف الأهم لهذا التعاون يتمثل، أساسا، في “الانخراط مع جيراننا على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي في حوار مكثف وفي برنامج عمل لاستكشاف جنوب المحيط الأطلسي”.

رؤساء دول سابقون : النهوض بالتعاون بين إفريقيا وأمريكا الجنوبية

أكد رؤساء دول سابقون في أمريكا الجنوبيةعلى أهمية “الحوارات الأطلسية” في النهوض بشتى أوجه التعاون بين إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وخلال جلسة عامة بعنوان “البحث عن أمريكا لاتينية موحدة.. فرص التغيير”،، ثمن رؤساء سابقون لبلدان كل من الأرجنتين وبوليفيا والإكوادور الدور الذي يضطلع به المغرب من أجل تعزيز التعاون والاندماج بين القارتين.
وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس السابق للأرجنتين، فيديريكو رامون بويرتا، عن سعادته بالمشاركة في هذا المؤتمر الدولي، “الذي يسهم في تحفيز تبادل الأفكار والتجارب”، مبرزا أهمية “الحوارات الأطلسية” في تعزيز الروابط بين الضفتين، وذلك بغية النهوض بمصالح شعوب هذه المنطقة.
كما شدد بويرتا على أهمية تنظيم المغرب لهذا النوع من اللقاءات، منوها، في هذا الإطار، بالدور الذي تضطلع به المملكة في النهوض بمختلف جوانب التعاون بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية وتغيير الدينامية الجيو-استراتيجية التي كانت سائدة خلال العقود الأخيرة.
وأضاف قائلا “نحن بحاجة إلى أن يضطلع المغرب بدور صلة الوصل في الفضاء الأطلسي، وذلك بالنظر إلى الموقع الهام الذي يتمتع به وإلى ما يمثله في القارة الإفريقية”.
من جهته، نوه الرئيس السابق لبوليفيا، خورخي توتو كيروغا، بتنظيم المغرب لهذا المؤتمر الدولي “لأننا بحاجة إلى مثل هذا النقاش في المجتمعات المدنية والمقاولاتية والاقتصادية وفي أوساط القادة الشباب والنساء لدفع الحكومات إلى تعزيز الاندماج”.
ودعا كيروغا، في هذا الصدد، إلى جعل هذا الملتقى فضاء أطلسيا يسهم في الرفع من المبادلات التجارية والدفع بالاندماج، لا سيما بين القارتين الإفريقية والأمريكية الجنوبية.
وشدد على ضرورة اغتنام مثل هذه الحوارات لخلق روابط فرعية في الفضاء الأطلسي، وعدم الاضطرار إلى المرور عبر الشمال لتعزيز هذا الترابط بين شعوب الضفتين.
من جهة أخرى، قال الرئيس البوليفي السابق إن الاهتمام بهذا المؤتمر الدولي سيتضاعف بشكل كبير، بفضل الأداء القوي الذي قدمه المنتخب المغربي في كأس العالم، داعيا المغرب إلى للاستفادة من هذا الإشعاع الوطني الفريد من نوعه.
من جانبه، أكد الرئيس السابق للإكوادور، جميل معوض، على أهمية هذا الملتقى الدولي الهام الذي “يتجسد في آفاق التعاون الدولي في عالم متحور”، مؤكدا على ضرورة تعزيز الحوار الأطلسي لمجابهة التغيير في الباراديغم الذي يعيشه العالم في الوقت الراهن.
وأبرز معوض أنه في ظل هذا العالم المتحور، يتعين توطيد أوجه التعاون للحيلولة دون تفاقم الاستقطاب الدولي، لافتا إلى الدور المحوري الذي يضطلع به المغرب في إرساء مفهوم الفضاء الأطلسي المشترك.
وشارك في هذا اللقاء رفيع المستوى، المنظم من 14 إلى 16 دجنبر الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، حول موضوع “آفاق التعاون الدولي في عالم متحور.. الفرص المتاحة في المحيط الأطلسي الموسع”، أزيد من 350 ضيفا من 60 جنسية.
ومنذ إطلاقه سنة 2012، يسعى مؤتمر “الحوارات الأطلسية” الدولي إلى إخراج منطقة جنوب المحيط الأطلسي من عزلتها في النقاش الجيو-سياسي العالمي، وذلك بغية تسليط الضوء على إمكاناتها.
كما تهدف “الحوارات الأطلسية” إلى تعزيز النقاش بين الشمال والجنوب دون محاباة، وعلى قدم المساواة، من أجل بلورة حلول مبتكرة.
ميزت الدورة الحادية عشرة بإصدار النسخة التاسعة من تقرير “التيارات الأطلسية”. ويعرض هذا التقرير، الذي يعد الإصدار الرئيسي للمركز، والذي يحمل توقيع 13 مؤلفا من إفريقيا وأمريكا وأوروبا، دراسات تحليلية لخبراء من المحيط الأطلسي الأوسع حول موضوع يتماشى وذلك المخصص لهذه الدورة.


بتاريخ : 19/12/2022