أسعار الذهب الخام ترتفع فوق 750 درهما مدفوعة بإقبال واسع عقب «المصالحة الضريبية»

ثمن الذهب «المخدوم» في صناعة الحلي ارتفع إلى 850 درهما فما فوق

المغرب 67 عالميا في القائمة الدولية لاحتياطيات الذهب بـ 22.1 طنا

أسعار الذهب مرشحة لمزيد من الارتفاع خلال الشهور القادمة

شهدت أسعار الذهب الخام في المغرب ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة، حيث وصل ثمنه أمس الإثنين إلى 750 درهما للغرام، مرتفعا بحوالي 150 درهما مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، عندما كان سعره في حدود 600 درهم للغرام.
وتفيد معطيات حصرية حصلت عليها صحيفة “الاتحاد الاشتراكي” من مصادر مهنية موثوقة، أن أسعار الذهب تشهد ارتفاعا متواصلا منذ نهاية العام الماضي، ومرشحة لمزيد من الارتفاع مستقبلا، حيث ارتفع الطلب على المعدن الأصفر بشكل ملحوظ في السوق الوطني مباشرة بعد إعلان الحكومة عن تنزيل إجراءات المصالحة الضريبية. وأوضحت ذات المصادر أن أسواق الذهب بالمملكة، ما فتئت تشهد إقبالا واسعا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو ما كان له انعكاس مباشر على منحنيات أسعار سبائك الذهب الخام من عيار 18 قيراطا، التي وصلت حاليا إلى 750 درهما للغرام، أما ثمن البيع النهائي للعموم بالنسبة للذهب “المخدوم ” في صناعة الحلي والمجوهرات فقد ارتفع إلى 850 درهما فما فوق حسب جودة الصناعة.
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي في مارس 2025، يحتل المغرب المرتبة 67 عالميا في قائمة الدول الحائزة على احتياطيات الذهب، بامتلاكه 22.1 طنا من الذهب، ما يمثل 5.4% من إجمالي احتياطياته من النقد الأجنبي. هذا الاستقرار في حجم الاحتياطيات يُظهر التزام المغرب بسياسات نقدية متوازنة تهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني.
وتعتبر احتياطيات الذهب الوطنية من الركائز الأساسية التي تدعم استقرار الاقتصاد والسياسة النقدية لأي دولة. فهي تعزز الثقة في العملة الوطنية وتوفر حماية ضد التقلبات الاقتصادية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الذهب ملاذا آمنا في أوقات الأزمات، مما يجعله عنصرا استراتيجيا في سياسات البنوك المركزية.
على الصعيد العربي، تأتي احتياطيات المغرب من الذهب أقل من بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية التي تمتلك 323.1 طنا، ولبنان بـ286.8 طنا. ومع ذلك، يتفوق المغرب على دول أخرى مثل تونس التي تمتلك 6.8 طنا. هذه المقارنة تبرز موقع المغرب في المنطقة وأهمية استمراره في تعزيز احتياطياته من الذهب.
عالميا، تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول الحائزة على أكبر احتياطيات من الذهب بواقع 8,133.5 طنا، تليها ألمانيا بـ3,351.5 طنا، ثم صندوق النقد الدولي بـ2,814 طنا. هذا التوزيع يظهر التفاوت الكبير في احتياطيات الذهب بين الدول ويعكس سياسات نقدية مختلفة تعتمدها كل دولة وفقا لظروفها الاقتصادية.
في السنوات الأخيرة، ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتقلبات في الأسواق المالية، لجأت العديد من البنوك المركزية إلى زيادة مشترياتها من الذهب لتعزيز استقرار عملاتها وحماية اقتصاداتها من الصدمات الخارجية. فالذهب يعتبر ملاذا آمنا وأداة احتياط فعّالة ضد التضخم وتقلبات أسعار الصرف.
بالنسبة للمغرب، يعتبر الحفاظ على مستوى مستقر من احتياطيات الذهب جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي والنقدي. فاستقرار احتياطيات الذهب يساهم في تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني ويعطي البنك المركزي مرونة أكبر في مواجهة التحديات الاقتصادية المحتملة.
بالإضافة إلى دوره كاحتياطي نقدي، يلعب الذهب دورا مهما في تنويع محفظة الاستثمارات الوطنية وتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية التي قد تتأثر بتقلبات الأسواق العالمية. هذا التنويع يعزز من قدرة الاقتصاد على الصمود أمام الأزمات المالية ويوفر حماية أكبر للقيمة الحقيقية للاحتياطيات الوطنية.
وتظهر البيانات الحالية أن المغرب يدرك أهمية الذهب كأداة استراتيجية في سياساته النقدية والاقتصادية. ومع استمرار التقلبات في الاقتصاد العالمي، يبقى الحفاظ على احتياطيات ذهبية مستقرة ومدارة بحكمة عنصرا أساسيا في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وضمان مستقبل مالي مستدام.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 11/03/2025