أشبال الأطلس يكتبون التاريخ بفوز مستحق على إسبانيا واستعمال أول للبطاقة الخضراء في المونديال

حقق المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة فوزا ثمينا على نظيره الإسباني بهدفين لصفر في افتتاح مبارياته ضمن دور المجموعات لمونديال الشباب المقام حاليا بالشيلي، في انتصار اعتبره كثيرون تاريخيا لما يحمله من رمزية أمام منتخب يعد من كبار مدارس التكوين الكروي في العالم. اللقاء الذي جرى مساء الأحد الأخير جاء في أجواء تنافسية عالية، حيث بدأ أشبال الأطلس المواجهة بضغط مبكر عبر محاولات هجومية قادها ياسر الزابيري من الجهة اليسرى وعلي معمر من الجهة اليمنى، في وقت أبدى فيه لاعبو الوسط حضورا قويا من خلال الصادق والخليفي اللذين مدّا الخط الأمامي بكرات في العمق أربكت دفاع “لاروخا”. ورغم هذا الاندفاع المغربي فإن الحارس الإسباني تصدى لمحاولات عدة، فيما منح تدخل الحارس المغربي يانيش بنشاوش ثقة كبيرة لزملائه، خصوصا للثنائي الدفاعي باعوف وبختي اللذين ساهما في إغلاق الممرات أمام هجمات المنافس.
الشوط الأول انتهى بالتعادل السلبي رغم المنافسة القوية، غير أن المغرب دخل الجولة الثانية بذكاء تكتيكي أكبر حين ترك هامشا أكبر للإسبان للتقدم نحو مناطقه قبل أن يباغتهم في الدقيقة الخامسة والخمسين عبر الزابيري الذي سجل هدفا فتح شهية زملائه ودفع الإسبان إلى ارتباك واضح. وبعد ثلاث دقائق فقط استغل ياسين جاسم سوء تمركز الدفاع الإسباني ليضيف الهدف الثاني، وهو ما كان كافيا ليحسم الأشبال النتيجة ويصعب المأمورية على أبناء المدرب الإسباني. ومع تلقي شباكهم الهدفين فقد لاعبو إسبانيا الكثير من الثقة في أنفسهم، بينما ظل المغرب متماسكا في الدفاع ومنظما في الوسط وأكثر جرأة في الهجوم، مستفيدا من سرعة المرتدات وتوغلات فؤاد زهواني من الجهة اليسرى، كما تألق الحارس بنشاوش في صد فرص محققة عززت ثقة المنتخب الوطني.
المباراة عرفت لحظة فارقة في الدقيقة 78، حين أعلن الحكم عن ضربة جزاء لصالح إسبانيا، فبادر المدرب المغربي محمد وهبي إلى استعمال البطاقة الخضراء التي استحدثها الفيفا، ليصبح بذلك أول مدرب في بطولة رسمية كبرى يستخدم هذه الآلية الجديدة. البطاقة الخضراء تمنح للمدربين الحق في الاعتراض على قرار تحكيمي مصيري والمطالبة بمراجعة تقنية الفيديو، وقد استغل وهبي هذه الإمكانية ليجبر الحكم على العودة إلى الـVAR قبل استئناف اللعب. وبعد مراجعة طويلة، ألغى الحكم قراره الأول وأسقط ضربة الجزاء، بل وأشهر البطاقة الصفراء في وجه اللاعب الإسباني بداعي التحايل. هذه الواقعة منحت دفعة معنوية كبيرة لأشبال الأطلس، ودوّنت اسمهم في سجل تاريخ كرة القدم كأول مستفيدين من البطاقة الخضراء في المونديالات.
المباراة شهدت أيضا إلغاء هدف ثالث للمغرب بداعي التسلل في الدقيقة الثمانين، فيما واصل المدرب وهبي إدارة المواجهة بذكاء من خلال بعض التغييرات التكتيكية بإشراك بمسعودي مكان الزابيري والحداد مكان معمر، وهو ما منح جرعة إضافية من التوازن في الخطوط الثلاثة وساعد على امتصاص الضغط الإسباني في الدقائق الأخيرة.
هذا الفوز لم يكن مجرد ثلاث نقاط في بداية مشوار المونديال، بل شكل دفعة معنوية قوية للاعبين المغاربة الذين أظهروا انضباطا تكتيكيا وجرأة هجومية وثقة في النفس أمام منتخب من العيار الثقيل. كما أنه يرسل رسالة واضحة إلى باقي فرق المجموعة، خاصة البرازيل والمكسيك، بأن المغرب يملك جيلا واعدا قادرا على مقارعة كبار الكرة العالمية. الانتصار أمام إسبانيا أبرز أيضا أهمية العمل القاعدي الذي تقوم به الكرة المغربية في السنوات الأخيرة، وجعل المتابعين يتحدثون عن أشبال الأطلس باعتبارهم أحد المنتخبات التي يمكن أن تذهب بعيدا في هذه البطولة إذا واصلوا بنفس الروح والانضباط.


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 30/09/2025