أشبال الأطلس يواصلون الحلم.. المغرب إلى نصف نهائي المونديال بعد فوز باهر على أمريكا (3-1)

 

بأداء بطولي وحس تكتيكي رفيع، واصل المنتخب الوطني المغربي لأقل من عشرين سنة كتابة فصول ملحمته الكروية في سماء كأس العالم الجارية أطوارها في الشيلي، بعد أن أطاح بنظيره الأمريكي بثلاثة أهداف لهدف واحد، في مواجهة ربع النهائي التي احتضنها ملعب “إل تينيينتي” بمدينة رانكاغوا مساء الأحد. فوز مستحق جاء ليمنح “أشبال الأطلس” بطاقة العبور إلى المربع الذهبي، ويعيد إلى الأذهان إنجاز جيل 2005 الذي بصم على حضور تاريخي في المسابقة ذاتها.
منذ الدقائق الأولى بدا واضحا أن المنتخب المغربي دخل اللقاء بعقلية الانتصار، إذ لم يتردد لاعبوه في الضغط العالي وبناء الهجمات المنظمة من الخلف، مقابل حذر نسبي من المنتخب الأمريكي الذي حاول امتصاص حماس الأشبال بالاعتماد على الكرات الطويلة والهجمات المرتدة. ومع مرور الوقت، بدأت السيطرة الميدانية تميل تدريجيا لصالح رفاق القائد ياسين خليفي، الذين كثفوا من محاولاتهم الهجومية بحثا عن هدف يترجم أفضلية الأداء.
وجاءت الدقيقة الحادية والثلاثون لتعلن عن أولى لحظات الفرح المغربي، بعد هجمة منسقة انطلقت من الجهة اليسرى، تولى قيادتها المتألق سعد الحداد الذي مرر كرة عرضية صوب عثمان معما، فسددها الأخير لترتد أمام فؤاد الزهواني، الذي لم يتردد في إسكانها الشباك بلمسة فنية بديعة، مانحا المنتخب الوطني هدف السبق. هدف رفع منسوب الثقة في صفوف الكتيبة المغربية، لكنه حرّك في الوقت ذاته النزعة الهجومية لدى الأمريكيين الذين سعوا لتعديل النتيجة قبل صافرة نهاية الجولة الأولى، وهو ما تحقق لهم فعلا في الوقت بدل الضائع عبر ضربة جزاء نفذها بنجاح كول كامبل، لينتهي الشوط الأول بتعادل منطقي في الأداء والنتيجة.
ومع بداية الشوط الثاني، حاول المنتخب الأمريكي فرض أسلوبه بالضغط في وسط الميدان واستغلال المساحات خلف الدفاع المغربي، غير أن صلابة الخط الخلفي بقيادة إسماعيل باعوف ويانيس بنشاوش حالت دون ذلك، في وقت أبان فيه المدرب محمد وهبي عن قدرة كبيرة على قراءة مجريات اللقاء وتعديل النهج التكتيكي بما يضمن التوازن بين الدفاع والهجوم. ومن كرة ثابتة على مستوى الرمية الجانبية، تمكن فؤاد الزهواني من تمرير كرة طويلة داخل منطقة العمليات، استقبلها ياسير الزابيري وسددها بقوة لتصطدم بالمدافع الأمريكي جوشوا واندير وتغالط حارسه، معلنة الهدف الثاني للمنتخب المغربي في الدقيقة السادسة والستين. هدف زاد من ارتباك المنتخب الأمريكي الذي فقد توازنه الذهني أمام الانضباط التكتيكي للأشبال.
وفي الوقت الذي كان الأمريكيون يحاولون البحث عن منفذ للعودة، وجه ياسين جيسيم الضربة القاضية في الدقيقة السابعة والثمانين، بعد مرتد هجومي خاطف قاده البديل إلياس بومسعودي، الذي مرر كرة متقنة نحو جيسيم، فتمكن هذا الأخير من ترويضها ببراعة قبل أن يودعها المرمى الأمريكي بثقة المهاجمين الكبار، موقعا الهدف الثالث الذي ضمن للمغاربة تأهلا تاريخيا إلى نصف النهائي، تحت أنظار جماهير شيليّة تجاوبت بحرارة مع الأداء المغربي الجميل.
لم تكن فرحة اللاعبين بعد صافرة النهاية مجرد احتفال بانتصار كروي، بل ترجمة لروح وطنية عالية آمن أصحابها بأن الحلم ممكن متى توفرت الإرادة والتنظيم. فالمدرب محمد وهبي، الذي يقود هذا الجيل بخبرة وهدوء، أكد عقب اللقاء أن الهدف لم يتحقق بعد، مشددا على أن طموح المجموعة هو الوصول إلى المباراة النهائية والتتويج باللقب العالمي، بغض النظر عن هوية الخصم المقبل. وأوضح وهبي أن ما يميز هذا الجيل هو القتال من أجل القميص الوطني والانضباط داخل الميدان، معتبرا أن النتائج المحققة إلى الآن ليست سوى ثمرة مشروع رياضي متكامل أرسى دعائمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار رؤية بعيدة المدى لتأهيل كرة القدم الوطنية عبر البنيات التحتية الحديثة ومراكز التكوين المتطورة.
تصريحات اللاعبين بدورها حملت نبرة الفخر والمسؤولية، إذ عبر المدافع إسماعيل باعوف عن سعادته بهذا الإنجاز التاريخي، مؤكدا أن الهدف الآن هو المضي قدما نحو التتويج وإهداء اللقب للمغاربة كافة. أما المهاجم ياسين جيسيم، صاحب الهدف الثالث، فاعتبر الفوز على الولايات المتحدة محطة أساسية نحو تحقيق الحلم الكبير، بينما شدد ياسير الزابيري على أن الدعم الجماهيري والعائلي شكل حافزا معنويا كبيرا ساعدهم على تجاوز لحظات الضغط.


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 14/10/2025