أشهر الخرافات والأساطير : لغز المدينة الأسطورية (ز) واختفاء المستكشف «بيرسي فاوست»

الخرافات والأساطير مجرد اعتقادات أو أفكار قائمة على مجرد تخيلات دون وجود مسبب عقلاني أو منطقي مبني على العلم أو المعرفة، وترتبط هذه الاعتقادات بفلكلور الشعوب أو بالأنماط العليا للتفكير، حسب التحديد الذي وضعه لها جيلبيرت دوران، حيث إنها عادة تمثل إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال و قد تكون دينية أو أسطورية، أو ثقافية أو اجتماعية، وقد تكون شخصية ترتبط  ببعض الأفراد الذين يصنعون خرافاتهم بأنفسهم، أو يدفعون الآخرين المحيطين بهم إلى صنعها والتكتل حولها.

 

هناك عدد من المدن القديمة التي يعتبرها معظم المؤرخين والناس أنها محضّ اساطير، على الرغم من اعتقاد الكثيرين أنها كانت موجودة على الأرض قبل التاريخ المكتوب، وتواجدت في أماكن مختلفة من العالم، مثل المدينة الضائعة (ز) ومدينة أتلانتس Atlantis؟ وغيرها.
مدينة (ز) المفقودة مثل أتلانتس حظت بالكثير من الشهرة، وشدّ الكثيرون رحالهم إلى الغابات الكثيفة في الأمازون بحثاً عن ذلك المكان الغامض، ولعل أشهر شخص حاول البحث عن تلك المدينة المفقودة كان رجلاً يُدعى بيرسي هاريسون فاوستPercy Harrison Fawcett، وهو مستكشف بريطاني شهير حاول اكتشاف تلك المدينة منذ وقت طويل، والذي ظنّ أنها مخبأة منذ آلاف السنين في مكان ما في أدغال الامازون الوعرّة .
وفقاً للأساطير والثقافة الشعبية فإن مدينة (ز) المفقودة، تم بناؤها في العصور القديمة جداً من قِبل أحفاد شعب أتلانتس . حيث يُعتقد أن الأطلنطيين الذين نجوا من تدمير مدينتهم العظيمة ، فروا إلى عدد من المناطق المختلفة على الأرض وانتهي ببعضهم في الأمازون حيث استقروا هناك في نهاية المطاف .
اعتقد «فاوست» بوجود المدينة المفقودة (ز) بعدما عثر على وثيقة قديمة بعنوان «مخطوطة 512»- كانت محفوظة في مكتبة البرازيل الوطنية – ، حيث تم كتابتها من قِبل صائد الكنوز البرتغالي «جواو دا سيلفا غيماريش « والذي زعم أنه اكتشف أطلال مدينة قديمة عتيقة مسوّرة عام 1753، في منطقة «ماتو غروسو» في عمق غابات الامازون المطيرة، وتشبه اليونان القديمة، ووصف المدينة بأنها فخمة بها مباني متعددة الطوابق، وقناطر حجرية عالية، وشوارع واسعة تتجه نحو بحيرة، وكانت هناك حروف منحوته على الجدران والمعابد والتماثيل تشبه اللغة اليونانية أو الأبجدية الأوروبية القديمة والهيروغليفية المصرية، ولكنه فشل في تحديد موقعها بالضبط.
وقد سردت المخطوطة تفاصيل غريبة عن تلك المدينة، مثل اكتشاف حقيبة من العملات الذهبية تحمل صورة لرامي سهام وتاج . كما زعم أن النصوص الهيروغليفية موجودة في أماكن عديدة من أطلال المدينة، وتشبه بشكل غريب الحروف اليونانية والفينيقية . لكن تم رفض تلك الإدعاءات من قِبل علماء الآثار الذين يعتقدون أن الغابات لا يمكن ان تكون موطناً لمثل هذه المدن الكبيرة.. ولكن بالنسبة لفاوست كان هذا حقيقياً، لأن «فاوست» كان مهووساً بالمدن المفقودة، وقد وجد في تلك الوثيقة ما يمكن أن يقوده إلى تحقيق حلمه المذهل .
وقد كان المستكشف الأسباني «فرانسيسكو دي أوريانا» أول من غامر على طول نهر «ريو نيغرو» بحثاً عن هذه المدينة الأسطورية، بينما في عام 1925، وفي عمر 58، توجه المستكشف «بيرسي فاوست» إلى أدغال البرازيل للبحث عن مدينة مفقودة غامضة، وهو الذي أطلق عليها اسم (ز).
ففي عام 1906، دعت الجمعية الجغرافية الملكية فاوست لمسح جزء من الحدود مع البرازيل – والجمعية الجغرافية الملكية هي منظمة بريطانية ترعى الحملات العلمية – وقد أمضى فاوست 18 شهراً في منطقة «ماتو غروسو»، وكان يراوده هاجس الحضارات المفقودة في الغابات أثناء حملاته.
رحلات فاوست للبحث عن المدينة
قام « فاوست» بثمانيّ رحلات إلى غابات الأمازون المطيرة للبحث عن مدينة (ز) المفقودة، ثم اختفى خلال رحلته الثامنة في ظروف غامضة !
في عام 1912 وبدأ فاوست أول رحلة للعثور على (ز)، وبعد فترة قصيرة من بداية الرحلة، عاني هو وفريقه من صعوبات الغابة والحيوانات الخطرة والأمراض المتفشية، ولذلك خرجت الرحلة عن مسارها، لكن عزم فاوست على الرجوع للبحث عن مدينته الأسطورية في وقت لاحق من نفس العام، ولكن هذه المرة بدأ من باهيا Bahia بالبرازيل، وفي رحلة فردية، حيث سافر بهذه الطريقة لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يدركه الفشل مرة أخرى.
أما رحلته الثامنة والأخيرة فكانت ممولة بشكل أفضل من قِبل الصحف والجمعيات، مثل الجمعية الجغرافية الملكية، وكان فاوست متأكدا من أن رحلته ستنتهي باكتشاف المدينة الأسطورية.
انضم لتلك الرحلة صديق فاوست «رالي ريمبل» وابنه الأكبر البالغ من العمر 22 سنة «جاك»، واثنين من العمال البرازليين .
في يوم 29 مايو عام 1925، وصل فاوست وشركاؤه إلى حافة الأراضي غير المستكشفة من غابات الأمازون، حيث وجدوا أدغالاً لم يشاهدها أجنبي من قبل، وأوضح فاوست في إحدى رسائله التي أرسلها إلى الوطن بأنهم قاموا بعبور أعالي نهر «زينجو» في البرازيل – احد روافد جنوب شرق نهر الامازون – وأن الفريق قد وصل إلى مكان يُسمى « معسكر الخيل الميت» حيث قام فاوست بإرسال الرسائل من هذا المكان لمدة 5 اشهر، وبعد الشهر الخامس توقفت الرسائل تماماً.
وفي رسالته الاخيرة التي أرسلها إلى زوجته «نينا» أخبرها أنه «يأمل في اجتياز هذه المنطقة في غضون أيام قليلة، وأنه لا داعي للخوف من أي فشل..».
كان التخطيط للبعثة يقتضي استغراقها عاماً تقريباً حتى تعود، ولكن عندما مرّ عامان بدون أي خبر عن حملة فاوست، بدأ الناس بالقلق، وتم إرسال العديد من حملات البحث والإنقاذ التي سعت للحصول على إجابات، ولكن للأسف عانى الكثير منها من نفس مصير «فاوست» ورفاقه ، فأكثر من 100 شخص فقدوا حياتهم واختفى منهم الكثير بدون أثر في أدغال الأمازون خلال 13 حملة استكشافية للبحث عن فاوست وكذلك المدينة الأسطورية. وتقدم الآلاف من الأشخاص بطلبات للانطلاق في هذه الحملات خلال العقود القليلة الماضية ولكنهم لم يجدوا أية إجابة عن مصير جميع الحملات التي اختفت بمن فيها . بينما قال التقرير الرسمي من إحدى بعثات الإنقاذ أن « فاوست « صعد نهر كولولين وتم قتله بسبب قيامه بإهانة «زعيم هندي» – على الرغم من أن « فاوست «كان دائماً يتحدث عن الحفاظ على العلاقات الطيبة والإيجابية مع السكان الأصليين في المنطقة – بينما الاحتمال الآخر لسبب اختفائه، هو انه توفى هو وفريقه نتيجة الإصابة بمرض، أو بسبب الغرق. والاحتمال الثالث يزعم أنهم تعرضوا للسرقة من قِبل قطّاع طرق وقُتلوا . بينما النظرية الاغرب هي التي تدعي أن « فاوست « قد عثر بالفعل على مدينته الأسطورية، ولكنه فضّل البقاء هناك والعيش فيها ما بقى من عمره ، بدلاً عن إظهارها لوسائل الإعلام .
في عام 1952 ، أفاد السكان الأصليين من قبائل «كالابالو» في وسط البرازيل، أن بعض المستكشفين قد مروا من منطقتهم وتم قتلهم لتحدثهم بشكل سيء لأطفال القرية .وتُشير تفاصيلهم إلى أن الضحايا هم «بيرسي فاوست» و»جاك فاوست» و»رالي ريمبل».
وعقب هذا التقرير، قام المستكشف البرازيلي «أورلاندو فيلاز بواس» بالتحقيق في تلك المنطقة المفترضة حيث تم قتلهم، وقام باستعادة عظامهم البشرية، بالإضافة إلى الأشياء الشخصية بما في ذلك السكين والأشياء المعدنية الصغيرة..


بتاريخ : 04/06/2020