أصحابها ينتقون «بروفايلاتهم» لغايات «نفعية» .. ابتزاز، تحرّش وسلوكات مرضية متعددة تتربص بمستعملي مواقع التواصل الاجتماعي صغارا وكبارا

تعتبر «الحسابات الخاصة» على مواقع التواصل الاجتماعي، بمختلف أنواعها، من بين أكبر المخاطر التي تتهدد الأشخاص، خاصة الصغار واليافعين، إذا ما لم يتم استعمالها استعمالا سليما ومؤطرا، لأنهم قد يقعون ضحايا للعديد من المخاطر، التي تتجاوز ما يتعلّق بالإدمان الكبير عليها، إلى ما هو أعمق، باقتحام الحياة الخاصة، والتعرض للتحرش والاستغلال الجنسي والابتزاز وغيرها من المشاكل، التي تحرص المصالح الأمنية على التحسيس بها خلال اللقاءات التواصلية مع التلاميذ في المؤسسات التعليمية، نموذجا، علما بأنها تتطلب توعية أكبر ومستمرة، في البيت وخارجه.
حسابات يسعى البعض إلى أن يجعل من محتواها قيمة مضافة، مستقطبة للمتابعين المهتمين، في حين أن البعض الآخر حوّلها بغاية «الشهرة» إلى أداة للتتفيه ولنشر الجهل والخرافات، ولهدم القيم والأخلاق، مما يجعل منها سلاحا ذو حدين. هذه الظاهرة جعلت هذا النوع من الصفحات ينتشر أكثر فأكثر على مواقع التواصل الاجتماعي، باختلاف أسمائها وألوانها، التي تستقطب عددا من «الأصدقاء» أو لنقل المتابعين، الذي قد يصل أحيانا إلى الملايين.. بين دائم التواصل، أو مجرد «مستفيد» من صاحب الصفحة، لتعزيز منشوراته من حيث المشاهدة أو التعليق والإعجاب، لأجل رفع القيمة المالية للمحتوى، حيث ينتقي أصحابها «بروفايلاتهم» بعناية كبيرة، لجلب أكبر عدد من المتابعين، الذين قد تستقطبهم «الهوية البصرية» التي توحي بالكثير من الأشياء في عدد من الحالات.
وتختلف الصفحات من حيث العدد والكم من المتابعين، حسب صاحبها، ومجال عمله، واهتماماته، كنجوم الفن، والكرة، والسياسة ، الذين لا يحتاجون إلى مجهود لإنشاء محتوى قد يتطلب دراسة للمجال السمعي البصري والإبداع الفني، ويكتفي بصورة أو رد فعل في لقاء ما، من شأنه أن يشكل ( الترند) ويحتل المراتب الأولى من حيث المشاهدة، مما يعود على صاحبه بعائدات مالية ضخمة تعزز رصيده البنكي. كما نجد بالمقابل نوعا آخر من مستعملي المواقع الاجتماعية، لا يجيد حتى التعامل مع التطبيقات ويكتفي بتصوير أشياء، قد تبدو غريبة وتافهة، ليس لها توجه في إي مجال، ومن أجل غرابتها تجد لها من يتابعها، بل الأكثر من ذلك تتفوق على محتويات علمية مفيدة من شأنها تعزيز الرصيد المعرفي للمتتبع.
ومن سلبيات هذه المواقع أيضا نجد من «يبيع نفسه» و»يرخّصها» للمشاهد لكسب «اللايكات»، في «مشاهد روتينية» مسيئة للقيم والأخلاق، ومهدّمة لهما، الأمر الذي يفترض تعزيز الرقابة الأسرية على المحتويات التي تكون في متناول الصغار بالخصوص، حيث أصبحت بضع نقرات تفتح أبواب المجهول، وهو ما يتطلّب كذلك تلقين طرق الحماية عبر المقرر التربوي في المدرسة، وتعزيز وسائل الوقاية، وارفع من مستوى التوجيهين الاجتماعي والنفسي، والحرص على ملائمة القانون لهذا النوع من الجرائم الإلكترونية، مع ضرورة فرض المجتمعات على الشركات العالمية التي تتبنى هذه المواقع الاجتماعية نظاما داخليا يحمي «المستهلك»، وبالأخص الأطفال والمراهقين، من خلال تعزيز هذه التطبيقات بأنظمة تمنع هذه الفئة من التعرض لكل انتهاك وتجاوز، وفرض عقوبات في حالة حدوث ذلك، تحصينا وحماية للفئات الناشئة والهشة.


الكاتب : عزالدين زهير

  

بتاريخ : 26/06/2024