بمناسبة التئام القمة العادية الثالثة والثلاثين للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أعلن الإثنين المنصرم « 10 فبراير 2020 «، عن تتويج المغرب بجائزتين، إحداهما تخص « أفضل أداء في محاربة التغيرات المناخية «، بالنظر لما تمثله هذه الأخيرة من « تحد جسيم بالنسبة للقارة الافريقية الأكثر تعرضا لانعكاسات هذه الظاهرة «. خبر يجعل المرء وهو «يقرأ « الأصداء المصاحبة لانعقاد دورات فبراير العادية – هذه الأيام – للعديد من الجماعات الترابية، وطبيعة النقط المدرجة في جداول أعمالها – التي تجاوزت السبعين في بعضها – يتساءل « إن كان أغلب مدبري الشأن العام المحلي ، بوجهيه الحضري والقروي ، على امتداد جهات البلاد ، على وعي بأن عبارة « تأثيرات التغير المناخي « ليست مجرد جملة تتناقلها وسائل الإعلام للاستهلاك المؤقت، ولكنها باتت إكراها ضاغطا يستوجب الاستحضار الدائم قبل الإقدام على تسطير أي مخطط تنموي مستقبلي ؟».
تساؤل يستحضر، بالموازاة ، مآل خلاصات وتوصيات لقاءات متعددة ، سبق أن احتضنتها مدن عديدة ، ناقشت هذا الموضوع « المصيري « ، كما هو شأن لقاء بمدينة المرسى / العيون، تمحور حول « الجماعات الترابية وتحدي آثار موجات الحرارة المفرطة «، والذي شهد تقديم مداخلات لخبراء مغاربة وفرنسيين، حاولت تسليط الضوء على العلاقة بين «الواقع المناخي الجديد» و مجالات حيوية عديدة ضمنها «التعمير، البناء ، تصاميم التهيئة العمرانية … والصحة البيئية «، ثم لقاء آخر انتظمت فعالياته بالعاصمة الرباط يوم الأربعاء 13 يوليوز 2016، أشرفت على تنظيمه المديرية العامة للجماعات المحلية، تداول فيه المتدخلون، مسؤولون رسميون وخبراء ، «تحديات التغيرات المناخية « ، التي أضحى مسيرو الجماعات الترابية مطالبين بالاستعداد ل «مواجهتها «، وإعداد العدة «اللوجيستيكية « اللازمة لتفادي عواقبها الوخيمة .
استعجالية أخذ معطى «التغير المناخي» بعين الاعتبار ، تؤكدها الفواجع التي بدأت فصولها المؤلمة ترتسم في عز العطلة الصيفية، على خلفية تساقط أمطار طوفانية في شهري يوليوز أو غشت «المشهورين» بحرارتهما المرتفعة. ولعل مشاهد الفيضانات التي أودت بحياة ثمانية أشخاص بدوار تيزرت، جماعة إيمي نتيارت دائرة إيغرم – إقليم تارودانت، مساء الأربعاء 28 غشت 2019 ، بعد أن حولت سويعات استرخاء لمتابعة مباراة في كرة القدم إلى مأساة، لاتزال مشاهدها راسخة في الأذهان، والتي أثارت نقاشا بشأن صلاحية تموقع « الملعب « على مقربة من مسار واد ظل «نائما « لعقود بفعل توالي سنوات الجفاف؟
إنه «معطى» يستدعي رؤى جديدة تسندها الكفاءة العلمية المتخصصة، المدركة لاستعجالية وضع برامج استشرافية في مختلف «القطاعات « ذات الارتباط اليومي ب «الحياة اليومية « للمواطنين ، كما هو الحال بالنسبة لكل ما يتعلق ببرامج «التطهير السائل، معالجة المياه العادمة ، الإنارة العمومية، تدبير النفايات المنزلية وغيرها …
وفي السياق ذاته ، نستحضر هنا «الاتهامات» التي وجهت لبعض أساليب البناء والتعمير بمنطقة «الكوت داوزر» الفرنسية، التي داهمتها، قبل سنوات، في مختتم عطلة صيفية ، فيضانات مدمرة ، كان من الممكن، حسب تصريحات مهندسين معماريين ، خبراء في التوسع العمراني ، منتخبين ، إطفائيين ، جمعويين..، «أن تكون خسائرها أقل فداحة لولا حضور عامل سلبي أساسي تمثل في «تمدد الأسمنت» ، على حساب الأراضي المخصصة للمساحات الخضراء أو للنشاط الفلاحي…».
وبالنظر لوضعية مجموعة من المدن داخل جغرافيتنا، والتي دخلت في «سباق ضد الساعة»، من أجل تدارك الزمن الضائع تنمويا على أكثر من صعيد – وهو أمر لايمكن إلا تثمينه – ، يجد المتتبع نفسه مجبرا على «قراءة « هذا «السباق» بنوع من «القلق» ، وذلك على خلفية إقدام «جهات» مسيرة للشأن العام المحلي على منح تراخيص البناء والتشييد على حساب ابتلاع الهكتارات الشاسعة من الأراضي الفلاحية ، في أكثر من مدينة ، ل»تزرع « مكانها بنايات أسمنتية من مختلف الأحجام ، سواء القانونية منها أو العشوائية . بل حتى المساحات التي تخصصها تصاميم التهيئة لإنجاز مرافق خضراء – حدائق صغيرة مثلا – في أغلب مشاريع التجمعات السكنية «الاقتصادية»، يتم الالتفاف عليها، أحيانا ، لترتدي لبوس «الياجور» ، وتكون النتيجة مع أولى التساقطات الغزيرة ، سواء في موعدها «الشتوي»، أو خارجه ، هي حدوث الفواجع وإحصاء الخسائر البشرية منها والمادية ؟
أضحت معطى أساسيا في رسم الخطط التنموية : تحديات «التغيرات المناخية» تسائل «جداول أعمال» دورات الجماعات الترابية ؟
الكاتب : حميد بنواحمان
بتاريخ : 13/02/2020