أعمَقُ منَ الثَّلجِ

 

أَعْمَقُ مِنَ الثَّلجِ
أَعْمَقُ مِنَ الفَراغ

أعمقُ مِنَ الوَردةِ
تتركُ النَّحلةَ تلسَعُها الشَّمسُ
وتتركُ العسَلَ يَخذِلُها
في لِسانِ الظِّلِّ
وتَترُكُني لِلصَّمتِ مَخذولاً
ومُتمنِّعاً أيضاً من حَجَرِ الضّوءِ
وفي صَوتي أُحْصِي ضَحايا الطَّبقاتِ المَخذولةِ
ونُزوعَ الرِّياحِ إلى أعْشابٍ لا تُخمِدُها
يدُ الغريبةِ
ولا كِلابٌ تحرُسُ القِمَمَ منْ خَوفِها

لا أنامُ في الوَحدةِ
ولا أخرجُ لاصطيادِ القَمَرِ
بينَ فِجاجٍ مُوحِشةٍ

كُنّا هُناكَ
بينَ بياضِ الخديعةِ
وسِرِّ الفراغِ
في صُدورٍ ينقصُها أُكسِجينُ البَراري..

ذِئابُ الحُبِّ تَعوي في وحدَتِها
القمَرُ، الغَيمُ الذي يَتلوّى كأفْعَى
يفقدُ حَرارتَهُ
في لِسانٍ يَنشُدُ الشَّهوَةَ
إلى نَجمةٍ تُعلنُ حَتفَها في قَنْصِ المَسافاتِ..

اتركُ النافذةَ في اللَّيلِ لأحلامِها
وأرْكَبُ صَهيلَ الخَيْلِ،

الأعْماقُ ليْسَتْ
دائماً امرأةً
هناكَ حولَ العُنُقِ شَعَرٌ، وصَهيلُ خُيولٍ
لا أثرَ لها بينَ الشِّعابِ..

وأنا هُناكَ أسيرُ خُطايَ
النَّشيدُ امرأتانِ، في الدَّرَج غُرْبَةٌ
وفي العُزلَةِ فَيلقٌ مِنْ رَمادٍ
وفي يَدي مِنديلٌ..

أعمَقُ مِنَ الثَّلجِ
هذا الجَسَدُ
في الأعلى نِسيانٌ يُحلِّقُ في وَرَقةٍ
وفي الأسفلِ
ذاكرةٌ تنطُّ في مكانها كَفُقْمَةٍ
ونهرٌ يجري إلى نَبْعِهِ دَوماً كَذيلِ
أفعى لا يَموتُ
إلى أبَدْ!

لي رَغبتانِ
أنْ أنسى اليدَ على كَتفِ الضَّوءِ
دَمَ البدايةِ
في قميص آدمَ
وأنْ أُحبَّكِ كلَّ مرةٍ، كلَّ مرَّةٍ تكونُ الأخيرةَ
ولا أسْمَعُ ما تقولُهُ الأصداءُ.


الكاتب : جمال أماش

  

بتاريخ : 14/06/2024