المنتخب الوطني يحجز مقعده في ربع النهائي بأداء أقرب إلى المثالي

أفشل مخطط مالاوي في مباراة عرفت اكتساحا مغربيا 

انتزع المنتخب الوطني المغربي تأهل مستحقا إلى ربع نهائي كأس أمم إفريقيا، المتواصلة بدولة الكاميرون إلى غاية السادس من الشهر المقبل، بعدما أفشل مخطط مالاوي في صنع المفاجأة، مساء أول أمس الثلاثاء بملعب أحمدو أحيدحو، برسم ثمن نهائي المسابقة القارية.
ويدين المنتخب الوطني في هذا العبور إلى اللاعب المتألق أشرف حكيمي، الذي ضرب مجددا من ضربة حرة مباشرة، مكررا سيناريو مباراة الغابون، عندما أطلق قذيفة من 27 مترا، منح بها التعادل 2 – 2 لأسود الأطلس.
وحامت شكوك كبيرة حول قدرة القطار المكوكي المغربي على اللحاق بهذه المباراة، خاصة وأنه غاب عن حصتي السبت والأحد رفقة المجموعة الوطنية، بعدما تعرض لإصابة خفيفة، تمت معالجتها على وجه السرعة من طرف الطاقم الطبي الوطني.
وكانت الجماهير المغربية تتخوف من تكرار سيناريو دورة مصر 2019، عندما خرج رفاق مبارك بوصوفة من الدور الثاني على يد منتخب البنين، بالضربات الترجيحية، وهو السيناريو الذي كان أقرب للتحقق، بعدما فاجأ منتخب المالاوي العناصر الوطنية بهدف مبكر (الدقيقة السابعة)، استغل فيه المهاجم غابادينيو مهانغو، تقدم الحارس ياسين بونو عن مرماه، فأرسل قذيفة اخترقت الشباك المغربية.

الشخصية القوية للاعبين

أظهر لاعبو المنتخب الوطني مرة أخرى أنهم يتمتعون بشخصية قوية، حيث لم يتأثروا بالهدف المبكر وشنوا سيلا من المحاولات على مرمى حارس مالاوي، تشارلز طومو، وآمنوا بحقهم وقدرتهم على التسجيل، متحدين تألق الحارس، والحظ العاثر، وسوء الطالع الذي حرمهم من أهداف محققة، خاصة وأن العارضة الأفقية والقائم الأيمن للحارس رفضا هدفين مغربيين.
واكتسح المنتخب الوطني ملعب أحمدو أحيدجو طولا وعرضا، وبسط اللاعبون سيطرة مطلقة على المباراة، حيث فاق استحواذهم على الكرة 75 بالمائة، وحاصروا لاعبي منتخب مالاوي في منطقة لعبهم، لكنهم كادوا يدفعون ثمن هذا الاندفاع غاليا، حيث تركوا مساحات شاسعة، لو استغلها لاعبو الفريق الخصم لكانت النتيجة كارثية.
وكاد اللاعب مهانغو أن يضيف الهدف الثاني، في الدقيقة 22، بعد انسلال من الجهة اليسرى، لكن كرته مرت بجوار القائم الأيسر للحارس بونو.
وعدا هذه المحاولة لم يخلق منتخب مالاوي أي فرصة خطيرة على المرمى المغربي، حيث تراجع إلى الخلف في محاولة للدفاع عن تقدمه.
وخلق الفريق الوطني كما هائلا من الفرص السانحة للتهديف، كانت أبرزها كرة العميد غانم سايس الدقيقة 34، التي صدتها العرضة الأفقية، وكرة حكيمي داخل منطقة العمليات، التي ارتطمت بالقائم الأيسر للحارس، في الدقيقة 41، علما بأنه أرسل قذيفة في الدقيقة 28 من ضربة حرة مباشرة، لكن الحارس طومو كان يقظا وأبعدها إلى الزاوية.
وانتظر الفريق الوطني حتى الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع، ليعيد الأمور إلى نصابها من ضربة رأسية ليوسف النصيري، الذي أحسن استقبال كرة مقوسة من سليم أملاح، فبات أول لاعب مغربي يسجل في ثلاث نسخ متتالية.

ثنائية النصيري – العكبي لم تثبت فعاليتها

من جديد لم اختيار الناخب الوطني، وحيد خاليلوزيتش، في الاعتماد على الثنائي أيوب الكعبي ويوسف النصيري في خط الهجوم المغربي موفقا، حيث لم يقدم اللاعبان ما كان منتظرا منهما، لأنهما يلعبان نفس الدور، ويتوفران على نفس الخصائص تقريبا، الأمر الذي خلق حالة من الارتباك في أدائهما.
وربما أن الناخب الوطني كان ينتظر تعافي ريان مايي، حتى يشركه إلى جانب أحدهما، وهو ما تحقق له في الجولة الثانية، عندما منحه مكان الكعبي في الدقيقة 53، فتحرر النصيري بعض الشيء، وارتفعت درجة الفعالية بعض الشيء، في ظل التألق اللافت لسفيان بوفال، الذي يبقى من العناصر المؤثرة داخلف الفريق الوطني.
وتواصل المد المغربي، وخلق اللاعبون عددا من الفرص السانحة للتهديف، كانت أبرزها محاولة ماي مباشرة بعد دخوله، حيث أرسل كرة كادت تخدع الحارس المالاوي.
ويمكن القول إنه بعودة ريان مايي سيتخلى الناخب الوطني عن ثنائية الكعبي – النصيري العقيمة، وسيكتفي خلال المباريات المقبلة بأحدهما إلى جانب لاعب فرنتسفاروش المجري.
وكانت هذه التوليفة قد أظهرت عدم فعاليتها في لقاء الغابون، حيث فشل اللاعبان معا في هز الشباك، وهو ما جعل سهام الانتقاد توجه إليهما.

اللعب الخلفي سيف ذو حدين

كشفت مباراة المنتخب الوطني أمام مالاوي بعض العيوب، التي يتعين التعامل معها على وجه السرعة، ولعل أبرزها نزوع لاعبي خط الوسط في بعض الأحيان إلى إعادة الكرة إلى الخلف كلما انعدمت أمامهما الحلول، مع ما يمكن أن يشكله ذلك من خطورة، حيث كادت إحدى الكرات الخلفية أن تربك الحارس بونو، الذي أبعد الكرة في آخر لحظة.
ويتعين على الناخب الوطني أن يشتغل جيدا على هذه النقطة في المباريات المقبلة، والتي ستحمل خصوما أقوى من مالاوي والغابون جزر القمر، كما أن عليه أيضا أن يشتغل على مستوى رفع الفعالية في الأداء الهجومي، لأنه لا يعقل أن يهدر اللاعبون كل هذا الكم الهائل من الفرص، ويكتفوا بهدفين في وقت كان يمكن أن تنتهي فيه المباراة بحصة عريضة.

حكيمي … المنقذ

لقد أظهرت هذه البطولة مدى التطور الحاصل في أداء الظهير الأيمن أشرف حكيمي، الذي عزز سرعته وقدرته الهجومية بطريقة رفيعة في تنفيذ الضربات الحرة، والتي سجل منها هدفين جميلين وغاليين، خاصة الهدف الثاني في مرمى ماولاي (د 70)، لأنه أكد من خلاله هدف الغابون، ورد كل من اعتبره هدفا لعبت فيه الصدفة دورها الكبير.
لقد سرق حكيمي الأضواء، وفرض نفسه كأحد نجوم الدورة بامتياز، بفضل أدائه الرفيع، وتطوره الملحوظ، وهذا ليس بعزيز على لاعب حمل قميص أعتى أندية القارية العجوز، ويلعب حاليا بجوار أساطير كرة القدم العالمية، على غرار ميسي ونيمار ومبابي. لقد حقق المنتخب الوطني تأهلا غاليا إلى دور الربع، وهو ما لم يتحقق منذ دورة 2004، رغم أن نسخة 2017 خرج فيها من الدور ذاته، لكن البطولة حينها كانت تجرى فقط بـ 16 منتخبا، وكان العبور يتم مباشرة إلى دور الثمانية، عكس الدورتين الأخيرتين، اللتين تم فيهما رفع العدد إلى 24، وبات التأهل من دور المجموعات يتم إلى ثمن النهائي، ما يعني أن المنتخب الوطني لم يعبر دورين تأهيليين منذ 2004.
لقد بددت الطريقة التي لعب بها المنتخب الوطني مساء الثلاثاء حجم المخاوف التي ولدها التعادل مع الغابون، حيث كان الأداء دون مستوى التطلعات، لكن الناخب الوطني مدعو إلى تعزيز هامش الفعالية، وتفعيل أكثر لنقط القوة، وتقليل هامش الأخطاء في الأدوار المقبلة وفي مقدمتها مواجهة الأحد المقبل.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 27/01/2022