أقدم إجازة لممارسة الطب بالمغرب

أستعير هذه الوثيقة النادرة من حائط الصديق مولاي التهامي بهطاط (إبن مدينة غرسيف بشرق المغرب، خريج أقدم جامعة بالعالم، جامعة القرويين بفاس)، التي تعتبر صورة لأقدم إجازة طبية (ما يقابل الدكتوراه اليوم)، منحت من تلك الجامعة المغربية سنة 1207 ميلادية (603 هجرية)، زمن الدولة الموحدية.

وهي الشهادة التي منحت للطالب المغربي عبد لله بن صالح الكتامي لممارسة الطب، بحضور قاضي مدينة فاس حينها الفقيه عبد لله بن الطاهر، ومنحها له 3 من أشهر أطباء المغرب والأندلس حينها، بل من فطاحلة الطب الذين أخدت عنهم جامعات العالم لقرون، وهم:
– ضياء الدين ابن البيطار
– أحمد النبطي
– أحمد الإشبيلي.
الحقيقة أن قصة الطب بالمغرب، ظلمها التاريخ عندنا كثيرا (ربما مدارس التاريخ)، الذي اهتم بالتاريخ السياسي للدول، وتناسى التاريخ الإجتماعي والعلمي للمغرب والمغاربة. هل يجب التذكير فقط أن أقدم مستشفى بني بالعالم (أي بناية مخصصة للطب بها أطباء وصيادلة ومرضى مقيمين) توجد بمراكش منذ العهد الموحدي، هو مارستان «ابن زهر»، ولا تزال البناية قائمة إلى اليوم بجوار القصر الملكي القديم بها، وعمرها حوالي 750 سنة؟. هل يجب التذكير أن أقدم مستشفى متخصص للأمراض النفسية والعقلية بالعالم، كان بمدينة فاس المغربية، هو مستشفى «سيدي فرج» الذي يعود تاريخ بنائه إلى سنة 1286 ميلادية وتواصل العمل به حتى منتصف القرن 20؟.
هل يجب التذكير بما كتبه المؤرخ المغربي عبد الواحد المراكشي، حين كتب يقول: «وبنى (السلطان المنصور الموحدي) بمدينة مراكش بيمارستانا ما أظن أن في الدنيا مثله، وذلك أنه تخير ساحة فسيحة بأعدل موضع في البلد، وأمر البنائين بإتقانه على أحسن الوجوه وأتقنوا فيه من النقوش البديعة والزخارف المحكمة ما زاد على الاقتراح، وأمر أن يغرس فيه مع ذلك من جميع الأشجار والمشمومات والمأكولات وأجرى فيه مياها كثيرة… ثم أمر له من الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم.
وأقام فيه الصيادلة لعمل الأشربة والأدهان والأكحال وأعد فيه للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم من جهاز الصيف والشتاء، فإذا نقه المريض (تعافى) فإن كان فقيرا أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل»..


الكاتب : لحسن العسبي

  

بتاريخ : 08/04/2019