1) وجه الغائب
في الليل أحاول ترتيب أحزاني
في الليل أمشطها حتى لاتبدو مهملة
الأحزان المهملة تتعفن!
أبذل جهدا كبيرا وأنا
أمسدها بأكف قلبي
وأنظر إليها برحمة الآلهة
حتى لاتتكاثر كفطر
و يبدو وجهي حزينا
وجهي الذي،
لم أرسم ملامحه وحدي
يتلاشى طينه
بجرعة المآقي الزائدة
يخذلني كلما حاولت رسم ابتسامة
وحده يجعلني أبدو بلهاء
مدت قلبها للريح
في انتظار ذاك الذي يسكنني غيابه
ولا يأتي!

2) ظل اللهفة
لاشيء تغير
لاشيء
سوى يدي اليمنى
تلك التي صافحت نبضك الهارب من صدرك
ذات مساء ونحن نسرق لهفتنا
هي من أصابها الشلل
أصابعها الحزينة
لم تعد تعزف خيباتها
منذ ان افتقدت حرارة النبض
يدي اليسرى أيضا كانت قد رسمت على جلدك مساحات للحب
جعلت منك ساحرا تقتات على سهوب الليل
طلاسيمك تأخذ الأنفاس
والنهارات البائدة تمتص ندوب الشمس
تصنع بها قمرا يضيء ليل العشاق
أهرول إليك
أو
تهرول إلي
هناك لم تكن المسافات سوى ظلال تنبعث من عيون اللهفة
اللهفة ملوحة القلوب المفجوعة.

3) صمود مختل
أسوأ العادات
انتظار الغياب
ومسافات تأخذها الرياح بعيدا
كوجه أمي الغابر
في الليالي الحزينة
لاتعدُّو هزائم الفرح
في ذاكرة الغياب
ألمم من جراحي ماقد أزهقه التعب
في الصباحات الغابرة
فالقلب الحافي
قلب مَشّاء في صحراء العشق
لاخريطة له غير قُبْلة قِبْلة
وحدها الريح الهوجاء
من تعيد رسم نبضه
كجندي صمد طويلا
في معركة غير متكافئة

4) هسيس الحقول

هذه الفوضى في رأسي
وهذه الذكريات البعيدة جدا
والتي لم أعد أذكر خيباتي معها
باتت تأكل قلبي
بعد أن نمت وكعشب فوق ماء راكد
وأنا أطارد الفراشات
كعاشقة بقلب طفلة
وسط هسيس الحقول الشاسعة
لأجعل منها قرابين الفوانيس المنطفئة
ذات ليلة بظلام دامس
فوضى أكلت صمتي
وجففت دموعي المالحة
ورسمت لعنتها كخطيئة في وجه الرحيل
أنا التي لم أهب يوما كل هذا الغياب!

5) أفق النوارس
لاشيء يلوح في أفق النوارس
غير أقبية المرافئ
وهدير الأمواج
الرحيل قدرها
وحدها المنارات
تعرف عزفها الحزين في هسيس الليل
وهي تصدح بحزنها نعيقا
تنعي خيبة أموات رحلوا
كما تغادر السفن
مرافئ المدينة لكي لاتعود
الأموات أيضا لا يعودون
يحملهم البياض
ويحملون جروحا سوداء
مزروعة في أرواحهم كسيوف صدئة.