أكثرهم «طُلقاء» ويشكلون خطرا متنقّلا : مريض نفسي ينتحر وثانٍ يذبح مواطنا وآخرون هائمون في الشوارع

 

فارق مريض يعاني من اضطرابات نفسية الحياة، يوم السبت 15 يونيو 2019، منتحرا بمصلحة الطب النفسي التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، معتمدا في ذلك على خيط عمل على سلّه من لحاف سرير وربطه إلى قنينة بلاستيكية، وجعل منهما أداة قتل ساهمت في إزهاق روحه، مما خلق جلبة واسعة في المصلحة التي عاشت حالة استنفار، تؤكد مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، عقب الحادث المؤلم الذي ذهب ضحيته المريض، وهو في العشرينات من عمره، الذي عانى في الآونة الأخيرة من حالة هيجان قوية جعلته يصبح مصدر خطورة على نفسه وعلى الغير.
واقعة تأتي بعد حادث مأساوي آخر شهده حي بلفدير بالدارالبيضاء خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان، بعد أن أقدم مريض نفسي على ذبح شخص آخر صباحا داخل محل لبيع الخضراوات، إذ غافله مستغلا غفوته بسبب السهر وقلّة النوم، فأجهز عليه بدون أدنى سبب وغادر المكان، قبل أن يتم الاهتداء إليه بالاستعانة بالكاميرات المتواجدة في محلات تجارية أخرى مجاورة. المريض/الجاني حاولت أسرته وفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي» غير ما مرّة إدخاله إلى مصلحة الطب النفسي العمومية، إذ تردّد عليها أفراد منها وكذا على السلطة المحلية للفت انتباههم إلى الخطورة التي قد تصدر عن المعني بالأمر، الذي تحول من شخص هادئ يعيش نوعا من التوازن بفعل الأدوية إلى شخص هائج لاحقا بعد التوقف عن تناولها، مما كان يحتم ضرورة خضوعه للاستشفاء وتمكينه من الأدوية المهدئة في مصلحة طبية مختصة، شأنه في ذلك شأن المريض الذي انتحر مؤخرا.
واقع قاتم للصحة النفسية والعقلية في بلادنا، سببه الاكتظاظ الذي تعيشه هذه المصالح الاستشفائية والعلاجية المختصة، في ظل نقص كبير في الموارد البشرية وغياب العديد من الأدوية مقابل قلة أخرى، مما جعل عددا من الساحات والشوارع تتحول إلى مأوى لهذه العينة من المواطنين التي لم تجد من يقوم بنقلها من الشارع إلى مكان آخر للعلاج، فأصبحت تتجول بكل طلاقة، تصدر عنها مجموعة من الممارسات الشائنة، وتهدد غيرها بالخطر المفتوح على كل الاحتمالات، دون أن تتدخل المصالح المختصة، من سلطات محلية وغيرها، لتحييد هذا الخطر ونقل المرضى إلى مؤسسات علاجية، حرصا على سلامتهم وسلامة غيرهم.
أعطاب الصحة النفسية والعقلية هي في ارتفاع متواصل، وحدتها تتفاقم وتزداد يوما عن يوم، وكانت معطيات رسمية سابقة لوزارة الصحة قد أشارت إلى أن مرض الاكتئاب يصيب 26.5 في المئة من المغاربة، أي ما يعادل 5 ملايين و533 مغربيا، بينما يعاني 200 ألف من اضطراب انفصامي، ويشكو 3 في المئة من مرض نفسي نتيجة للإفراط في تناول المخدرات، و2.8 مصابون بالإدمان عليها، في حين أن 2 في المئة هم مرضى نفسيون بسبب تناول الكحول بشكل غير سوي، و1.4 في المئة مدمنون على الخمر، وهي العوامل التي تؤدي إلى رفع مؤشرات هاته الأمراض في أوساط المغاربة. وفي نفس السياق سبق وأن أشارت إحدى الدراسات المنجزة حول الموضوع إلى أن حوالي 48 في المئة من المغاربة من الجنسين، من 15 سنة فما فوق، يعانون من اضطرابات نفسية تتوزع ما بين الاكتئاب والفصام والإدمان، 26.5 في المئة مصابون باضطرابات نفسية، وما بين 0.5 و 1 بالمئة يعانون من الفصام، أي ما يقارب حوالي 200 ألف مغربي ومغربية، وأبرزت أن 70 في المئة من هاته الحالات تتطلب قضاء فترة محددة للعلاج بالمستشفى، أي ما يعادل 140 ألف مواطن.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/06/2019