ضرورة العمل المشترك في ضمان التنزيل الحقيقي لاستراتيجية التنمية وتجاوز مختلف الإكراهات
نظم فرع خنيفرة لـ «جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب»، فعاليات «أسبوع المدن المستدامة 2022» وذلك تحت شعار «جميعا من أجل استدامة مدينة خنيفرة»، في الفترة الممتدة من 22 الى 27 دجنبر 2022، بشراكة مع «مجلس جماعة خنيفرة»، حيث كانت التظاهرة «فرصة لفتح قنوات وحلقات للتوعية والحوار بغاية تشكيل قوة مدنية تساهم في نشر مفاهيم التنمية المستدامة وآليات تحقيقها، مع عقد شراكات، وبناء تواصل مع ما يمكن من فئات المجتمع بمختلف مؤسساته الإدارية وفعالياته المدنية».
وفي هذا الإطار، نظمت يوم الخميس 22 دجنبر 2022، ندوة بقاعة الندوات بمقر مجلس الجماعة، وتضمنت جلستين بمشاركة فاعلين ومسؤولين بقطاعات مختلفة، منها بلدية المدينة ومركز فرز وتثمين النفايات، والماء الصالح للشرب والوكالة الحضرية، والمديرية الجهوية للبيئة والمدرسة العليا للتكنولوجيا، فضلا عن فاعلين بجمعيات مدنية، منها «جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب» و«جمعية روح أجدير الأطلس».
ولم يفت رئيس الجماعة وممثل «جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض» افتتاح الفعاليات بكلمتين ، حيث أشار الرئيس إلى» ما تم إنجازه من برامج وأوراش على مستوى المدينة»، بناء على «ما تتطلبة الاستدامة من تأهيل طموح وتوفير للبنيات التحتية وأنماط العيش النظيف»، فيما أوضح ممثل فرع «جمعية علوم الحياة والأرض» أهمية «العمل المشترك في ضمان التنزيل الحقيقي للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تشكل إطارا مرجعيا لكل السياسات العمومية».
الكاتب العام للجماعة، عبدالعالي الصديق، توقف عند «قيمة الموضوع في الظرفية الحالية، المناخية منها والاقتصادية والاجتماعية والبيئية»، مفككا «مفهوم الاستدامة على ضوء تعريفات الأمم المتحدة»، قبل استعراضه لبعض الإنجازات الجماعية، انطلاقا من الاختصاصات والصلاحيات المخولة لها، ومن ذلك «تأهيل مركز الطمر والتثمين للنفايات، ومحطة تصفية المياه العادمة، وتعميم الشبكة الكهربائية، وتهيئة البنى التحتية والشعاب وجنبات أم الربيع…»
مدير الاستغلال بمركز فرز وتثمين النفايات، م.رشيد الحجيم، تطرق لـ «انخراط القطاع في حماية البيئة والمحافظة عليها في إطار رؤية مندمجة لتدبير النفايات بشكل عصري ومعقلن»، وفي «ما يهم تشجيع الاقتصاد الأخضر وتحسين عيش الساكنة»، مستعرضا بعض الاحصائيات التي «تتماشى مع التجارب والمعايير الدولية للبيئة، ومع احترام الشروط الأساسية لبرنامج التأهيل الحضري للمدينة»، و«تأخذ بعين الاعتبار تحديات التنمية المستدامة».
ممثل إدارة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، محمد الأيوبي، تحدث عن « وضعية الماء الشروب والتطهير السائل بخنيفرة والآفاق المستقبلية»، مبرزا «أهم المنجزات المحققة على صعيد المجالين الحضري والقروي، وكذا على مستوى الانتاج والتحلية المائية وتأهيل مضخات التصفية وشبكات التوزيع والأحواض المائية وقنوات الصرف الصحي، وكذا برامج تزويد الساكنة بالماء»، لافتا إلى «التحديات والإكراهات القائمة في ظل موسم يشهد عجزا مائيا كبيرا.»
رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض، أحمد حميد، انطلق في مداخلته من رأيه في «مصطلح الاستدامة ومفهوم المدينة المستدامة»، و«ما يتعلق بالنمو الديمغرافي الذي تعرفه المدن وما يفرضه ذلك من رهانات واحتياجات بيئية وطاقية لضمان البعد الغذائي والمستقبلي»، وكذا من «الشروط الملقاة على الجماعات الترابية بخصوص التصاميم المرتبطة بمستقبل المدينة»، مشيرا إلى ما يتطلبه الوضع من «تحيين للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية» اللصيقة بالصحة والعيش والتربية والصناعة والابتكار والقدرة على التكييف.
وشارك الأستاذ بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، م.الحسن عبا، بعرض حول البحث العلمي في شأن الموارد المائية الطبيعية، وما تم القيام به من دراسات في مجال تدبير المياه وحماية الكائنات الحية والتنوع البيولوجي، وأهمية المعالجة المائية في الحفاظ على الصحة العامة، لافتا إلى « تأثير مصادر التلوث على جودة المياه»، في ظل «قلة الأبحاث المنجزة حول نهر أم الربيع مقارنة مع ما تم إنجازه في شأن باقي الوديان والأنهار المغربية»، مستعرضا «كيفية تحديد جودة المياه على ضوء المعايير والعناصر الضرورية».
ممثل المندوبية الجهوية للبيئة، أبو الديهاج، شارك بمداخلة حول «الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة» التي تم إطلاقها بهدف دمج توصيات نموذج التنمية الجديد (NMD) والمرجع العالمي لخطة 2030، حيث تطرق لـ «سبل تعزيز حكامة التنمية المستدامة، وإنجاح الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر وتحسين تدبير الموارد الطبيعية وتنزيل السياسة الوطنية لمكافحة التغيير المناخي»، وكذا «تشجيع التنمية البشرية وتقليص الفوارق الاجتماعية والترابية»، مذكرا بـ «الرهانات الأساسية لتنفيذ الاستراتيجية».
مداخلة رئيس جمعية روح أجدير الأطلس، محمد ياسين، أبرزت مجموعة من التحديات التي تواجه الثقافة غير المادية، و»واقع تراكم أزمات المجالات الحضرية»، وكيف «أصبحت المدن تعكس أغلب التحولات والأزمات المجتمعية والمخاطر الإيكولوجية، مقابل كونها في نفس الوقت مشتلا لإنتاج النخب المعول عليها في تأسيس مدن المستقبل التي يمكن فيها ترشيد الثروات وعقلنة الخدمات الاجتماعية والممارسات المبتكرة والاستراتيجيات المستدامة»، وكذا جعلها «موقعا أساسيا للتراث الثقافي وسبل توظيفه في المستقبل».
من جهته شارك ممثل الوكالة الحضرية لخنيفرة، شكير منير، بمداخلة تطرق فيها لـ «أهم الركائز الأساسية في بناء المدينة المستدامة وسبل تلبية حاجيات الجيل القادم»، ومحاور ومؤشرات التنمية المستدامة كما حددتها منظمة الأمم المتحدة، متوقفا عند أهداف خطة استراتيجية التنمية المستدامة، مستعرضا نموذج مدينة «غوتنبرغ «المصنفة كأول مدينة مستدامة عالميا، متطرقا للأهداف التي اعتمدتها لتنجح في استدامة حياتها على مستوى البيئة والطاقة والتنوع البيولوجي والحد من مظاهر التلوث ومشاكل الاحتباس الحراري.
وبموازاة مع أشغال الندوة، تم تأثيث بهو الجماعة بمعرض للوحات تحسيسية، في أفق إنجاز جدارية من طرف «مجموعة لمسات فنية»، فيما سجلت الندوة حضورا لممثلي المجالس المنتخبة والوكالة الحضرية والمياه والغابات، و عن شركة النظافة، وأطر تربوية ومبدعين، وطلبة المدرسة العليا للتكنولوجيا، وفاعلين في المجتمع المدني والمنابر الإعلامية، قبل اختتامها بتوزيع شهادات تقديرية وشهادات المشاركة للشركاء والمتدخلين في الندوة، والمساهمين في إنجاحها.
وتم تتويج فعاليات «أسبوع المدن المستدامة 2022» بتنظيم «تعاونية اسراك الأطلس للتنمية السياحية»، صباح السبت 24 دجنبر 2022، جولة تحسيسية على متن دراجات هوائية، تخللتها وقفات أمام مديرية التربية الوطنية والوكالة الحضرية والجماعة الحضرية، وتميزت هذه المبادرة بحمل المشاركين يافطات تتضمن عبارات توعوية بحماية البيئة والتنمية المستدامة، وتحسيسية بأهمية حفظ الطاقة المتجددة والتراث المادي وغير المادي، واحترام النقل النظيف والمواطنة المسؤولة، في استدامة المدينة.
وتنفيذا لمقتضيات القانون الإطار 51.17، وخاصة المشروع رقم 10 المتعلق بالارتقاء بالحياة المدرسية، قامت «جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض»، بتنسيق مع المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، بإشراك أندية البيئة والصحة ببعض المؤسسات التعليمية في ورشات تحسيسية بهدف الرفع من الوعي البيئي داخل المؤسسات التعليمية، وجعلها «مؤسسات مستدامة»، وتضمنت هذه الورشات عروضا مرتبطة بالحفاظ على البيئة والماء والطبيعة وما تفرضه من سلوكيات مسؤولة في أفق تشجيع الناشئة على المساهمة في ترسيخ مبادئ التنمية المستدامة.