وجد البيضاويون، من مستعملي وأوفياء النقل العمومي بشكل يومي، وتحديدا لحافلات “ألزا”، أنفسهم، مؤخرا، في رحلات يصدق عليها أنها تتم فوق صفيح ساخن، ذلك أنها تحولت بالفعل إلى محنة تندرج في إطار تصميم هندسي مفضي إلى الاختناق.
ففي إطار “حسن التدبير”، وفي عملية “تقشفية عبقرية” من أجل التخفيف من التكاليف المالية التي تنفقها الشركة لضمان جودة الخدمات التي تقدمها لزبنائها، اهتدت الشركة إلى إيقاف استخدام مكيفات الهواء في مجمل حافلاتها التي تجوب المدينة، الشيء الذي ينتج عنه بالضرورة كمرحلة أولى ارتفاع في درجات الحرارة والرطوبة داخل فضاء الحافلات، خاصة في ساعات الذروة، وهو الأمر الذي يتسبب في خلق شرط مناسب لانتشار الأمراض المعدية كالإصابة بفيروس كوفيد الذي مازالت تداعيته تظهر بين الفينة والأخرى، وكذلك باقي الأمراض الموسمية كالأنفلونزا، مثلا.
أما من الناحية النفسية، فإن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يولد الإحساس بالاختناق الذي ينتج عنه بالقوة الشعور بالضيق والتوتر والانزعاج.
وتبعا لذلك، ومن أجل التخفيف من جحيم الحافلات، يطالب الركاب المغلوبون على أمرهم بتشغيل المكيفات التي اطمأنت منذ وقت طويل إلى أنها أصبحت خارج الخدمة، كما يطالبون بفتح النوافذ من أجل التهوية وخفض درجات الحرارة، وبالتالي خفض مستوى التوتر والانفعال لذى الركاب، رغم أن هذه الأخيرة لا تفي بالغرض نظرا لصغر حجمها هندسيا، وأيضا لأنها لا تراعي خصوصية مدينة كالدار البيضاء، المدينة الميتروبوليتانية التي تقتضي تعاملا جديدا مع النقل العمومي، ومع متطلبات مستعمليه، بدل الرهان على زيادة العائدات، والاستغناء عن مستلزمات الجغرافيا الاقتصادية.
وكانت المنظمة الديمقراطية للنقل واللوجيستيك قد وجهت، في وقت سابق، رسالة إلى مسؤولي الشركة طالبت بـ”إعادة استخدام المكيفات بحافلات الشركة حفاظا على السلامة الصحية للمهنيين و للركاب على حد سواء”.
ولذلك، فإذا كانت الشركة قد اعتمدت، في إطار حملتها الترويجية على مجموعة من الخدمات، من بينها التكييف الهوائي، في تجويد وتحسين صورة النقل الجماعي لطرد الصورة الواقعية التي عششت في رأس المواطن البيضاوي لسنين من سوء الخدمة المقدمة في هذا القطاع، اعتمادا على انصاف الحلول، كاستقدام حافلات مهترئة بنصف أنوار من بلاد الأنوار، فإن إقدام المجلس على اقتناء حافلات جديدة بمواصفات عالية الجودة من أجل توفير عنصر الراحة والرفاه في رحلاتها قد لقي استحسانا من قبل المواطنين. غير أن الإقدام على تعطيل مكيفات الهواء، يجعل ركوب الحافلات عمل شاق كالصعود نحو السماء، فكلاهما يسبب الاختناق.
«ألزا» لتدبير النقل العمومي، المكيفات و الصعود نحو السماء!
الكاتب : كمال وبران