108 ملايين ليطعم “التريتور” ضيوف المهرجان من ميزانية ثقافية لا تتعدى 240 مليونا
اشتعل بارود الاحتقان داخل مقاطعة مولاي رشيد قبل أن ينطلق مهرجان التبوريدة للمقاطعة ويملأ الخيالة بندقياتهم بالبارود الحقيقي الذي ” سيتطرطق ” لمدة خمسة أيام في سماء المنطقة، سبب هذا الاحتقان بين الأعضاء هو المعلومات التي ظهرت في الموقع الرسمي للمقاطعة، والتي كشفت أن المدبرين هناك وقعوا على صفقة بمبلغ 108 ملايين سنتيم مع ممون للحفلات حرصت عليه ذات الصفقة، واعتبر المعارضون أن الصفقة أبرمت خصيصا من أجل هذا المهرجان، ويتعهد الممون بتطبيق ما وضعه المدبرون حرفيا في بنود الصفقة، والتي جاء في تفاصيلها أنه سيخصص 60 مائدة لضيوف ” في آي بي ” ، سيبلغ عددهم 600 شخص ستكون وجبتهم متنوعة، ستبدأ بالمقبلات منها حلويات متنوعة من أفخر الأنواع و 2000 كوكتيل متنوع يدخل ضمنه حتى الشاي والقهوة، وقبل الولوج في تفاصيل النهم الثقيل، سيعد الممون ” الصلاد غيش ” مؤثثة بفواكه البحر، ليكون “للمعزومين” بعد ذلك موعد مع نصف خروف مشوي في كل مائدة، ويليه الدجاج البلدي، قبل توزيع الفواكه الموسمية والفواكه العادية بالإضافة إلى المشروبات الغازية والمياه المعدنية .
أيضا يتعهد الممون بإعداد 120 مائدة لضيوف أقل درجة من الضيوف الأولين، تتضمن الوجبات فيها ” صلاد فاريي” ربما ليحسوا أنهم ليسوا كمثل الضيوف الذين صنفوا من طرف المقاطعة على أنهم ” في آي بي ” ، ثم “طباسل” من اللحم المخضر بالبرقوق، ثم الدجاج البلدي وبعد ذلك الفواكه .
المعارضون لرئيس المقاطعة يؤكدون في تصريحاتهم بأن هذه الوليمة معدة بمناسبة المهرجان، وهي بذلك تعد تبذيرا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الميزانية المخصصة للشق الثقافي في المقاطعة لا تتعدى 240 مليون سنتيم سنويا، على اعتبار أن 10 في المئة من مجموع المنحة التي تتوصل بها المقاطعة هي المخصصة للتنشيط الثقافي على طول السنة حيث تبلغ قيمة المنحة أزيد من ملياري سنتيم، أما الرئيس في تصريحاته فيذهب إلى التبرير بأن صفقة النهم تلك لا تهم فقط مهرجان التبوريدة وبأن جزءا منها مخصص للطلبة بحكم أن كلية ابن امسيك توجد بتراب المقاطعة، لكن المعارضة تفند ذلك لكون الطلبة الآن هم في عطلة .
تفاصيل المجادلة لن تتوقف هنا، ففي الوقت الذي يقول الرئيس بأن المهرجان لا يؤثر على الميزانية العامة المخصصة للثقافة وبأن جل المصاريف المخصصة له لا تتعدى حوالي 110 ملايين سنتيم، ترد المعارضة التي ستقاطع المهرجان بأن مجرد إعداد الأرض التي ستحتضن بقع التبوريدة تطلب مصاريف كبرى، والدليل أن إعدادها تطلب أسابيع طويلة وبآليات ووقود الجماعة، وهنا يخرج الرئيس بتصريح عجيب يقول فيه بأن المنعشين العقاريين هم من تكلفوا بإعداد أرض التبوريدة، وللعلم فإن الأرض التي تجرى فيها التبوريدة هي ملك للخواص، ولم يحدد الرئيس من هم هؤلاء المنعشون الذين لا يظهرون إلا في مهرجان التبوريدة هذا، ولا تحن قلوبهم على المنطقة إلا في هذه البقعة بالذات، ولم يوضح ماذا تقول القوانين المنظمة للعمل الجماعي في هذا الباب، علما كذلك أن منهم من له تجزئات في تراب المنطقة وفي تراب جماعة الدارالبيضاء ؟؟؟.
المعارضة لم تقتنع بأن الأموال المخصصة للمهرجان تقف عند الرقم الذي صرح به الرئيس، بل تدخل في تفاصيل التظاهرة وتعطي معطيات تفند الرقم المذكور، ذلك أن المهرجان يتطلب منصة للفرجة تكترى بحوالي 60 مليون كما جرت العادة بذلك، و500 حاجز لسلامة الجمهور بحوالي 10 ملايين سنتيم، و250 من البارود يتوزع على 21 سربة قادمة من مناطق مختلفة، و6 ملايين سنتيم للحبة، وهي الفتيل الذي يشعل البارود، أضف إلى ذلك ثمن الشعير والتبن للخيول، و5000 درهم لكل مقدم سربة لتوزيعها على الخيالة دون أن ننسى أن الأرض تتوزع على ثمان هكتارات فكم يكفيها من “التوفنة” و”البياضة” وما إلى ذلك، دون نسيان أن الآليات المستعملة لتهييئ المحرك مكتراة كلها، وبإطلالة على الموقع، تجد مئات الشاحنات لا تتوقف حاملة هذه اللوازم، والمقصد، يقول المعارضون، أن هذا المهرجان يفوق ما تحدث عنه الرئيس من أرقام، وبالتالي فهو يلجأ إلى تحويلات لميزانيات أخرى مخصصة إما للأشغال أو الشؤون الاجتماعية أو غيرها، لإنجاح هذا المهرجان الذي يصر على إقامته في منطقة تعاني الخصاص في كل شيء، وتعد أحياؤها من أفقر الأحياء على مستوى المدينة .
المعارضة تؤكد أنها ليست ضد مثل هذه التظاهرات، لكنها أيضا تراعي الأولويات، إذ من المعلوم لدى جل المغاربة في قراهم ومداشرهم وحواضرهم، بأن التبوريدة تقام مباشرة بعد الحصاد، أي بعد أن يكون الفلاحون قد زرعوا واشتغلوا طيلة الموسم لتوفير حصاد جيد، وبعد ذلك يبهجون بخيولهم وفرجتهم، أما وأن مقاطعة تعاني من مشاكل متعددة ومتشعبة فكان الأولى أن يكون هذا المهرجان متجاوبا مع طاقتها المالية، لا أن تذهب الأموال في نشاط واحد على حساب ضرورات أخرى، بل إن بعض المعارضين يطرحون علامة استفهام حول علاقة ذات العقار بهذه التظاهرة وتلك حكاية أخرى