***
نزلتمْ هذه الأنهار لا تتنكروا، الأضواءُ تكشف إذ تفيض على زوايا كل ناصيةٍ ودَرْبٍ أعينٌ قد نُزِّهَتْ عن كل غمْضٍ أو منامٍ خاطفٍ، لتكون ضوءًا هائلا عراكمُ وهوى بآلاف الوجوه وما كسبت أيادٍ في خفاء، لا عواصف خلف وديانٍ ستنجيها، ولا أهوال مزدحمين فوق الماء عند الليل تحت غزير أمطارٍ تضللها، مرقمنة عيون فوق جدران وفي أقصى زوايا لا تغادر، ليس تكذِبُ إذ تثبّت واقعًا يجري ، وما انهمَرَتْ خطًى عبرت بدرب كان وكرًا لا يُرى، ليعيث من يلهو ويعبث بالمصائر من يشاء، الأرضُ قد بُسِطتْ بليْلٍ أو نهارٍ، والذي يجتاح ما يجتاح مفتضح بما أعمى اللصوص وقد بغوا بالنهب عين الشمس منتزعين كل كنوز سمراء المغاني كي يموت فراخها جوعًا ، و ينقل عن مدافنهم أسى يرتدُ ينصح من يراها أن يلوذ بمن توارى، أو تقول بلاغة التلميح لا التعريض عن صور تمرُّ عن اصطدام لا تدوم سوى ثوانٍ، ثم يمضي ناطقٌ إمَّا تُغني الفاتنات إذا ارتمين بعُرْيِهْنَّ ويملأ اللهْوُ الجبال وكل أصقاع تَضِجّ بما أتينَ وهل يلبي اللهو من طلب به قد صاح محتجُّونَ، حتى تنطوي الأيام ، ثم يعمُّ نسيانٌ أقاصي الأرض أو أدنى مسيلٍ يابسٍ فيها، فلا شبر من الدنيا بعيدا كان أمْ في أقرب الأنحاء قد تنجيه أيدي مافِيَاتٍ هيمنت بالقتل عمّ شوارع القارات بالنيران ، تأتي ريحُ أنهار الشمال بدفقٍ من دَمٍ طاغٍ، وفي أقصى الجنوب يموت مِنْ شرَق احتياجٍ حينما جفت ينابيع وأهل الدار قد نزحوا، وثمّ انهار سدُّ كان حتى أغرق الظمآن ، مختنقًا بطوفانٍ من الثروات ليس بغاسلٍ أدرانَ موتِ آخذٍ بخناق طفلٍ عاش تحت الليل في جوعٍ وفي خوفٍ.