«أنيماليا».. عالم مخرجة وبراعة ممثلة

ظلت المخرجة صوفيا العلوي في أول أفلامها الروائية الطويلة “أنيماليا” وفية لأسلوبها في الكتابة، الذي تميز به فيلمها القصير الجميل “ماذا لو نفقت البهائم؟”، واعتمادها في بعض الأدوار على ممثلين غير محترفين، مع تطعيم الكاستينغ هذه المرة بممثلين محترفين كسعاد خويي وعز العرب الكغاط وخصوصا الموهبة الصاعدة أميمة بريد، واشتغالها على التيمة العزيزة عليها المرتبطة بالكائنات الفضائية وطرح تساؤلات ذات طبيعة ميتافيزيقية والإنتهاء إلى حقيقة أن الله بيننا في كل مكان رغم أننا لا نراه، مع اختيار “سينما الطريق” كقالب للسرد نظرا لما يزخر به من محطات ومفاجآت وتشويق أحيانا، الشيء الذي يتيح للكاميرا إمكانيات عدة لإمتاع المتلقي بمشاهد ومناظر طبيعية جميلة يزخر بها مغربنا الغني بفضاءاته وثقافاته المتنوعة. زد على ذلك إعجاب المخرجة بعالم الحيوانات، وخاصة الكلاب، فهذه الكائنات حاضرة في أفلامها بشكل ملفت للنظر من بداية الفيلم إلى نهايته.
وعلى مستوى الحوار هناك حضور للعربية الدارجة والأمازيغية والفرنسية أي اللغات المتداولة في المغرب. وإذا أضفنا إلى ما سبق المونطاج المتوازن على مستوى الإيقاع و التصوير الجيد والموسيقى المختارة بعناية لتتناسب مقاطعها مع المشاهد المختلفة وغير ذلك من الجوانب التقنية، يمكن القول إجمالا إن أول أفلام صوفيا العلوي الروائية الطويلة مشرف للفيلموغرافيا السينمائية المغربية، الشيء الذي يجعله مرشحا، إلى جانب فيلمين آخرين هما “وشم الريح” لليلى التريكي و”عصابات” لكمال لزرق، للحصول على جائزة العمل الأول.
يبدو من فيلميها القصير والطويل، المشار إليهما أعلاه، أن للمخرجة صوفيا العلوي عالمها الخاص وأسلوبها الخاص أيضا في الكتابة السينمائية، فبصمتها الذاتية حاضرة بقوة وهذا يؤشر
على ميلاد مبدعة سينمائية واعدة.
أما بطلة الفيلم أميمة بريد فقد أظهرت في هذا الفيلم وغيره أنها ممثلة بارعة، خصوصا عندما تركز الكاميرا على وجهها في لقطات مقربة، حيث تفلح من خلال ملامحها وقسمات وجهها ونظراتها ودموعها وغير ذلك في ترجمة الأحاسيس التي تختلجها في لحظات معينة وتنقلها بتلقائية وصدق متناهيان إلى المتلقي.
لقد أظهرت هذه الممثلة الشابة علو كعبها في أفلام روائية ثلاثة شاهدتها مؤخرا: “أنيماليا” (2022) لصوفيا العلوي و”55″ (2023) لعبد الحي العراقي و”جرح” (2024) لسلوى الكوني.


الكاتب : أحمد سيجلماسي

  

بتاريخ : 03/12/2024