أهمية مسرح الطفل

 

على الرغم من أننا في بداية الحديث، إلا أنه يمكن أن نخلص إلى نتيجة تحدد لنا أهمية البحث في مسرح الطفل كونه نشاطا جماليا يفيد في تنمية الثقافة العامة و زيادة الخبرات و المهارات و المعلومات فضلا عن ترسيخ التجربة و إغناء سمات شخصية الطفل … و كنتيجة نهائية نحن بصدد إنجاز الجهد التأسيسي لخطة استراتيجية بشأن بنية الشخصية الإنسانية المستقبلية و من ثمَّ بنية الإنسان المجتمع أو باصطلاح آخر رسم صورة المجتمع الإنساني العامة بطريقة غنية في أنسنة سماتها وطيدة في صحية وجودها و صواب السلوك فيها…
الدور الوظيفي البنائي:
يمكننا هنا أن نشير إلى أنَّ بيتا بلا معرفة بمسرح الطفل و مدرسة بلا مسرح و مجتمعا بلا مسرح للطفل هي جميعا مؤسسات اجتماعية ناقصة في أداء مهامها البنائية ليس لشخصية الطفل حسب بل لشخصية الإنسان البالغ في قابل الزمن و من ثمَّ في استثمار أدوات وظيفية لبناء الإنسان بالتأسيس له منذ طفولته…
إنَّ الدور البنائي لمسرح الطفل يكمن في أهمية الأساس في أيّ بناء فلا بناية بلا أساس متين وإذا قامت على أساس غير مميز فهي عرضة لاحتمالات السقوط والهدم. و لنتذكر بالخصوص معنى أن يُبنى الأساس متينا مدروسا دراسة علمية كما في تلك الأبنية الضخمة التي لا تطيح بها الأعاصير ولا تهدها الزلازل فيما بيوتنا التي تُبنى بتراثيات الهندسة القديمة لا تصمد حتى لتقادم الزمن.. و لننظر إلى حالات سقوط العمارات على رؤوس أصحابها بسبب القصور في الأساسات و مواد البناء وأخطر من هذا بكثير بناء الإنسان بناء قاصرا بالتأسيس له على طريقة « هو ينمو مثلما تربينا نحن في بيوت الآباء و الأجداد! «
إنَّ هذه العبارة من الخطورة بمكان لأنها تغفل أن إعداد الشخص ينبغي أن يكون بما يتوافق و طبيعة محيطه و حياته و خصائصها. فهل نعدّ مهندسا بمعارف الطبيب أو العكس و هل نعدّ عالم لغة بمعارف عالم الاجتماع أو عالم النفس؟ و إنسانيا هل يستوي إعداد الفلاح لأبنائه بطرائق إعداد العامل لأبنائه أو إعداد ابن الريف أو البادية بابن المدينة؟
إنَّ لوح الطفل الأبيض و هو يأتي إلى الحياة بحاجة لمن يغذيه بالمعلومات التي تتناسب وحياته المستقبلية.. فهل منّا من يرى أنّ أمر التكوين التربوي النفسي و إعداد الشخصية الإنسانية هي قضية عادية تتم آليا بلا جهد مدروس؟ مثلما تُبنى بيوت الطين وليس مثلما تُبنى عمارات مقاومة الزلازل؟؟
نحن بحاجة جدية للتصدي لمسؤولياتنا و من المثير للشفقة أنّ عديدا من جيراننا وبعض معارفنا تسير عندهم الأمور على وفق قناعات الإعجاب و الانبهار بهذه الصورة أو تلك الطريقة من دون قرار علمي مدروس يستند إلى العلوم التخصصية. و كم منّا من يزدري نتائج البحوث العلمية ويتهمها بالمبالغة و التشنج في التعاطي مع الإنسان و مراحل نموه و تطور حياته ومداركه فيها.. و كم منّا من يزدري الفنون و المسرح ولا يرى فيه إلا كماليات هامشية لا قيمة جدية فيها ويدرج في سخريته ملايين أطفال العالم الذين تنقص حاجاتهم الحيوية الأساس، فأي مسرح وأي تأسيس لحياة الطفل ومستقبل الناس؟!
ولكنه يغفل أنه بهذا يتحدث عن الوجه السلبي للحياة. الوجه الذي لا يلبي الضرورات الإنسانية في غذاء الروح الثقافي المعرفي مثلما لا يلبي غذاء البدن وحاجاته. فيما نحن هنا نتحدث عن الطبيعي في الحياة الإنسانية التي لاتغفل التصدي لحقوق الطفل في حياة مستقرة آمنة وفي نمو صحي بدنيا ونفسيا وتربويا؛ وتلك هي مسؤولية الكلمة والموقف.
إنَّ التأسيس لشخصية الإنسان تنطلق من هنا حيث الاستجابة لحاجاته وتلبيتها بما يدفع لنمو ونضج صحي صحيح . ومن الطبيعي أن ندرك بالخصوص دور دراما الطفل عبر آليات اشتغالها…


الكاتب : مروان مودنان

  

بتاريخ : 07/02/2022