أهم مقترحات الفريق الاشتراكي لأجل أنسنة الميزانية : 40% ضريبة على الشركات الكبرى، رفع سقف رقم الأعمال للمقاول الذاتي إلى 200 ألف درهم

51 تعديلاً ينتظر مناقشتها اليوم والخلاف الاجتماعي مستمر
73 تعديلاً تسقطها الأغلبية والفريق الاشتراكي يرفض الجزء الأول من قانون المالية

 

رفض الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، فجر أمس الأربعاء 12 نونبر 2025، الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، بعد أن أسقطت الأغلبية كل التعديلات التي تقدمت بها فرق المعارضة بمجموعها، والتي فاقت ثلاثمائة وخمسين تعديلاً، منها ثلاثة وسبعون تعديلاً قدمها الفريق الاشتراكي وحده، في محاولة لجعل المشروع أكثر إنصافاً وإنسانية وأقرب إلى حاجيات المواطنين.
الجلسة التي امتدت لساعات طويلة بحضور الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، انتهت بالتصويت بالأغلبية على الجزء الأول من المشروع، بموافقة أربعة وعشرين نائباً مقابل عشرة معارضين، في مشهد لم يخلُ من التوتر، حيث بدا واضحاً أن الأغلبية ماضية في تمرير مشروعها دون انفتاح على مقترحات المعارضة، رغم طابعها الاجتماعي والاقتصادي المتوازن.
وأعلن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية عن تشبثه بمناقشة 51 تعديلاً خلال الجلسة العامة التي أعلن عن عقدها اليوم الخميس بمجلس النواب، مؤكداً أن هذه التعديلات تجسد جوهر رؤيته الاجتماعية ومسعاه لجعل قانون المالية أكثر عدلاً وإنصافاً، فيما وعدت الحكومة بمراجعة بعض التعديلات ذات الطابع الاجتماعي لاحقاً، في محاولة لتخفيف حدة التوتر داخل البرلمان.
الفريق الاشتراكي الذي خاض النقاش من موقع المسؤولية، لم يكتفِ بتسجيل الموقف، بل قدم تعديلات عملية تعكس رؤية واضحة لميزانية قادرة على استعادة التوازن الاجتماعي. فقد اقترح تمديد مدة الخصم الضريبي على الفوائد المتعلقة بالسكن الرئيسي من سبع إلى عشر سنوات، دعماً للطبقة المتوسطة وتشجيعاً للاستثمار في السكن، كما دعا إلى تمكين الأسر من خصم عشرة في المائة من دخلها المفروضة عليه الضريبة مقابل مصاريف التعليم الخصوصي، تخفيفاً للعبء المعيشي وتحفيزاً للتعليم الجيد، واقترح بدوره خصماً مماثلاً مقابل أجور العمال والعاملات المنزليين، إدماجاً لهم في منطق الحماية الاجتماعية والاعتراف بأدوارهم داخل نسيج المجتمع.
كما دافع الفريق عن جعل المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول دائمة، لضمان تمويل مستقر لصندوق الحماية الاجتماعية والتماسك الوطني، واقترح إعفاء مؤسسات الأعمال الاجتماعية التابعة للإدارات العمومية من الضرائب، تقديراً لرسالتها في خدمة الموظفين وأسرهم، ودعا إلى فرض ضريبة بنسبة 40% على شركات الاتصالات والمحروقات انسجاماً مع مبدأ العدالة الضريبية، إلى جانب الرفع من الرسوم المفروضة على المشروبات المنبهة والسجائر الإلكترونية ومنتجات الشيشة حماية للصحة وتعبئة للموارد.
في الجانب الاقتصادي، نادى الفريق برفع سقف رقم الأعمال للمقاول الذاتي إلى 200 ألف درهم، وبرفع الحد الأقصى لاختيار نظام المساهمة المهنية الموحدة إلى 3 ملايين درهم، دعماً لصغار المهنيين والتجار والحرفيين، كما طالب بتوسيع مجال تدخل صندوق إصلاح النقل ليشمل النقل السككي والجماعات الترابية، وبإقرار دعم موجه للبحث العلمي عبر تمويل النشر والمشاركة في الملتقيات واستقطاب الكفاءات المغربية بالخارج.
ولم يخلُ المقترح الاشتراكي من جرأة حين دعا إلى إحداث ضريبة على الثروة العقارية تستهدف العقارات ذات القيمة المرتفعة غير المخصصة للسكن الرئيسي، في مسعى إلى محاربة المضاربة والاكتناز العقاري وتوفير موارد دائمة لتمويل مشاريع الحماية الاجتماعية، بما يترجم مبدأ التضامن ويعيد بعض التوازن بين من يملكون الكثير ومن ينتظرون إنصافاً من الدولة.
ورأى الفريق أن رفض الأغلبية لكل مقترحات المعارضة يكشف عن غياب الإرادة السياسية في الإصغاء لصوت العدالة الاجتماعية، وأن الحكومة ما زالت تتعامل مع قانون المالية بمنطق الأرقام لا بمنطق الإنسان. فالمشروع كما صيغ لا يجيب، في نظر المعارضة الاتحادية، عن الانتظارات الحقيقية للمغاربة، ولا يلتقط نبض الشارع الذي يطالب بميزانية تُوزع الأعباء بعدل، وتُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات بلده.
وبين أغلبية تُمرّر بالقوة العددية ومعارضة تُنبه بالعقل والمسؤولية، يستمر النقاش حول قانون المالية في اتجاه يختبر صدقية الخطاب الاجتماعي الذي رُفع كشعار، فيما يبقى السؤال معلقاً: هل يمكن أن تكون العدالة الاجتماعية مجرد بند في مشروع قانون، أم أنها إرادة تُبنى بالاستماع إلى من يملكون حس الإنصاف وضمير الوطن؟


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 13/11/2025