على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها وأن تضطلع بأدوارها كاملة، وإن لم تكن قادرة على ذلك فما عليها إلا الانسحاب
المغاربة إذا كانوا في السابق يلجؤون إلى الاقتراض من أجل الاستثمار أو اقتناء السيارات أوالمنازل، فهم اليوم يقترضون من أجل تعليم أطفالهم
الحكومة اتخذت تدابير محدودة لمواجهة ارتفاع الأسعار لا تعدو أن تكون وكأنها تزرع بذورا متنقلة، وبالرغم من ذلك فهي تمن بها على المغاربة
مخطط المغرب الأخضر، الذي بشر المغاربة بجنات نعيم، لم يستنزف إلا الماء، ولم يحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتوجات
الواقع يكشف بجلاء ادعاءات الحكومة، ويبين حجم محدودية اختياراتها وتدابيرها
كان من المفروض على الوزراء، على الأقل، أن يكونوا باعثا على الطمأنينة للمتضررين من الفيضانات الأخيرة
لا أثر للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، ولا للاستثمارات العمومية التي خصصت للعديد من المناطق التي اجتاحتها سيول الفيضانات الأخيرة
الحكومة تعاملت مع الدعوة لاقتحام مدينة سبتة بتجاهل تام
تغييب النقابات عن مشروع القانون القاضي بإدماج منخرطي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يكشف موقف الحكومة الفعلي من الحوار الاجتماعي
الحكومة هي المسؤول الأول
والوحيد عن إيجاد حل لملف طلبة الطب والصيدلة
قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إن المغاربة إذا كانوا في السابق يلجؤون إلى الاقتراض من أجل الاستثمار أو اقتناء السيارات أو المنازل، فهم اليوم يقترضون من أجل تعليم أطفالهم.
وأكد المتحدث، الذي كان ضيفا على برنامج مباشرة معكم الذي بثته القناة الثانية، يوم الأربعاء 18 شتنبر 2024، أن المغاربة يلجؤون اليوم للاقتراض من أجل مواجهة الغلاء التي يجتاح بلادنا، بعد أن تدهورت قدرتهم الشرائية.
وأضاف أن الحكومة تعاطت مع موجة ارتفاع الأسعار على مرحلتين، ففي المرحلة الأولى كانت تبرر هذا الارتفاع بأنه ناتج عن ظروف دولية، وهو معطى موضوعي أكيد، وفي المرحلة الثانية وبعد اكتفائها من تبرير ارتفاع الأسعار، لجأت إلى أسلوب المن على المغاربة، حيث تؤكد أنه لولاها لما تمكن المغاربة من شراء العديد من المنتوجات.
وفي نفس السياق، كشف عبد الرحيم شهيد، أن مخطط المغرب الأخضر، الذي بشر المغاربة بجنات نعيم تضمن جميع الخضر والفواكه والمنتوجات الفلاحية، لم يستنزف إلا الماء، ولم يحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتوجات، وبالتالي وصلت الأسعار اليوم إلى مستويات لا تتصور.
وأضاف أن خطاب الحكومة بخصوص تدابيرها التي اتخذتها في الموضوع، يندرج في إطار خطاب بات لصيقا بها، وهو خطاب التأكيد على أن كل شيء على ما يرام في البلد، كاشفا أنه حتى رئيس الحكومة سبق وأن أعلن أن حكومته نفذت برنامجها كاملا خلال ثلاث سنوات، وأن ما ستقوم به فيما تبقى من ولايتها هو مجرد زيادة في منجزاتها، في حين أن الواقع يكذب كل هذه الادعاءات، معلنا في هذا الإطار، أن المندوبية السامية للتخطيط قد كشفت أن أكثر من 3 ملايين من المغاربة نزلوا تحت عتبة الفقر، وهو المعطى الذي يسائل الكيفية التي تراهن بها الحكومة لمواجهة الفقر من خلال تخصيص دعم عمومي مقداره 500 درهم، يقول عبد الرحيم شهيد.
وفي تفاعله حول مدى صحة هذه المعطيات التي يعزز بها مداخلاته، أكد شهيد أنها معطيات تضمنتها تقارير المندوبية السامية للتخطيط، كما يؤكدها الواقع المغربي، موضحا أن أغلب المغاربة يلجؤون لمواجهة غلاء الأسعار إلى الاقتراض من البنوك، أما الدعم الذي يقدم إلى الأسر المغربية اليوم، وانطلاقا من الطريقة التي يدبر بها، فلا تستفيد منه إلا فئات معينة، وأضاف أنه إذا كان هناك أغنياء حرب، وأغنياء أزمات، فهؤلاء المستفيدين يمكن تسميتهم أغنياء التنمية.
وتابع المتحدث أنه سبق للفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية أن نبه الحكومة إلى هذا الأمر، حينما فتحت باب الاستيراد أمام رؤوس الأغنام، حيث أكد أن هذه الباب مادامت فتحت فمن الصعب إغلاقها من جديد، إذ سيصبح الاستيراد على حساب الإنتاج الداخلي، وستبقى البلاد تستورد حاجاتها دائما، أما هؤلاء المستوردين فسيتحولون إلى فئة ضاغطة، وإلى لوبي يمارس السياسة ويتحكم في السياسيين من أجل ضمان استمرار استفادته.
وفي سياق آخر، مرتبط بالحصيلة المرحلية لحكومة عزيز أخنوش، أكد عبد الرحيم شهيد أن الحصيلة هي حصيلة المنجز صحيح، لكنها حصيلة ما يتحدث عنه المواطنون والمواطنات اليوم، من خلال الوعود التي تم تقديمها إليهم.
وكشف أن عمل هذه الحكومة ومنذ انطلاقها كان تحت عنوانين، الأول هو الفشل الذريع في كل الوعود التي تقدمت بها إلى المواطنين، سواء في البرامج الانتخابية لمكوناتها الثلاثة أو في برنامجها الحكومي، الذي تضمن 10 التزامات حكومية لم يتحقق منها ولا واحد، موضحا أن الحكومة التزمت مثلا بإخراج مليون أسرة من الفقر، لكن العكس هو ما حصل، كما التزمت برفع مستويات التشغيل في البلاد، لكن العكس هو ما تحقق، كاشفا أنه لم يحدث في تاريخ المغرب أن بلغ معدل البطالة نسبة 14%.
في نفس السياق، أكد رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، أن الحكومة التزمت كذلك برفع نسبة النمو إلى 6% و 7%، لكن لم نتجاوز إلى اليوم عتبة 2.5 %، كما أن معدل التضخم قد بلغ مستوى خطير للغاية، في مقابل أن الحكومة تؤكد وفرة السلع في السوق، أمام تذمر المواطنين من غلائها.
من جهة أخرى، كشف عبد الرحيم شهيد، أن الحكومة من خلال التدابير التي اتخذتها لمواجهة ظاهرة غلاء الأسعار، لا تعدو أن تكون وكأنها تزرع بذورا متنقلة، حيث تتغني بدعم الأسر الذي لا يتجاوز 500 درهم، وتنتظر منه أن يكون جوابا على جميع الإشكالات والتحديات المطروحة عليها، كما تمنح دعما مقداره 200 درهم بعد أن ألغت برنامج مليون محفظة، وتراهن عليه ليكون حلا أمام غلاء المستلزمات المدرسية، في حين أن موجة الغلاء شملت كل المنتوجات، موضحا أن الحقيقة هي أن التدابير التي اتخذتها الحكومة في جميع المجالات، كانت تدابير محدودة، أفضت في النهاية إلى تراجع المغرب في معدل التنمية من المرتبة 112 إلى المرتبة 120، وهو ما تغيبه الحكومة بالتركيز على مؤشرات بعينها دون غيرها.
وفي معرض جوابه عن سؤال حول تقييم التدخل الحكومي خلال الفيضانات الأخيرة التي عرفتها العديد من مناطق الجنوب الشرقي للمملكة، أكد شهيد أن مناطق الجنوب الشرقي هي مناطق ذات طبيعة خاصة، فهي مناطق للواحات تعرف هشاشة كبيرة، و أن ما حصل مؤخرا، هو أن هذه المناطق قد عرفت أمطارا طوفانية في وقت قصير، مخلفة مجموعة من الخسائر الكبيرة، حيث مثلا في بعض الجماعات، كجماعة «تاكونيت «بإقليم زاكورة، تعرضت منازل أكثر من 400 أسرة للهدم، وهم الآن من دون مؤوى، حيث فقط في دوار «بني سبيح»و دوار «بني هنيت» هناك 150 منزلا تعرض للهدم.
وسجل شهيد أنه كان هناك تدخلا عاجلا للسلطات المحلية وللمؤسسات المنتخبة، حيث قاموا بمجهود كبير من أجل فك العزلة عن هذه المناطق، متسائلا حول غياب الفاعل الحكومي، الذي كان من المفروض عليه أن يكون على الأقل باعثا عن الطمأنينة للساكنة، مسجلا أنه ولا فاعل حكومي قد انتقل إلى عين المكان، عدا وزير الفلاحة، الذي توقف في رأس الجبل في ورزازات، ليقدم دعما بقيمة 40 مليونا، ذلك أن السيد الوزير لم يقف على المستوى الحقيقي للخسائر التي عرفها المجال الفلاحي في كل من مناطق طاطا، والراشيدية، وتنغير، والتي كانت أكثر من ذلك بكثير، موضحا أن الغاية من حضور السيد الوزير كانت هي حضوره في حد ذاته فقط.
في نفس الإطار، سجل المتحدث أن حجم الاستثمار الذي خصص لهذه المناطق ليس له أثر نهائيا، خصوصا على مستوى سياسة الماء، من خلال توفير البنية التحتية المفروض فيها أن تستقبل الماء، كإحداث السدود الصغيرة والعتبات.
وأضاف في سياق تفاعله حول مستوى مسؤولية هذه الحكومة عن هذا الواقع، أن المشكل الأول اليوم يتمثل في غياب تواصل الحكومة، وفي غياب طمأنة المواطنين، خصوصا أننا أمام أزيد من 1000 منزل تعرض للهدم، وفي وجود إعلام عمومي ليست له القدرة للانتقال إلى عين المكان للوقوف على معاناة الساكنة التي يبيت جزء كبير منها في العراء، فمواطنينا اليوم يقطنون المساجد ومقرات الجمعيات.
وتساءل عبد الرحيم شهيد، عن الغاية من عدم استثمار صندوق تدبير الكوارث، لاسيما أنه محدث لضمان التدخل السريع لإنقاذ ضحايا الكوارث، ودعا الحكومة إلى استدراك الأمر بالتدخل العاجل لمساعدة الناس، خصوصا أن طبيعة شخصية ساكنة الجنوب الشرقي تمنعهم حتى من الشكوى، وهو ما يفرض استحضار هذه الطبيعة الثقافية للمنطقة.
وفي سياق متصل بآثار الفيضانات التي عرفتها العديد من المناطق بالجنوب الشرقي للمملكة وخاصة في مناطق الواحات، والتي تثير العديد من المسؤوليات المؤسساتية، نبه رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إلى أن المغرب يتوفر على وكالة وطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، متسائلا عن مآل الاستثمار العمومي الذي تم ضخه في هذه المناطق، وعن الغاية من هذه الوكالة، لاسيما أن خصوصية هذه المناطق كانت تفرض إحداث مشاريع مهيكلة، كما استغرب إلغاء وزير الفلاحة قبل أسبوعين فقط، استراتيجية تنمية مناطق الواحات والأركان 2030، ومن دون ذكر الأسباب، بالرغم من الأهمية التي تشكلها مناطق الواحات باعتبارها حزاما وسدا أمام التصحر، وهو ما يكشف بجلاء أهمية هذه المناطق في اهتمامات الحكومة.
أما بخصوص أحداث مدينة الفنيدق الأخيرة، أكد عبد الرحيم شهيد أن هذه الأحداث ليست أحداثا معزولة بالنسبة لمجموعة من الأحداث وطريقة تعامل الحكومة معها، إذ أنها تؤكد عنوانا عريضا، وهو غياب الحكومة، موضحا أن هذا الواقع لا يتطلب تشتيتا للمسؤوليات، فالمسؤول عن تسيير البلاد الأول هو الحكومة، وأضاف أنه لا يعقل أبدا أن الدعوة إلى اقتحام سبتة كانت قبل 15 يوما عن الحدث، لكن الحكومة كانت غائبة ومتجاهلة لها.
وفي تفاعل مع رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، الذي تساءل حول ماذا كان على الحكومة أن تفعل تجاه هذه الدعوة، أكد شهيد، أن الحكومة كانت مطالبة بالخروج عن صمتها، وبخروج الناطق باسمها، وبتعبئة الإعلام العمومي، وبرمجة مجموعة من البرامج، لدعوة العائلات لمنع أطفالها من الاستجابة لهذه الدعوة، باعتبارها دعوة مشبوهة، وأضاف أن الحكومة للأسف غير قادرة على هذه التدخلات، وذلك لأنها حكومة مساهمة في زرع اليأس، بسبب أنها لا تتقدم إلا بالأحلام الوردية للمواطنين، وتابع شهيد موضحا، أن المغرب يعيش اليوم مرور سنة على زلزال الحوز، والمفروض كان هو إعادة بناء 53 ألف منزل، لكن بعد سنة لم يتم بناء إلا 1000 منزل فقط، متسائلا كيف سنمنع ساكنة هذه المناطق مثلا من الرغبة في الهجرة؟ فلا أحد يفر من أوضاع جيدة، خصوصا أننا نتكلم اليوم عن أطفال في عمر الزهور، لم تتمكن الحكومة من خلق الأمل فيهم للمكوث في بلدهم لحضور فعاليات كأس العالم المزمع تنظيمها فيها سنة 2030.
وأضاف عبد الرحيم شهيد مؤكدا أن الحكومة لا تتكلم إلا مع نفسها، بإعلان أن كل شيء على ما يرام، في حين أن للمواطن رأي آخر، وكشف شهيد في هذا الإطار، أن هذا اليوم، عرف اجتماعا للنقابات لتدارس مشروع القانون الذي ستضعه الحكومة، والذي يقضي بإدماج منخرطي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتابع أن هذا القرار الذي تعتبره الحكومة مهما، وركنا من أركان الدولة الاجتماعية، قد حضرته لوحدها، مع العلم أنها تعلن يوميا، وعلى لسان رئيسها، أن الحوار الاجتماعي بات ممأسسا عندها.
وعودة إلى موضوع أحداث مدينة الفنيدق، أوضح شهيد أن غياب الحكومة عن هذه الأحداث يؤكد كذلك أنها لا تتكلم إلا مع نفسها، وأنها لا تتواصل مع الرأي العام، إلا للحديث عن منجز معين، وأضاف أن رئيس الحكومة عندما يأتي إلى مجلس النواب في إطار المساءلة الشهرية، تتجند معه أزيد من سبعين موقعا إعلاميا، فلو تم تجنيد هذه المواقع في حادثة الفنيدق، لتفسر للمغاربة أن تلك الدعوة مشبوهة، وأن تلك العملية غير صحيحة، لما تجاوب الناس معها.
وفي سياق متصل، أكد عبد الرحيم شهيد، أن الحقيقة الظاهرة، هو أن الحكومة تتخلى دائما عن مسؤولياتها وأدوارها، وتترك تدبير المشاكل والأزمات لفاعل آخر، ففي محنة الفيضانات تركت التدخل للعمال والولاة، وفي حادثة الفنيدق تركت الأمر بيد رجال الأمن، تماما كما فعلت خلال احتجاجات الأساتذة، حينما تركت تدبير الأمر لرجال السلطة، وتابع أن المطلوب اليوم هو أن تضطلع الحكومة بأدوارها كاملة، وإن لم تكن قادرة فما عليها إلا الانسحاب.
وبخصوص ملف طلبة الطب والصيدلة، أكد شهيد أن جميع النواب قد قاموا بمبادرات من أجل التوفيق بين مطالب الطلبة واختيارات الحكومة، وأن المواطنين اليوم لا يهمهم سماع تفاصيل هذه المبادرات، بل ما يهمهم هو ماذا فعلت الحكومة لحل هذا الملف، باعتبارها المسؤولة الأولى عن إيجاد حل له.
وأضاف: «صحيح أنه كانت هناك مبادرات من جهات متعددة، لكن الحقيقة التي أمامنا اليوم، هي أن الحكومة فشلت بعد مرور ما يناهز السنة في حل المشكل»، وتابع أن الطلبة يرون أن هناك تعنتا من طرف السيد الوزير في الوصول إلى حلول معهم، لكن يظهر أن الأمر أكبر من تعنت وزير، بل هو تعنت حكومة، موضحا أن هناك بعض المطالب وبعض التحليلات التي يسوقها الطلبة لتبرير مطالبهم، من الصعب رفضها، والتي تشكل أحد مظاهر هذه الأزمة، فمثلا عندما يتم تعيين شخص في أحد المناصب العليا، تبرر الحكومة اختيارها، بأنه تم تعيين أناس تلقوا تكوينا مهما وجيدا، في حين أنها اليوم تعمل على إنقاص مدة تكوين طلبة الطب والصيدلة بالرغم من أن المفروض هو أن يتلقوا تكوينا جيدا، من 5000 ساعة إلى 3000 ساعة، متسائلا كيف يمكن الحديث هكذا عن تكوين جيد لهؤلاء الطلبة.