أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو : الشعر فرصتنا للتغلغل في القلب النابض للعالم

يتمتع الشعر بأشكاله المتنوعة من قصيدة النثر والشعر المقفىالعمودي والشعر الرمزي والملتزم والموضوعي بقدرة فريدة من نوعها تجعلنا ندرك كkه العالم والوجود من حولنا بصورة مختلفة.
وتحتفل اليونسكو، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشعر لهذا العام، بقدرة الشعر على مساءلة اليقينيات والمعتقدات الراسخة من أجل أن نظل منفتحين على الآخر، وقبول العالم بكل عناصره المتنوعة، وكلها أسس لا غنى عنها لبناء مجتمعات السلام.
ولذلك تدعم اليونسكو الشعراء، ولا سيّما الأجيال الشابة، لتمكينهم من تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من هذا الجنس الأدبي، وكذلك لدعم نشر أعمالهم. فقد ساعدنا عشرة مؤلفين شباب من البحر الكاريبي مثلاً على المشاركة في سوق الشعر الأربعين الذي أُقيم في باريس في حزيران/يونيو 2023. وقد أُتيحت لهم خلال هذهالفعاليةفرصة التعريف بأعمالهم وعرضها وتبادل وجهات النظر بشأنها، والالتقاء بالناشرين لمساعدتهم على نشر قصائدهم ودواوينهم.
وقامت اليونسكو أيضاً، في إطار جهودها الرامية إلى صون التقاليد الحية، بإدراج عدد من الأشكال الشعرية في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للبشرية، مثل أناشيد الهدهد في الفلبين في عام 2008، وتراث المابويو الشفهي في فنزويلا في عام 2014، وترانيم الإيشوفا التي تُغنّى بلغة الهاراكمبوت في بيرو في عام 2011، وتراث الكوغيري الشفهي في أوغندا في عام 2015.
ولئن كان الشعر فناً حياً ينبض بالحياة، فقد كان أيضاً الوسيلة المفضَّلة التي اتخذتها المجتمعات على مر القرون وباختلاف القارات لأغراض تدوين تاريخها والحفاظ على ذاكرة ثقافتها من أجل نقل وتسجيل معارف الأسلاف. وكما قال الشاعر الإيفواري برنار بينلين دادييه باقتدار في قصيدته «أنت نائم» الواردة في ديوانه المعنون «رجال من كل القارات»، فإن الشاعر هو «الحارس العجوز/الذي يحرس الأسوار والحصون»، ويبرق «في عينيه، فجر العصور القديمة/وفي رأسه، تصدح أغاني الأزمنة المستقبلية». فالشاعر هو إذن شخصية الوسط التي تقف عند ملتقى الماضي الذي ولّى والمستقبل الذي يتعيّن بناؤه.
ولذلك لا تنفك اليونسكو تساعد على الحفاظ على بعض النصوص الشعرية الأكثر شهرة وأهمية في عصرها. ففي عام 2023، أُدرجت»كوديكسمانيس» (CodexManesse)، وهي مجموعة من القصائد الغنائية الألمانية في العصور الوسطى، ومجموعة المخطوطات التركمانية التي كتبها مختومقلي فراغي، والنقوش الحجرية لأمير خلخة، تسوغتوخونغ-تايجي، التي تُعدّ من الأمثلة البديعة على الشعر المنغولي، في سجل ذاكرة العالم، الذي يرمي إلى صون التراث الوثائقي وتعزيز انتفاع عامة الناس به.
ولذلك يُعدّ اليوم العالمي للشعر فرصة لنا جميعاً تمكّننا من التغلغل في القلب النابض بالحياة لذواتنا وللعالم نفسه، على حد تعبير الشاعر والسياسي المارتينيكي العظيم إيميه سيزير، في إطار سيرورة سلام داخلية وكونية على حدّ سواء.


بتاريخ : 21/03/2024