أولياء مغاربة في مصر سيدي عبد الله الغريب: المغربي الذي جاء لمصر دفاعا عن الحجيج ضد القرامطة 13

العلاقة التي تربط المصريين والمغاربة ،علاقة تمتد في الزمن منذ قرون،فقد تعددت أوجه هذه العلاقة كما تشهد بذلك كتب التاريخ .
ووفق المؤرخين، فقد هاجر العديد من المغاربة إلى الديار المصرية في عهد مولى إسماعيل، خاصة من فاس ومراكش، حيث استوطن أهل فاس في القاهرة، في حين استوطن أهل مراكش في الإسكندرية.
وتؤكد المصادر التاريخية، أن المغاربة الذين اختاروا مصر مقاما جديدا لهم، يعتبرون من التجار الكبار، وهناك تأقلموا مع أهل هذا البلد، فنمت تجارتهم، بل استطاعوا أن تكون لهم اليد العليا على المستوى التجاري والاقتصادي، فأصبحوا فعلا يشكلون النخبة هناك، ولهم تأثير واضح على مستوى الحكم.
تمكن المغاربة الذين اندمجوا بسرعة في المجتمع المصري،من توسيع تجارتهم، لتمتد إلى خارج مصر، وتصل إلى مكة والشام، بل بنوا حارات جديدة مازالت قائمة في مصر إلى اليوم، شاهدة على ما قدمه المغاربة من إضافة إلى وطنهم الجديد.
لم تقتصر الأيادي البيضاء للمغاربة على مصر في هذا الباب، بل ظهرت جليا على مستوى العلم والتصوف.
وكما يقال، إن كان الإسلام دخل إلى المغرب من الشرق، فإن تأثير المغاربة في المشرق جاء عن طريق علماء الصوفية.
في هذه الرحلة، نستعرض أهم أشهر المتصوفين المغاربة المدفونين في المشرق خاصة في مصر ،الذين تركوا بصمات وأتباع لمدارسهم الصوفية إلى اليوم ،حيث يستقطب هؤلاء المتصوفة المغاربة، الملايين من المريدين المصريين كل موسم.

 

سيدي عبد لله الغريب الرجل التقي والزاهد ، هو من أصل مغربي ،واسمه الحقيقى، أبويوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد، وكان قائداً عسكريا عرف بالتقوى والزهد، بدأ صيته في سنة 926 ميلادية، عندما اعترض القرامطة الحجيج، بعد أن أدوا الفريضة، فقطعوا عليهم الطريق، وأسروا النساء وأبناءهن، وثار الناس فى بغداد، وكسروا منابر المساجد يوم الجمعة، وصرخت النساء فى الطرقات، وطالبن بالقصاص من القرامطة.
وقد أطلق عليه اسم عبدالله الغريب، كون البشر كلهم عبيدالله لذا فهو عبدالله، وحضر فى مهمة تتعلق بتأمين طريق حجاج البيت الحرام، أما لفظ الغريب فلكونه ليس من أبناء السويس، بل ترجع أصوله إلى المغرب فأصبح عبدالله الغريب.
بالسويس المصرية، يوجد مسجد ومقام عبدالله الغريب أشهر مساجد مدينة السويس، وأغرب الأضرحة بها، إذ توجد كما يقول الباحثون، لوحة رخامية إلى جواره مكتوب عليها الشيخ «عبد الله الغريب»
جاء على رأس حملة عسكرية إلى مصر تقدمت من القاهرة حتى بلبيس ومنها إلى القلزم،عندما علم بنبأ مهاجمة القرامطة لمصر وللحجاج والتقى مع القرامطة فى معركة حاسمة، استشهد فيها، ودفن فى الضريح الذى أقامه «السوايسة» له أربعة من مشايخ الصوفية، هم الشيخ عمر والشيخ أبوالنور والشيخ حسين والشيخ الجنيد
ويقال إن سيدى الغريب هو سبب تسمية المدينة بالسويس، بعد أن كانت تسمى القلزم، وذلك لأنه كان ينادي على الناس أثناء معركته مع القرامطة ويقول «أقدموا سواسية ترهبون أعداء الله» وبعد استشهاده أطلق الأهالي على المكان الذى استشهدوا فيه «أرض الشهداء السوايسة.
ويطلق على المنطقة التى يوجد بها مسجد وضريح الغريب، حي الغريب، وهو من أشهر وأقدم الشوارع فى السويس ‏.
وأصبح قبر وضريح الغريب بعد وفاته مزاراً لحجاج بيت الله الحرام وبه بئر للسقاية، كان الناس جميعًا يشربون منه طوال العام، قبل أن تشق ترعة الإسماعيلية التي تمد السويس بالمياه العذبة، ومن الحكايات الشعبية لبركات هذا الولي، أنه بعد حصار السويس في 22 أكتوبر 1973، إبان حرب أكتوبر، حاصرت قوات الاحتلال الصهيوني ترعة الإسماعيلية، وقطعت المياه عن أهالي السويس، فإذا ببئر سيدي الغريب تتفجر لتسقي كل أهالي السويس.


الكاتب : إعداد وتقديم: جلال كندالي

  

بتاريخ : 26/03/2024