أيُّهَا اللَّهَبُ … أَنْتَ مَأْوَايَ فِي الْجَلِيد
بِأَرْضٍ لَمْ تَكْتَمِلْ
كَانَتِ الصَّرْخَةُ
كَانَ الْمَمْشَى طَوِيلَ الْأَلَم
كَانَتِ النَّارُ لِسَانَ الْحَالْ
وَكَانَ الظِّلُّ مَسْرُوقاً مِنْ شَجَرَةٍ ذَاهِبَةٍ إِلَى الْحَتْفِ الْأَخِير
هَذَا الْجَسَدُ جَحِيمٌ
وَتِلْكَ الرُّوحُ رَمَادُ الدَّهْر
وَمَا بَيْنَهُمَا سُرَّةُ الْبِدَايَة
اِبْدَأْ أَيُّهَا اللَّهَبُ… أَنْتَ مَأْوَايَ فِي الْجَلِيد
أَضِئْ سَطْوَةَ اللَّبْسِ فِي رُؤَايْ
وَاكْتُمْ سِرَّ الْأَنْفَاس
فَالْحَطَبُ قَلِيلٌ زَادُهُ وَذَاكَ الْوُجُودُ أَشْقَى
حُرُوبٌ تَأْكُلُ الْحَوَارِي، شُرُفَاتِ الْحَبِيبَاتِ، أَبْوَابَ الْأَصْدِقَاء، مَفَاتِيحَ الشَّيْخُوخَة
وَتَرْقُصُ بِلَا خَجَلٍ عَلَى أَمَلٍ مُغْتَالٍ، وَعَلَى شَمْسٍ دَمُهَا الْمَسْفُوحُ عُنْوَانُ الْجَرِيرَة
تَلْعَنُ الْحَيَاةَ وَتَبِيتُ عَلَى جُثَثِ الْخَرَاب
تُنَاصِرُ طُوفَانَ الرَّمْلِ، تُشَيِّدُ مَمَالِكَ وَهْمٍ عَلَى عَرْشِ الصَّحْرَاء، وَتَزُفُّ النَّهْرَ جَنَازَةً
تَلْعَكُ مَضَاضَةَ الْمَجْرَى
وَلَا يَدَ تَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ مُلْتَهِبَةً بِضَوْءِ الزَّيَاتِينِ، بِجَذَلِ الْغَدِ، بِمُوسِيقَى تُرَتِّبُ الْوُجُودَ مِنْ جَدِيد
وَتَبْذُرُ الْخَيَالَ فِي دَمِ الفِكْرَةِ، الْكَلَامَ فِي خَرَسِ الْمَعْنَى ، وَتَشُقَّ طَرِيقاً جَدِيداً صَوْبَ النَّدَى
أَيُّهَا اللَّهَبُ
اِقْرأْ أَوْجَاعَ الْحَدَائِق، عَطَشَ الْمَاء، تُخْمَةَ الْحَجَر، وَارْوِ سِرَّ الْمَجهُول لِشِفَاهٍ جَرِيحَة، وَعُيُونٍ سَامِقَةٍ فِي الْأَرَقِ
حَرِّضْ قَبَائِلَ مَغْلُولَةً فِي سُبَاتٍ قَدِيمٍ، اللُّغَةَ مَأْسُورَةً فِي الْمَعَاجِمِ الرَّثَّة، وَاكْتُبْ خِطَابَكَ الْأَخِير عَلَى طِرْسِ الْآتِي
تَمَّةَ غَدٌ يَنْتَظِرُ…
أيُّهَا اللَّهَبُ

الكاتب : صالح لبريني
بتاريخ : 19/09/2025