أكدت النائبة البرلمانية إبتسام مراس، باسم الفريق الاشتراكي، أن الحكومة لم تتجاوب مع مبادرات مجلس النواب التشريعية على وجه الخصوص، بالرغم من كونها تعتبر قوة اقتراحية إصلاحية تسعى في جزء منها إلى سد الخصاص التشريعي في مجال معين، إذ لم تتفاعل الحكومة مع 30 مقترح قانون ذات العلاقة بالمنظومة الصحية تقدمت بها مختلف مكونات المجلس، والتي تمثل نسبة 15 بالمئة من كل المبادرات التشريعية المقدمة خلال هذه الولاية التشريعية.
وأوضحت النائبة الاتحادية، في مداخلتها بمجلس النواب خلال مناقشة تقرير اللجنة الموضوعاتية حول المنظومة الصحية، أول أمس الثلاثاء 8 يونيو، أن هذه المبادرات التشريعية النيابية المتنوعة، شملت القوانين المؤطرة لقطاع الصحة، ومزاولة المهنة، والتغطية الصحية، ونظام الحكامة والبعد الاجتماعي للعاملين بالقطاع، إلى جانب المبادرات التي تهم الجانب اللوجيستيكي والرعاية الاجتماعية، والأدوية، ومنظومة تحاقن الدم، إلى غيرها من المواضيع المهمة.
وناقشت مراس، تقرير اللجنة، بتناول أهم مضامينه، خاصة في ما يتعلق بمحور المهن الطبية، وشبه الطبية، والبحث العلمي، مضيفة أن هذا التقرير، وبعد تشخيصه للوضعية الحالية، تضمن العديد من المقترحات والتوصيات في المجال التشريعي والتنظيمي والموارد البشرية والحكامة،ومن أهم هذه التوصيات تلك المتعلقة بمراجعة وتحيين القوانين المؤطرة للمهن الحرة، وشبه الطبية، والبحث العلمي، بالإضافة إلى تشجيع البحث العلمي في المجال الطبي والاستثمار فيه، وخلق مختبرات الأبحاث وتدعيم الأساتذة الباحثين، والأبحاث السريرية كما تَأَكد ذلك إبان الجائحة التي تعيشها بلادنا.
واعتبرت المتحدثة، أنه بات من الضروري اليوم التسريع بوضع نظام قانوني خاص بالوظيفة العمومية في المجال الصحي، وإخراج الأطر الصحية من قانون الوظيفة العمومية، وسن نظام قانوني خاص بهذه الفئة.
بالنسبة لمحور البنية التحتية والخريطة الصحية، أكدت مراس، أنه بدون شك أحد أهم محددات ومداخل إصلاح المنظومة الصحية وتجويد القطاع الصحي ببلادنا، لأن تجويد وتحسين بنيات الاستقبال وتوسيع البنيات التحتية الصحية وتعميمها على مختلف الأقاليم والجهات سيحقق العدالة المجالية والمساواة والولوج المتكافئ للخدمات الصحية، وضمان الحق في العلاج والاستفادة من كافة الخدمات الصحية على قدم المساواة بين الفئات من جهة، وبين الجهات من جهة أخرى، تقول النائبة البرلمانية.
وجددت مراس التأكيد على ضرورة اعتماد تقطيع ترابي يراعي خصوصيات كل جهة وحجم كثافتها السكانية وامتدادها الجغرافي سواء تعلق الأمر بالخصوصيات الوبائية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإدارية، وذلك من أجل تجاوز إشكالية التحديد المجالي للخريطة الصحية وملاءمتها مع خصوصيات مختلف جهات المملكة لمواجهة التحديات التي تواجهها المنظومة الصحية، وتتمثل أبرز هذه التحديات من حيث التوزيع المجالي لهذا القطاع الحيوي الذي يتسم بوجود مجموعة من التفاوتات المجالية والجهوية في ما يتعلق بالبنيات التحتية الصحية، داعية إلى ضرورة التوزيع العادل للأطر الطبية وشبه الطبية على مستوى مختلف أقاليم وجهات المملكة.
وذكرت مراس، أن خلاصات مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالصحة، وقفت على الإكراهات المالية وإشكالية التمويل باعتبارها أحد أهم المعيقات والصعوبات التي تعترض تطور قطاع الصحة. مضيفة، «سبق لنا عند مناقشة الميزانية الفرعية لقطاع الصحة خلال هذه الولاية التشريعية أن طالبنا بالرفع من ميزانية قطاع الصحة التي لا ترقى إلى طموحاتنا.»
وثمنت مراس باسم الفريق الاشتراكي، ما ورد في هذا التقرير خاصة التوصية التي توكد على ضرورة البحث عن مصادر أخرى للتمويل من خلال قانون المالية، وذلك بتخصيص نسبة من « ضرائب السجائر والكحول والمشروبات الغازية « وتوجيهها لتمويل قطاع الصحة، إلى جانب تعزيز الشراكة مع الجهات والجماعات الترابية والقطاع الخاص وتحفيزه للاستثمار في المجال الطبي من أجل تخفيف عبء النفقات الصحية على الأسر المغربية، وتوفير الوعاء العقاري لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الصحة بدفتر تحملات مدقق الأهداف.
وقالت مراس في هذا السياق، «لقد حظيت السياسة الدوائية كذلك باهتمام خاص منا، لأننا نعتبر أن الحق في الولوج للدواء لكافة فئات المجتمع جزء لا يتجزأ من الحق في الصحة المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية».
وأكدت المتحدثة على ضرورة التسريع بإحداث وكالة وطنية مستقلة للأدوية بدل مديرية تابعة لوزارة الصحة، وإرساء سياسة دوائية ناجعة وفعالة قادرة على الوفاء والاستجابة لحاجيات ومتطلبات المواطنات والمواطنين، وإحداث الوكالة الوطنية للأدوية سيمكن من تعزيز حكامة قطاع الأدوية بالمغرب، وكذا تشجيع الصناعة الدوائية الوطنية والبحث العلمي في هذا المجال خاصة ما يتعلق بالتجارب السريرية.
كما دعت في مداخلتها إلى تشجيع الدواء الجنيس والأدوية المصنعة وطنيا، والحد من استيراد الأدوية إلا للضرورة، ووقف استيراد الأدوية المصنعة أو القابلة للتصنيع بالمغرب، واستعمال مساطر واضحة وشفافة للحصول على الأذون بالوضع في السوق AMM وكذا لتحديد الأسعار، ونسب الاسترجاع عن بعض الأدوية، وكذلك ضرورة إدراج الصناعة الدوائية الوطنية ضمن الصناعات المشمولة بالأفضلية.
وطالبت النائبة الاتحادية الحكومة بالتفاعل الإيجابي مع مجلس النواب والإسراع بتنزيل خلاصات وتوصيات التقرير المذكور، خاصة تلك التوصيات التي لا تتطلب أي إمكانيات أو موارد مالية، بل تتطلب فقط الإرادة السياسية.
وسجلت مراس إصرار الحكومة على عدم تطبيق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 65.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، في ما يتعلق بإعداد دراسة الأثر المرفقة بمشاريع القوانين للإحاطة بمختلف الآثار المحتملة لهذه القوانين على مختلف الميادين والمجالات، وعلى المخاطبين بها على وجه الخصوص، وبالتالي ضمان إقرار قوانين جيدة، واقعية، وقابلة للتطبيق.
وفي نفس الإطار، خلصت إلى أن التأخر غير المبرر أحيانا في إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بتطبيق وتنفيذ النصوص التشريعية التي تدخل في مجال قطاع الصحة، يحول دون تطبيق هذه القوانين في مجملها أو في العديد من مقتضياتها.
وختمت مراس بأن إشكالية تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، وبين المواطن والحكومة عامة، ثم تعزيز الثقة بين الوزارة المكلفة بقطاع الصحة وباقي الشركاء والمتدخلين المعنيين بهذا القطاع لن يتم حلها أو تجاوزها إلا عن طريق التواصل المؤسساتي وإرساء الحكامة الجيدة، كما تتطلب عملية بناء الثقة تعزيز الشراكة وتفعيل الآليات التي تسمح بتوسيع مجال إشراك كل الفاعلين والمعنيين بقطاع الصحة سواء في إعداد مشاريع القوانين والمراسيم التطبيقية أو في إعداد وتتبع تنفيذ السياسات العمومية المتعلقة بالصحة.
إبتسام مراس :يجب التسريع بوضع نظام خاص بالوظيفة العمومية في المجال الصحي والحكومة لم تتجاوب مع مبادرات النواب التشريعية»
الكاتب : أنوار بريس: التازي أنوار
بتاريخ : 10/06/2021