إثر حلول لجنة طوبوغرافية لترسيم حدود بين قبيلتين .. هدوء حذر بمنطقة تاسماكت بإقليم إفران بعد مواجهات أصيب فيها أزيد من 15 عنصرا من القوات العمومية

لم تستعد منطقة تاسماكت، التابعة لجماعة سيدي المخفي، إقليم إفران، هدوءها الكامل بعد، كما أنها لاتزال تحت المجهر الأمني كإجراء احترازي، على خلفية الأحداث التي شهدتها، يوم الثلاثاء 22 ماي 2018، فيما انتشر من المعلومات ما يفيد أن جهة مسؤولة طالبت عناصر القوات العمومية المصابة في الأحداث بإنجاز شهادات طبية، ما حمل المتتبعين إلى احتمال «مقاضاة المتهمين» أوالتهديد باعتقال ما يسمى ب «المتورطين» في الأحداث، بينما علم من مصادر مختلفة دخول هيئات حقوقية على الخط بغاية الوقوف على طبيعة وآثار هذه الأحداث وطريقة تدبيرها من قبل السلطات المسؤولة في ما يتصل بمطالب وحقوق المواطنين المعنيين.
وكانت منطقة تاسماكت قد عاشت على صفيح احتقان خطير لم يكن متوقعا أن يرتقي إلى مواجهات عنيفة إثر حلول لجنة من مصالح «الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري» معززة بعناصر من القوات العمومية لتأمين عملية ترسيم حدود عقار تابع للجماعات السلالية، بناء على حكم قضائي لصالح إحدى القبائل المجاورة، حسب تصريحات متطابقة من عين المكان.
وصلة بالتفاصيل، لم تستسغ ساكنة قبيلة «آيت حدو وعلي» قرار ترسيم الحدود، من خلال احتشادها بعين المكان والاحتجاج على السلطات التي تم اتهامها بسوء تدبير الملف الذي عاش صراعات ونزاعات لأكثر من 60 سنة حول من له الحق في امتلاك الأرض السلالية التي تبلغ مساحتها 1000 هكتار، حيث ترى قبيلة «آيت حدو وعلي» أحقيتها فيها، إلا أن قبيلة «آيت محمد أولحسن» تستغلها منذ سنين دون أي سند قانوني، قبل أن يحسم القضاء قضيتها ابتدائيا واستئنافيا، بعد سلسلة من العراقيل وأعمال العنف.
وقد تأجج لهيب الوضع إلى نحو رشق أفراد السلطة والقوات العمومية بالحجارة باستعمال المقالع، ما تسبب في جرح أزيد من 15 عنصرا من القوات المساعدة، تم نقلهم على الفور صوب المستشفى الإقليمي 20 غشت بأزرو لتلقي العلاجات الضرورية، الوضع الذي تسبب في عدم إتمام عملية التحديد الإداري للأرض المتنازع حولها على غرار ما يُعرف بمشكل الأراضي السلالية التي لا تزال بؤرة للكثير من التوترات بين القبائل والأفراد ويستغلها البعض كمطية لتحقيق مكاسب رخيصة، أويتم نزعها تارة بمبرر الملك الغابوي وتارة بالتحديد العقاري.
وإلى حدود الساعة، لا تزال كل الاحتمالات واردة، بالنظر لتاريخ النزاع القبلي إزاء ملف العقار المتنازع عليه، ما بين تشبث قبيلة «آيت محمد أولحسن» بأحقيتها في استغلاله من خلال مراسلاتها وشكاياتها المقدمة للجهات المسؤولة، بناء على قرارات وأحكام، وبين قبيلة «آيت حدو وعلي» التي ظلت تتقدم، منذ عشرات السنين، بطلب تحفيظ أراضي تاسماكت وتعرضات تقول عنها القبيلة الأولى إنها لم تُقدم إلا في مارس 2012، ولا وجود لما تريد تحفيظه ضمن الجماعات السلالية، ولم يفت الهيئة النيابية للجماعة السلالية لهذه الأخيرة التقدم لفرع «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» بأزرو بطلب مؤازرة إثر الأحداث التي شهدتها المنطقة، حيث قام رئيس فرع الجمعية بلقاء مع نواب الجماعة السلالية للاطلاع على حيثيات الملف في أفق الخروج بتقرير في الموضوع.
وفات للسلطات الإقليمية أن قررت تحديد العقار لصالح قبيلة «آيت حدو واعلي»، ما حمل قبيلة «آيت محمد أولحسن» على تعميم شكاية وعريضة احتجاجية تتهم فيها عاملا سابقا بالتلاعب في الملف، في حين لم تتوقف قبيلة «آيت حدو وعلي» عن تمسكها بأحقيتها في العقار، مقابل استمرار المتتبعين للملف بمطالبة الجهات المسؤولة ومراكز القرار بالتدخل من أجل تسوية النزاع واحتوائه بمسؤولية وتفاهم حقيقي، وبما ينزع فتيل هذا النزاع الذي عمر طويلا واختلق أزمة في العلاقات بين القبيلتين الجارتين، وكل المؤشرات تؤكد مخاطر تطور «الصفيح الساخن» الذي دخلته المنطقة بعد القرار القضائي والإصرار على ترسيم الحدود بين القبيلتين.


الكاتب :  أحمد بيضي

  

بتاريخ : 29/05/2018