إدارة ترامب تجند وزارة الأمن الوطني والوكالات الفيدرالية لترحيل مليون مهاجر

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى ترحيل مليون مهاجر خلال عامها الأول، وهي تتواصل مع 30 دولة على الأقل في هذا الصدد.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، أول أمس السبت، عن مسؤول اتحادي سابق كان ضمن الإدارة، أن فريق ترامب «تبنى نهجاً عدوانيا» لتحقيق هدف ترحيل مليون مهاجر.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض يعمل يوميا مع وزارة الأمن الوطني والوكالات الفيدرالية لتحقيق هذا الهدف.
يذكر أن ترامب، وعد خلال حملته الانتخابية بترحيل «ملايين المهاجرين»، بينما أشار نائبه جي دي فانس، إلى إمكانية البدء بمليون مهاجر.
وفي إطار مكافحة الهجرة غير النظامية، استخدم ترامب صلاحيات قانون «الأعداء الأجانب» الذي يعود لعام 1798، والذي كان يُطبق سابقاً فقط في فترات الحرب، لتسريع عمليات الترحيل.
ويُعطي «قانون الأعداء الأجانب» الذي أعاد ترامب تفعيله، الرئيس صلاحيات استثنائية لاستهداف وترحيل المهاجرين غير المسجلين.
وتم استخدام هذا القانون خلال حرب 1812، والحرب العالمية الأولى (1914-1918)، والحرب العالمية الثانية (1939-1945) لترحيل «الأعداء الأجانب النشطين».

دول بديلة لترحيل المهاجرين

إلى ذلك، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين، أنّ «إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تبحث عن وجهات جديدة لترحيل المهاجرين المخالفين من الولايات المتحدة؛ بسبب تلكؤ دولهم الأصلية في استقبالهم».
وأوضحت الصحيفة، عبر تقرير لها، أنّ «إدارة ترامب تجري مفاوضات مع دول من أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية، بالإضافة إلى جمهورية كوسوفو -غير المعترف بها جزئيا- من أجل استقبال المهاجرين المطرودين من الولايات المتحدة».
وأضافت الصحيفة: «يبحث المسؤولون عن وجهات جديدة من أجل إرسال المهاجرين الذين تريد الولايات المتحدة ترحيلهم، غير أنّ دولهم الأصلية إما أنها تبطئ في استعادتهم أو أنها ترفض ذلك تماما».
وفي السياق نفسه، أشارت عدد من التقارير الإعلامية المُتفرّقة إلى أنّ «واشنطن تُجري جُملة مناقشات مع عدة دول، منها ليبيا ورواندا وبنين وإسواتيني ومولدوفا ومنغوليا وكوسوفو؛ على أمل الحصول على موافقتها، وذلك ربما يتم مقابل مكاسب مالية أو سياسية».
كذلك، وفقا للمصادر نفسها، فإنّ السلطات الأمريكية تسعى في الوقت ذاته إلى توقيع اتفاقيات مع عدد من دول أمريكا اللاتينية لكونها «دولا آمنة»، حيث يمكن طلب اللجوء فيها. فيما أوضح المطلعون أن محادثات تجري حاليا مع هندوراس وكوستاريكا، وذلك بخصوص ما يشبه هذه الصفقات.
وفي الوقت نفسه، تسعى الولايات المتحدة إلى توقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع دول في أمريكا اللاتينية ترى أنها مناطق آمنة لطلب المهاجرين اللجوء إليها بدلا من السفر إلى الولايات المتحدة.
وعبر بيان، لم يتطرق فيه متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى المحادثات الدبلوماسية الخاصة، غير أنّه قال «إن إنفاذ قوانين الهجرة الوطنية أمر بالغ الأهمية للأمن القومي والسلامة العامة للولايات المتحدة، بما في ذلك ضمان التنفيذ الناجح لأوامر الترحيل النهائية».
إلى ذلك، تعمل وزارة الخارجية الأمريكية بشكل وثيق مع وزارة الأمن الداخلي «من أجل تنفيذ سياسات إدارة ترامب المتعلقة بالهجرة»، فيما لم يستجب البيت الأبيض أو وزارة الأمن الداخلي لطلبات التعليق من عدد من الصحف الأمريكية.
تجدر الإشارة إلى أنّ ستيفن ميلر، وهو من أشد مؤيدي ترحيل المهاجرين ويشغل منصب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للسياسة، هو من يقود الجهود الرامية إلى إيجاد المزيد من الدول الراغبة في قبول مواطنين لا من الولايات المتحدة ولا من المكان الذي يُرحّلون إليه.

«قيصر الحدود» مسؤولا
عن ملف الهجرة

بدت اختيارات واضحة في ما يخص ملف المهاجرين حين عيّن المتشدد توم هومان مسؤولا عن الوكالة المكلفة بالإشراف على حدود الولايات المتحدة (آي سي إي) في الإدارة المقبلة.
وكان ترامب، منذ أيامه الأولى في البيت الأبيض، قد كتب على منصته «تروث سوشال»: «يسعدني أن أعلن انضمام المدير السابق لوكالة آي سي إي والنصير القوي في مراقبة الحدود توم هومان إلى إدارة ترامب وسيكون مسؤولا عن أمن حدودنا (قيصر الحدود)».
وأضاف: «أعرب توم منذ زمن طويل، ولا أحد أفضل منه لمراقبة حدودنا وضبطها»، مشيرا إلى أنه سيكون مسؤولا «عن كل عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين» وإعادتهم إلى بلادهم.
وترأس هومان الوكالة المكلفة بالإشراف على حدود الولايات المتحدة خلال إدارة ترامب السابقة (2017-2021) التي فُصل خلالها قرابة الأربعة آلاف طفل مهاجر عن ذويهم ووضعوا قيد الاحتجاز.
ومعلوم أن ترامب هاجم بشدة خلال حملته الانتخابية المهاجرين غير النظاميين، معتبرا أنهم يجلبون «جينات سيئة» إلى بلاده و»يسمّمون» الدم الأمريكي. كما يبق له أن هاجم نائب الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، في ما يتعلق بإحصائيات الهجرة والجريمة، قائلا: «تسمح للناس بالمرور عبر حدود مفتوحة (..)، 13 ألفا منهم قتلة… كما تعلمون الآن القاتل أعتقد هذا، إنه في جيناتهم ولدينا جينات سيئة، والكثير من الجينات السيئة في بلدنا الآن». وهو التصريح الذي أدانه البيت الأبيض في عهد جون بايدن، ووصف توجهات ترامب بأنها «بغيضة ومقززة».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أنذاك، كارين جان بيير، للصحفيين: «هذه اللغة بغيضة ومقززة وغير مناسبة، وليس لها مكان في بلدنا».
ولوحظ، قبل فوزه الساحق بالانتخاب الرئاسية، أن خطابات ترامب حول المهاجرين أكثر قتامة ومأسوية مع مزاعم لا أساس لها من الصحة بأن المهاجرين لديهم سجلات إجرامية، ويأكلون الحيوانات الأليفة، ويمكن أن يبدأوا «الحرب العالمية الثالثة».
ووجد تحليل أجراه موقع «أكسيوس» الأمريكي لـ 109 من خطابات ترامب ومناظراته ومقابلاته أنه وصف المهاجرين الفنزويليين بالمجرمين 70 مرة، والمهاجرين الكونغوليين بالمجرمين 29 مرة في الفترة من 1 سبتمبر 2023 إلى 2 أكتوبر 2024.
كما أنه وصف المهاجرين من السلفادور بالمجرمين 22 مرة، والمهاجرين من هندوراس بالمجرمين 20 مرة. ووصف ترامب المهاجرين من المكسيك بالمجرمين 13 مرة، والمهاجرين من غواتيمالا بالمجرمين 10 مرات.
ومن بين التصريحات التي حللها موقع «أكسيوس»، لم تظهر أي دولة أوروبية في القائمة.
وشارك ترامب مرارًا وتكرارًا ادعاءات حول المهاجرين الهايتيين بأنهم يأكلون الحيوانات الأليفة في سبرينغفيلد بولاية أوهايو، وتعهد بإلغاء وضع الهجرة للمهاجرين الهايتيين الذين يعيشون بشكل قانوني في الولايات المتحدة.

سياسة الترحيل القسري

قال المعلّق في صحيفة «التايمز» البريطانية، روجر بويز، إنّ سياسة الترحيل القسري التي بدأتها إدارة دونالد ترامب، في أسبوعها الأول من تسلّم السلطة، تهدّد بخلق اضطرابات جديدة وتنفّر حلفاء وأصدقاء أمريكا، على حساب ترضية القاعدة وتعزيز اليمين المتطرف في أوروبا.
وأوضح بويز أن: «هناك عبارة واحدة برزت في تقارير الشرطة من جولات اعتقال وترحيل المهاجرين التي أمر بها ترامب، إنها «الاعتقالات الجانبية»، وتنطبق على المهاجرين الذين تم القبض عليهم في المداهمات ومنحتهم إدارة جو بايدن وضعا قانونيا مؤقتا»، مردفا: «هم ليسوا مهاجرين غير شرعيين، ولكنهم الآن على القائمة وقد يحزمون حقائبهم قريبا».
وأضاف أن: «عاصفة الأوامر التنفيذية التي وقّعها الرئيس في أول يوم من تنصيبه، وقدمها بطريقة مبهرجة أدّت لتوسيع صلاحيات ضباط الهجرة بشكل كبير وتغيير الخطاب حول الترحيل. وتحول استخدام ترامب لعبارة «جريمة الهجرة» لإضفاء الشرعية على حملة قمع على مستوى البلاد إلى افتراض أوسع للجريمة».
وأبرز: «علاوة على ذلك، مع انخراط القوات المسلحة في الدفاع عن الحدود الجنوبية والترحيل المادي، تتحوّل قضية المهاجرين إلى قضية أمن قومي»، متابعا: «يتحدث ترامب عن -غرباء يشنون غزوا-. وفي أمريكا تم تقديم الخلاف الذي نشب بين ترامب، والرئيس الكولومبي، غوستاف بيترو، بأنه «مهزلة محلية»، مع أنه في الحقيقة أكبر من هذا».
«رفض الرئيس الكولومبي مواطني بلاده المرحلين على متن طائرات عسكرية مقيدين بالأغلال وطالب بمعاملتهم بالكرامة الإنسانية التي يستحقونها، مؤكدا أنهم ليسوا مجرمين» أبرز التقرير موضحا: «ردّ ترامب بفرض تعرفة جمركية بنسبة 25% على الصادرات الكولومبية. وعمل بيترو نفس الأمر، مع أن تأثير عقوباته أقل من العقوبات الأمريكية».
وأشار إلى أن: «نسبة الصادرات الأمريكية إلى كولومبيا لا تتجاوز 1% مقارنة مع نسبة 26% من الصادرات الكولومبية إلى أمريكا. وكان رد بيترو قاسيا على ترامب عندما كتب: أنت لا تحب حريتنا، لا يهم، ولكنني لا أصافح يد تجار العبيد، حاول الإطاحة بي، أيها الرئيس، وسترد كل أمريكا اللاتينية والإنسانية».
وتابع التقرير: «في واقع الأمر، على الرغم من إعجاب دول أمريكا اللاتينية بشجاعة بيترو، فإنها تميل حاليا إلى استقبال مواطنيها المرحلين إلى أوطانهم بدلا من المخاطرة بتصعيد سريع لحرب تجارية شاملة مع سوقها الرئيسية، أي الولايات المتحدة. ويرجع هذا جزئيا إلى مسألة كسب الوقت. ذلك أن مداهمات الترحيل لا تسير بالسرعة التي كان يأملها الرئيس».
واسترسل: «في الأسبوع الثاني من رئاسته، يطالب وكالات الهجرة بزيادة حصتها إلى 1,500 اعتقال يوميا للمهاجرين غير المسجلين. وإذا كان ترامب يريد حقا أن يعيد مليون مهاجر إلى أوطانهم هذا العام، فيتوجب عليه تكثيف هذه العملية. وسيمنح هذا التأخير الصين الوقت الكافي لتكثيف محادثات التجارة في الفناء الخلفي لترامب، مما يمنح دول أمريكا اللاتينية المزيد من الوقت لزيادة نفوذها التفاوضي».
وفي السياق نفسه، يرى بويز أن: «حملة ترحيل المهاجرين القسرية صممت لزرع الخوف والردع، فقد بات مسموحا لسلطات الجمارك والهجرة الدخول بحرية إلى الكنائس والمدارس والمستشفيات بحثا عن مهاجرين غير شرعيين فيها».
«منع ترامب دخول آلاف المهاجرين الذين حصلوا على إذن بالدخول إلى الولايات المتحدة. وتم إلغاء البرامج التي تسمح للفنزويليين والكوبيين والهايتيين بالبقاء فترة مؤقتة في أمريكا» تابع التقرير، مضيفا: «صدرت توجيهات للمسؤولين الفيدراليين بالتحقيق (وربما مقاضاة) سلطات المدينة والولاية التي تتدخل في عمليات الترحيل».
وأردف: «سيتم إجراء فحوصات صحية صارمة على كل من يحاول عبور الحدود الجنوبية وسيتم تقييد حق المواطنة بالولادة. ومن المقرر أن تنضم الفرقة 101 المحمولة جوا إلى الشرطة العسكرية على الحدود المكسيكية، وستعمل قوات أخرى على تسريع بناء الجدار الحدودي. كما تم تعليق برنامج اللاجئين، وكذلك المساعدات الخارجية الأمريكية (لمدة 90 يوما). واستشهد ترامب بقانون الأعداء الأجانب لعام 1798 لتكثيف العمل ضد العصابات الأجنبية والشبكات الإجرامية».
وأشار بويز إلى أنّ: «نقاد ترامب الليبراليين يعتقدون أن سياساته تفتح الطريق أمام ولادة الدولة البوليسية. لكنه يخالف هذه النظرة، ويقول إنه عاش في الكثير من الدول البوليسية، ولا تظهر موجة الترحيل وكأنها انزلاق نحو الاستبداد، وسيواجه ترامب وطاقمه تحديات في المحاكم الفيدرالية ومطالبة بمبالغ هائلة من التمويل الإضافي من الكونغرس».
وأكد: «في الخارج، سيكون هناك عدد كبير من القادة مثل بيترو، الرئيس الكولومبي، والمزيد من المقاومة في المجتمعات والدول التي تعتمد على التحويلات المالية من المواطنين الذين يعيشون ويعملون في بلدان مزدهرة في الخارج». فيما يرى بويز أن «ترامب يعتمد على الزخم المذهل لإرباك المعارضة المؤسسية، والصدمة والرعب، ولديه وتر آخر في قوسه».
من جهته، يطالب وزير داخلية النمسا بعودة اللاجئين السوريين الآن بعد الإطاحة بنظام الأسد. في ألمانيا، التي استقبلت السوريين، يبدو أن البديل القومي المتطرف لألمانيا سيحقق أداء جيدا في الانتخابات العامة الشهر المقبل. وفي أماكن أخرى، في تايلاند، يتم ترحيل اللاجئين الأويغور إلى الصين.
ويقول التقرير: «عمليات الترحيل التي ينفذها ترامب تعتبر بمثابة معيار جديد. فبمجرد أن تبدأ عمليات الترحيل الجماعي، فإنها تصبح جزءا من عملية تبسيط عظيمة، وإجابة على مشكلة معقدة بدلا من أن تكون بداية لشيء شرير».
وختم بالقول: «الآن، بعد أن تعززت مكانته بفضل نجاحه الواضح في قلب سياسة الهجرة الأمريكية، يعتمد ترامب على الموافقة الواسعة النطاق على مخطط لترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن».
واستطرد: «بالنسبة للرئيس، لا بد وأن يبدو الأمر وكأن هيكله الإنفاذي شيء يمكن تصديره. والواقع أن عمليات الترحيل الجماعي من شأنها أن تجعل الديمقراطيات أكثر قسوة والديكتاتوريات أكثر خبثا. وبدلا من جلب نوع جديد من النظام إلى الغرب، كما يبدو أن ترامب يعتقد، فإن اقتلاع الملايين من الناس من جذورهم من المرجح أن يؤدي إلى اضطراب عالمي أكثر ضراوة»


بتاريخ : 14/04/2025