إدريس لشكر في « نقطة الى السطر »

كان حضور الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، الأستاذ إدريس لشكر، في برنامج “نقطة إلى السطر” على القناة الأولى مساء الثلاثاء 2024، درسا افتتاحيا للدخول السياسي والاجتماعي.. درسا افتتاحيا لزعيم سياسي لم يسقط سهوا على القيادة، زعيم سياسي، وزعامته مؤسسة على شرعية نضالية وديموقراطية، تحدث بجرأة سياسية… خاطب العقل بصرامة منطقية ووضوح سياسي بعيدا عن دغدغة العواطف والوجدان… ولأنه اتحادي، ولأنه عقلاني وواقعي فإنه قطع مع العدمية والشعبوية… وطلق لغة الخشب التي يستعملها البعض بانتهازية نفعية وهواجس انتخابوية…
وكان حديث ذ إدريس لشكر حديثا صادقا ومسؤولا، حديثا واقعيا وعقلانيا، بعيدا عن حماس وانفعالات وإغراءات اللحظة، حديثا عقلانيا واعيا وهادفا يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان .
في برنامج ” نقطة الى السطر” ، يؤكد الكاتب الأول ذ إدريس لشكر حضوره الإعلامي والسياسي والفكري المتميز: يتحدث ويفكر ويرسل رسائل سياسية دالة وهادفة، بمسؤولية وحكمة، إلى كل من يهمه الشأن السياسي ببلادنا… ” المغرب أولا”. هذا هو الثابت البنيوي الذي حكم ويحكم خطاب الكاتب الأول في مقاربته للقضايا المختلفة في الحوار (الخطاب الملكي المتمحور حول القضية الوطنية بعنوان من التدبير إلى التغيير ، النجاح الكبير للسياسة الخارجية للبلاد والديبلوماسية الرسمية التي يقودها جلالة الملك التي أحدثت تحولا إيجابيا كبيرا في موقف الرأي العام الدولي تجاه القضية الوطنية ؛ أهمية الديبلوماسية الحزبية والبرلمانية في دعم القضية الوطنية وكل القضايا العليا للبلاد، الدخول السياسي والاجتماعي، إضراب طلبة الطب والصيدلة، التعديل الحكومي، معضلة التشغيل، الأغلبية ولعبة المقالب، قانون الإضراب، العلاقة مع اليسار، استحقاقات 2026…). هذا هو الثابت البنيوي الذي من خلاله يمكن تفسير مواقف الحزب في هذا الزمن العسير وفي زمن حكومة التغول ، حكومة بأغلبية ليست بأغلبية… وهذا ما يفسر حكمتنا ومسؤوليتنا كمعارضة؛ نرفع صوتنا، نبني مواقفنا من الحكومة بناء على وعي سياسي عميق باللحظة ، بإكراهاتها وتعقيداتها.
السياسي الذي تحتاجه بلادنا اليوم هو الذي يخطب في الناس بجدية، يخطب فيهم بصدق ومسؤولية بعيدا عن التأجيج والمزايدة.
إن كل متتبع للخطاب السياسي ببلادنا، لا بد وأن يخرج بخلاصة سياسية ودالة ؛ مفادها أن كل الساسة والمحللين والإعلاميين والمعلقين السياسيين… لم ولن يستطيعوا الخروج من الخطاب السياسي الاتحادي ومن النسق المفاهيمي الاتحادي؛ يفكرون ويتكلمون لغة اتحادية، حتى وإن كانوا يفتقدون إلى الشجاعة الأخلاقية والنزاهة الأخلاقية التي تجعلهم يرتقون الى نبل الاعتراف بإبداعات ومبادرات الاتحاد الاشتراكي فكرا وممارسة… بل أغرب من هذا، عندما نستمع إلى بعضهم أو نقرأ لبعضهم الآخر، ونلاحظ كيف تتم قرصنة خطاب ومفاهيم الاتحاد الاشتراكي، ومنهم من يحاول أن يوهمنا بأنه منتج هذه الأطروحات السياسية بعد أن يتم إفراغها من حمولتها وتوظيفها خارج السياق…( فمرحبا بالجميع في الاشتراكية الديموقراطية ) كما قال الأستاذ إدريس لشكر في حوار سابق…
لا أحد، الآن وغدا، يجادل بأن الاتحاد الاشتراكي ناضل وعمل من أجل الارتقاء بالسياسة، خطابا وممارسة وتنظيما، وأغنى الحقل السياسي بأدبيات سياسية رفيعة ومفاهيم دقيقة ومعبرة … مفاهيم ارتقت بالخطاب السياسي ببلادنا من خسة الألفاظ الغارقة في الشعبوية إلى رفعة المصطلحات المؤسسة على التفكير الفلسفي والعلمي ، بعد تنقيتها وتطهيرها من شوائب والتباسات اللغة العامية والاستعمال اليومي .
إن الخطاب السياسي الاتحادي يتم إنتاجه داخل اللغة العالمة وبمنهجية علمية… ومنذ البداية، عمل الاتحاد الاشتراكي على تأصيل الخطاب وتجديده، وإنتاج المفاهيم واغنائها، في تفاعل جدلي مع التحولات السياسية والمجتمعية التي تعرفها بلادنا… في هذا الإطار يتأطر خطاب الكاتب الاول ذ لشكر .
إن خطاب الكاتب الأول خطاب عميق لأنه، أولا، صادر عن الاتحاد الاشتراكي وعن كاتبه الأول، ولأنه، ثانيا، يأتي في سياق سياسي واجتماعي دقيق، ولأنه، ثالثا يروم رفع الجمود والرتابة التي أصبحت تهيمن على حياتنا السياسية، ولأنه رابعا يتوخى السمو على لغة التهريج، تبادل التهم والسب ويتوخى القطع مع لغة الشعارات الفضفاضة والوعود الشعبوية….
إن خطاب الكاتب الاول رؤية تحليلية ونقدية، رؤية اتحادية لتنمية الانسان والمجتمع… إنه رؤية بنيوية وجدلية للسياسة والمجتمع.. للتشخيص والبديل.. الاختلالات والاقتراحات…
الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ذ ادريس لشكر في برنامج “نقطة إلى السطر”: وضوح الرؤية، عمق التحليل، صلابة الموقف :
الوطن/ المغرب أولا و دائما… أيا كان موقع الاتحاد .
الاتحاد الاشتراكي قوة دفع تقدمية، يسارية، اجتماعية – ديموقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية ….
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد ..
إن الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل، وإن قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة، ومؤهلاته النضالية والميدانية، تجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب….
إن الاتحاد الاشتراكي كان دائما مالكا للأفق المستقبلي ومن ثم كان يستشرف المستقبل ويفعل في الأحداث ….
أكد الأستاذ إدريس لشكر للكل أن التاريخ ليس أمرا نافلا مثلما حاول البعض اقناعنا بذلك، وأكد لنا جميعا أن حزبا هو الاتحاد الاشتراكي الذي يستند على مرجعية تاريخية هو حزب سيجد بالضرورة في المستقبل مكانا له بين من سيصنعون المغرب القادم ، وعلى العكس من ذلك من صنع من عدم سيظل رهين ذلك العدم غير قادر على تقديم أي إضافة لوطنه .
لقد سجل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قدرته على البقاء كبيرا في المشهد الحزبي المغربي رغم الضربات الكثيرة والعديدة التي تلقاها الحزب مرات ومرات، وجزء كبير من تلك الضربات كان تحت الحزام ، ولم يكن نقيا تماما… أكد الاتحاد الاشتراكي يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021 أنه قوة سياسية أساسية وضرورة حزبية في بلدنا، ورقم وازن في أجندة المغرب ….
رسالة موجهة الى التحالف المتغول، إن مصلحتنا كمجتمع ودولة ليست بناء حكومة منسجمة بل بالدرجة الأولى بل أيضا تشكيل برلمان فاعل وقوي، والحكم على فعاليته وقوته يجب أن تحتكم لمعايير التوازن السياسي والعددي، فلا يمكن أن تتحول المؤسسة التشريعية الى طائر يطير بجناح واحد للأغلبية بينما جناح المعارضة معطل، وهناك من يعتقد أن ضعف البرلمان وتحوله الى لعبة في يد السلطة التنفيذية سيسهل على الحكومة انجاز الكثير من الأمور دون ازعاج، هذا التقدير قد يكون صحيحا لكنه غير صحي لسير النظام برمته، فضعف البرلمان ولا سيما المعارضة يعني فتح الباب مشرعا أمام الشارع والفاعل الاحتجاجي والتيارات العدمية. فلم يحدث أن كان البرلمان المغربي ممثلا للأغلبية فقط وخادما للحكومة ، وحتى في ظل الولايات التشريعية التي كانت تهيمن فيها الأحزاب “الإدارية” ضم البرلمان معارضة قوية يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مما كان يضمن الكثير من التوازن الدستوري والسياسي ، ويجنب البلد الانزياحات خارج الأطر الدستورية المشروعة .
لذلك الذين شكلوا الأغلبية البرلمانية دون إيلاء المعارضة مكانتها هم واهمون وحالمون ويركبون مغامرة غير محسوبة العواقب، لأن قوة الأغلبية من قوة المعارضة، وقوة الحكومة من قوة البرلمان، لذلك من الواجب جدا اعطاء مجلس الأمة مساحته الكاملة للعمل والتحرك لحماية المجتمع من أي تغول .
المطلوب مؤسسات قوية وعلاقة تحكمها الأطر الدستورية الناظمة بوجود حكومة تنفذ القوانين وتدبر شؤون البلد وتنزل مشاريعه الكبرى، ومؤسسة تشريعية تجود ما عجزت عنه الحكومة وتراقب بقوة عملها وتقيم سياساتها، هذا ما حرمنا منه خلال العشر سنوات الماضية، وأدى لخلل كبير في السياسات العمومية ومنظومة المساءلة الدستورية والسياسية، ولذلك لا نريد أن نسبح في النهر نفسه مرة أخرى .
الواقع والدستور يعطيان للمعارضة شأنا كبيرا لم تستوعبه طبقتنا السياسية لحد الآن وليس هناك أي مؤشر يوحي باستيعابه قريبا. ولولا مكانة المعارضة لما خصص لها الدستور الحالي عددا من الفصول تظهر دورها الحيوي في ضمان توازن النظام السياسي وفعالية البناء الدستوري والمؤسساتي .
في كل الدول الديموقراطية التي تحترم نفسها هناك معايير ومبررات تحدد من سيكون في الأغلبية ومن سيصطف في المعارضة ، وإذا كان الدستور المغربي قد حدد بناء على نتائج الاقتراع الحزب القائد للحكومة فإن روح الدستور شددت على أن يكون النظام السياسي متوازنا وأن تكون المعارضة قوية تقودها جهة سياسية ذات وزن وحضور كبير في الوطن تضع نفسها في موضع المراقب والمحاسب للحكومة وأغلبيتها مثلما تصنع معظم الدول الديموقراطية .
ان قرار التموقع في المعارضة والأغلبية ليس نزهة في حديقة بل قناعة واختيار شاق .
وحفاظا على التوازن داخل النسق السياسي، ولكي لا تتحول المعارضة الى مكان شاغر تشغله معارضات الشارع المدفوعة بالعدمية والمجهول والفراغ ، وخوفا على الوطن من الثلاثي المتغول ، قرر الاتحاد الاشتراكي الرجوع إلى المعارضة ….
يؤكد الأستاذ إدريس لشكر؛ إن تدبير الشأن العام هو الهدف الأساسي الذي ترومه الأحزاب السياسية في كل الديقراطيات العريقة، من أجل تنفيذ برامجها السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، من خلال التدبير الحكومي والمشاركة في تدبير الشأن العام، إنه من المغلوط أن نكرس على أن الحزب الذي يوجد في المعارضة هو الذي يعلق النياشين، مشددا على أن كل حزب سياسي يسعى جاهدا، للوصول إلى دفة الحكم من أجل المشاركة في تدبير الشأن العام وبالتالي خدمة الوطن .
إن حزب الاتحاد لاشتراكي للقوات الشعبية، ليس أي حزب، فهو حزب له مسؤولية وطنية تمتد عبر التاريخ …


الكاتب : عبد السلام المساوي

  

بتاريخ : 25/10/2024