إدمان الألعاب الإلكترونية..خطر يهدد الأطفال والمراهقين

الاخصائي النفسي وسام الزهار

«لقد أصبح ابني منعزلا عن العالم، بسبب هذه الألعاب الإلكترونية.» بهذه الكلمات تحكي إكرام عن معاناتها مع ابنها أيمن الذي يبلغ 12 سنوات، فهو لم يعد يفكر في شيء سوى تحقيق الربح وتخطي العقبات والمستويات التي يضعها صانعو هذه الألعاب.
يجلس أيمن لساعات طويلة أمام شاشة الهاتف للعب لعبته المفضلة دون أن يحرك ساكنا. وفي حالة غياب الانترنيت أو انقطاع الكهرباء يتحول إلى شخص عدواني. الأمر الذي جعل أمه إكرام تشعر بالقلق تجاه وضعه.
لتضيف قائلة: ىحلمه اليوم هو أن يصبح لاعباً محترفاً لا غير، فهو لم يعد مهتما بدراسته كالسابق.» موضحة أن إدمانه على هذه الألعاب جعله شخصا مختلفا تماماً، ففي فترة الحجر الصحي كان يظل في غرفته طوال الوقت، لايخرج منها إلا لتناول الطعام أو لدخول إلى الحمام.
حاولت إكرام أكثر من مرة أن تشجع ابنها على ممارسة الرياضة أو المطالعة بهدف التخلص من هذه العادة السيئة التي تسببت له في انطوائية.
« لكن كل محاولاتي باءت بالفشل، ولم أعد قادرة على السيطرة عليه.» تقول إكرام بنبرة حزينة.

متعة خاصة

في عصر تسوده قواعد التباعد الاجتماعي، والتدابير الوقائية للحد من الوباء. قرر أمين الدخول لعالم الألعاب الإلكترونية، ليصبح عاشقاً لها، مع العلم أنه لم يمارسها من قبل.
بدأت قصته وهو يحاول التأقلم مع فكرة الحجر الصحي، ليجأ بعدها لهذه الألعاب ويجد فيها متعة خاصة. ليقول في حديث مع «جريدة الاتحاد الاشتراكي»، «لا يمكنني أن أنكر بأنني أهملت دراستي، فالألعاب الإلكترونية تشغل كل تفكيري.»
رغم التوبيخ الذي يتلقاه أمين من والديه بسبب إدمانه، إلا أن ذلك لا يؤثر على حبه وشغفه للعب، بل يزداد أحياناً.
وأشار المتحدث إلى أن الألعاب تمكنه من التعرف على أصدقاء من مختلف الأعمار ودول العالم،الأمر الذي أفاده اجتماعيا.
لايخجل أمين من كونه مدمنا على هذه الألعاب، فهي تمثل له ملاذا جميلا يهرب إليه للتخلص من حدة الروتين، وفق تعبيره.

بين الترفيه والإدمان

ومن جهته يقول محمد الذي يبلغ 19 عاماً، في حديثه مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، إن «شغفي بالعاب الفيديو بدأ منذ طفولتي، وليس وليد اللحظة كما يرى والدي.»
بالنسبة لمحمد هذه الألعاب هي الوسيلة الأفضل للترفيه عن نفسه، وللتخفيف من ضغوط الحياة التي ازدادت في ظل تفشي الجائحة. فهو يجلس أمام شاشته لساعات لممارسة لعبته المفضلة “ ببجي»، دون الشعور بالملل، فهي تمكنه من التعرف على أصدقاء جدد من ثقافات مختلفة. حسب تعبيره
يشعر محمد بالغضب في كل مرة يقول له أحد بأنه أصبح مدمناً على هذه الألعاب ليوضح قائلا: «ليس كل اللاعبين سواء، ويجب التفريق بينهم، فمصطلح «مدمن» يجب أن يقال على الأشخاص الذين يركزون في الألعاب فقط دون الالتفات لدراساتهم وأعمالهم.».
وأكد أن الألعاب الإلكترونية تؤثر بالفعل على الحالة المزاجية للشخص، والجانب النفسي أيضا، لذلك ينبغي التعامل معها بحذر.
وفي هذا الصدد يقول الأخصائي النفسي، وسام الزهار، إن «الألعاب الإلكترونية تؤدي إلى العنف والعصبية الزائدة لدى الأطفال والمراهقين، كما تساعد على الانطوائية والعزلة.» موضحا أن العديد من الألعاب العنيفة تجعل الطفل أو المراهق أكثر عدوانية.
وأكد الزهار في تصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، أن الإدمان على هذه الألعاب يؤثر على العلاقات الاجتماعية والعلاقات الأسرية خاصة،
فالإدمان يجعل الشخص ينفصل عن واقعه، بحيث يصبح مرتبطاً بالألعاب الإلكترنية وتحت تأثيرها في كل سلوكيات حياته اليومية، ولا يستطيع التخلي عنها، إلى جانب أنه لا يشارك في أي شئ مع أسرته وأصدقائه. مؤكدا أن كثرة اللعب تتسبب في ضعف الانتباه والتركيز مما يؤثر على التحصيل الدراسي.
وأشار الأخصائي النفسي، إلى أن «المدمن قد يصاب بالتوتر واضطرابات في النوم، ويمكن أن تظهر عليه علامات الإصابة بالاكتئاب، ويكتسب سلوكيات سلبية عديدة سواء كان طفلاً أو بالغا، مثل العدوانية والعنف كما ذكرنا سابقاً». مضيفا أن المدمن يعطي الأولية دائما للعب وليس لممارسة أنشطة أخرى في الحياة، فهو لايدرك أن الاستمرار في اللعب ممكن أن يتسبب في عواقب وخيمة.
وبخصوص علاج هذا النوع من الإدمان يوضح الزهار، أنه ممكن اللجوء لجلسات العلاج النفسي، فهي تساعد الشخص على مواجهة انطوائه وجعله أكثر تفاعلاً مع الآخرين. مشيراً إلى أن علاجه ممكن أيضا عن طريق العلاج المعرفي السلوكي الذي يعتبر من بين الحلول الآمنة لإدمان الألعاب الإلكترنية.


الكاتب : هاجر شريد: صحفية متدربة

  

بتاريخ : 10/03/2021

أخبار مرتبطة

    عدد الموقوفين على إثر أحداث الخميس بلغ 28 معتقلا   حالة من السخط في أوساط المحيط الجامعي والرأي

أزمة طلبة الطب في المغرب تعد تجسيدًا واضحًا للتوترات المتزايدة بين الدولة وفئة مهمة من الشباب المتعلم المقبل على سوق

أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تقريره السنوي الأول خلال ولايته الثانية، عن حصيلة وآفاق عمله لسنة 2023، كمؤسسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *