إسبانيا تحيي الذكرى الأربعين لمحاولة انقلابية أدت إلى تعزيز الديموقراطية

تحيي إسبانيا اليوم الثلاثاء الذكرى الأربعين لمحاولة الانقلاب العسكري التي عزز فشلها مسيرة البلاد نحو الديموقراطية عبر وضع حد نهائي لآمال الذين يحنون إلى ديكتاتورية فرانكو.
ودخلت صورة اللفتنانت كولونيل في الحرس المدني أنتونيو تيخيرو مولينا وهو يفتح مجلس النواب شاهرا مسدسه على رأس نحو مئتين من رجاله، التاريخ.
وستنظم مراسم اليوم في مجلس النواب برعاية الملك فيليبي السادس الذي لعب والده الملك السابق خوان كارلوس قبل تنازله عن العرش في 2014، دورا أساسيا في إحباط المحاولة الانقلابية.
وسيكون خوان كارلوس الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير بعد الكشف عن معلومات تتعلق بحياته الخاصة وممارساته المالية ويعيش في المنفى في الإمارات العربية المتحدة منذ غشت، الغائب الأكبر عن المراسم.
كان هدف الانقلاب وقف مسار إحلال الديموقراطية في إسبانيا التي بدأت بوفاة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في 1975، لكن نتيجته جاءت عكس ذلك في الواقع.
وإلى جانب انضمام إسبانيا إلى حلف شمال الأطلسي في العام التالي، أدى فشل هذا التمرد في الواقع إلى تسريع تحول القوات المسلحة الإسبانية التي تخلت بشكل نهائي عن التدخل في الحياة السياسية لتكريس نفسها لمهام جديدة.
وقال الأدميرال مانويل جارات كارامي الذي بدأ حياته المهنية في الجيش العام 1975 سنة انتهاء حكم فرانكو لوكالة فرانس برس «انتقلنا من مؤسسات تملك السلطة إلى مؤسسات موجودة للقيام بالخدمة العامة، خدمتا الأمن والدفاع».
لم يكن التحول سهلا، فقد اعتادت القوات المسلحة الإسبانية لعقود على خدمة نظام ديكتاتوري شكلت عموده الفقري. وحتى اليوم، يمكن أن تلمس ردود فعل من هذه الحقبة الماضية بين قدامى الجيش.
فقد كشفت وسائل الإعلام الإسبانية نهاية العام الماضي أن نحو سبعين من كبار المسؤولين العسكريين المتقاعدين كتبوا إلى الملك فيليبي السادس للتعبير له عن «مخاوفهم» بسبب سياسات الحكومة اليسارية التي تنطوي برأيهم على خطر «تفكك الوحدة الوطنية».
وجصل تحول القوات المسلحة الإسبانية في السنوات التي أعقبت الانقلاب الفاشل، مع تجنب عمليات تطهير واسعة مع الدفع بشخصيات جديدة تتوافق صفاتها مع المبادئ الديموقراطية التي اختارتها الدولة.
وقال الصحافي أبيل إيرنانديث المؤرخ المعروف لعملية الانتقال الديموقراطي «فعلنا ما بوسعنا ولم تحدث قطيعة» لأن ذلك كان سيؤدي إلى التخلص من «تسعين بالمئة من المسؤولين العسكريين».
وشكل الانضمام إلى الحلف الأطلسي على الأرجح الأداة الرئيسية للتحديث على الصعيد العملاني وعلى صعيد الثقافة والعقليات.
ومنذ ذلك الحين شاركت القوات المسلحة الإسبانية في الكثير من مهمات السلام تحت رعاية الحلف أو الأمم المتحدة.
إلى جانب نهاية الخدمة العسكرية الإلزامية في تسعينيات القرن الماضي، كان هناك عامل آخر للتغيير وهو وصول المرأة إلى الوظائف العسكرية منذ 1988.
وبعد عشرين عاما تم تعيين امرأة هي كارمي تشاكون وزيرة للدفاع للمرة الأولى في اسبانيا.
وقال المحلل دييغو كريسنت إنها قامت «بحملة مهمة لإدخال المرأة على جميع مستويات الجيش»، وإن كانت النساء يمثلن الآن 12,8% فقط من عديد الجيش، حسب إحصاءات رسمية.
وحدث هذا التحول على الرغم من الضغوط الشديدة لمنظمة إيتا الانفصالية الباسكية التي قتلت عشرات الجنود خلال سنوات الانتقال إلى الديموقراطية.
قال كريشنت إن «الميزة الأساسية للجيش كانت التحلي بضبط مطلق للنفس».
وشكلت الاعتداءات المتكررة لإيتا أحد العوامل الرئيسية التي دفعت انقلابيي 23 فبراير إلى التحرك.
وبدأ الجيش يلعب دورا جديدا عليه في مجال الإغاثة الطارئة، وأفضل مثال على ذلك هو عملية «بالميس» خلال الموجة الأولى لجائحة كوفيد-19 قبل عام تقريبا.
ولمدة 98 يوما، أقام نحو 189 ألف جندي مستشفيات ميدانية وطهروا مرافق عامة ونقلوا معدات طبية ومرضى.


بتاريخ : 23/02/2021