إسبانيا تراقب عن كثب مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري العملاق وتدرس تداعياته الاستراتيجية

أكدت تقارير متفرقة أن إسبانيا تتابع عن كثب التقدم المحرز في مشروع أنبوب الغاز العملاق الذي يربط نيجيريا بالمغرب، والذي وصف بأنه أحد أكثر المشاريع الطاقية طموحا في تاريخ إفريقيا الحديث. المشروع، الذي يبلغ طوله أكثر من 6000 كيلومتر وتقدر كلفته بـ25 مليار دولار، بدأ يشكل محور اهتمام استراتيجي في مدريد، وسط رهانات طاقية وجيوسياسية معقدة.
الأنبوب، الذي انطلقت أولى مراحل بنائه بتمويلات أولية بلغت 6 مليارات دولار، يهدف إلى نقل نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من نيجيريا – أغنى دول القارة بالاحتياطات الغازية – عبر 14 دولة غرب إفريقية، وصولا إلى المغرب، على أن يربط لاحقا بالسوق الأوروبية.
بالنسبة لإسبانيا، لا يتعلق الأمر بمشروع بعيد على أطراف القارة، بل بتطور له تداعيات مباشرة على مصالحها الطاقية والإستراتيجية. أولا، لأن المغرب مرشح ليصبح منصة رئيسية لإمدادات الغاز نحو أوروبا، وهو ما يعني أن مدريد ستتعامل مستقبلا مع شريك جنوبي يتمتع بوزن جديد في معادلة الطاقة المتوسطية. ثانيا، تثار احتمالات بأن يتم ربط الأنبوب بالاتحاد الأوروبي عبر جزر الكناري، ما يضع الأراضي الإسبانية في قلب البنية التحتية الجديدة للطاقة.
لكن خلف هذه الفوائد المحتملة، تبرز حسابات دقيقة ومخاوف حقيقية تتعلق حسب تقارير إعلامية إيبيرية بسؤال بيئي مفتوح في مدريد حول تأثيرات المشروع على النظم البيئية في المناطق الحساسة التي سيعبرها، وحول مدى التزام الأطراف المنفذة بالمعايير الأوروبية في هذا المجال، لا سيما إذا كان الهدف النهائي هو تزويد السوق الأوروبية.
إسبانيا، التي تعتمد اليوم بشكل كبير على الغاز المستورد من الجزائر ومن الأسواق الدولية عبر محطات الغاز المسال، تدرك أن خارطة الطاقة في غرب وشمال إفريقيا بصدد إعادة التشكل. وإذا نجح المشروع المغربي-النيجيري في بلوغ أهدافه، فسيكون للمغرب موقع جديد في توازنات الطاقة الإقليمية، بما قد يؤثر على العلاقات التقليدية التي تجمع مدريد بالرباط، وأيضًا مع الجزائر.
في السياق ذاته، يعتبر مراقبون في مدريد أن هذا المشروع “قد يتحول إلى أحد المحاور الرئيسية لاستراتيجية الطاقة الأوروبية في مرحلة ما بعد الاعتماد على روسيا”، ما يستدعي – بحسب تعبيرهم – “عدم الاكتفاء بالمراقبة، بل التفكير الجاد في الانخراط، ولو بشكل غير مباشر، في هيكلته أو دعمه سياسيا ولوجستيا”.
حتى الآن، لم تعلن إسبانيا رسميا عن أي موقف بشأن دعم أو رفض المشروع، لكنها كثفت من اتصالاتها مع المسؤولين في الرباط وأبدت اهتماما متزايدا بالمراحل التقنية والتمويلية التي يمر بها. وفي الوقت نفسه، يراقب الاتحاد الأوروبي التطورات، وسط إشارات أولية إلى إمكانية إدراج المشروع ضمن المشاريع ذات الأولوية في إطار شراكة أوروبا-إفريقيا للطاقة.


بتاريخ : 26/08/2025