احتضنت حديقة فم الحصن بالحي المحمدي بالدار البيضاء، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد، النسخة الأولى من ملتقى سوق الفنون للإبداع والمواطنة، تحت شعار تجليات الهوية الثقافية المغربية وتعزيز التنمية الإبداعية.
اختيار هذا الفضاء الطبيعي المفتوح أضفى على الحدث حيوية خاصة، حيث تحولت أروقة الحديقة إلى مصدر إلهام للفنانين والجمهور، في تلاق بين جمال الطبيعة وروح الإبداع.
وقد تميزت التظاهرة أيضا بمعرض جماعي لفنانين تشكيليين يمثلون مدارس وأساليب مختلفة، إلى جانب مشاركة تعاونيات تهتم بالموروث الثقافي المغربي، وأنشطة موازية داخل “خيمة الإبداع”.
الملتقى نظم من طرف منتدى الإبداع والمواطنة، بشراكة مع مقاطعة الحي المحمدي وعمالة عين السبع ـ الحي المحمدي، وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل ـ قطاع الثقافة، في إطار التظاهرات الثقافية، وامتدت فعالياته على مدى ستة أيام غنية بالفن والفكر والإبداع، شهدت حضور مثقفين وفنانين وإعلاميين وفعاليات مدنية وجمعوية.
زينت الحديقة بلوحات تشكيلية عكست تنوع التجارب الفنية المغربية، فيما تحولت خيمة الإبداع إلى قبلة للزوار بأنشطتها الموازية: لقاءات مفتوحة، موائد مستديرة، حفلات توقيع كتب، ورشات فنية للكبار والصغار، أمسيات شعر وزجل، وصولا إلى سهرة ختامية بطابع وطني، أحيتها فرق فنية شعبية تمثل ألوانا من الفلكلور المغربي الأصيل.
ومن أبرز محطات الملتقى، تنظيم معارض شملت التشكيل، الخط العربي، النحت، النقش والسيراميك، بمشاركة أسماء لامعة مثل الفنان عبد الكبير مغني، صاحب الجداريات المتميزة بالحي المحمدي ومناطق أخرى، والفنانة الموهوبة من ذوي الاحتياجات الخاصة إحسان أزيزبي في فن السيراميك، إضافة إلى تعاونيات ثقافية منخرطة في شبكة المبادرات الاقتصادية التضامنية. كما أبرزت التظاهرة البعد الاجتماعي عبر تشجيع الاقتصاد التضامني ومهن الثقافة والفنون كرافعة للتنمية.
عرفت الفعاليات أيضا عقد مائدتين مستديرتين: الأولى بعنوان الموروث الثقافي: الذاكرة والتاريخ، أدارها د. نبيل الصافي بمشاركة نخبة من الباحثين، والثانية بعنوان التراث الثقافي مدخل للتنمية المستدامة أدارها الأستاذ خالد أزغيدر، وركزت على إدماج التراث في السياسات التنموية. كما نظمت أمسية شعرية نسائية بعنوان إيقاعات أنثوية في زمن الشعر، شاركت فيها 11 شاعرة قدمن قصائد تنبض بهوية المرأة المغربية. أما الورشات الموجهة للأطفال، فقد كانت لحظة تربوية وفنية بارزة أشرف عليها فنانون تشكيليون مرموقون، أتاحوا للصغار فرصة التعبير الفني والارتباط بتراثهم. كما عرفت جلسات توقيع الكتب إقبالا مميزا، من بينها كتاب الذاكرة الفنية والثقافية البيضاوية للحي المحمدي للمصطفى أصخور، وكتاب الحي المحمدي: وجوه وأماكن لحسن نرايس.
وفي ختام الملتقى، تم تكريم مجموعة من المبدعين والفنانين والإعلاميين والفاعلين الجمعويين، تقديرا لإسهاماتهم في إنجاح الحدث.
وأعرب التهامي غباري، رئيس منتدى الإبداع والمواطنة، عن امتنانه لكل الشركاء والداعمين، مؤكدا على أهمية جعل ملتقى سوق الفنون تقليدا سنويا دائما، مع العمل على خلق منصات عرض وورشات تكوينية مستمرة، تربط الفن بالذاكرة والهوية الوطنية.