إسرائيل ترفض التحقيق مع قاتل «أبو عاقلة»ونواب أمريكيون يطالبون الـ «أف.بي.آي» بالتحقيق في الاغتيال

امتنعت المدعية العامة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي، الجنرال يفعات تومر يروشالمي، عن “إعطاء توجيهات بفتح تحقيق في الشرطة العسكرية، والمبرر الرئيسي أنه لا يوجد اشتباه بارتكاب مخالفة جنائية، فالجنود شهدوا بأنهم لم يشاهدوا المراسلة وأنهم وجهوا النار نحو المسلحين”. بينما دعا نواب من الكونجرس الأمريكي، في رسالة موجهة إلى مدير “أف بي آي” كريستوفر ري ووزير الخارجية أنطوني بلينكن، إلى التحقيق في هذه الجريمة، وضرورة تأكيد وزارة الخارجية ما إن كان مقتل صحفية تحمل الجنسية الأمريكية في الأراضي التي تحتلها إسرائيل بالضفة الغربية يعد خرقا للقانون الأمريكي.

7

أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلي، أن جيش الاحتلال قرر عدم التحقيق مع القناص الإسرائيلي الذي أعدم مراسلة قناة “الجزيرة” الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أن “الجيش لا ينوي فتح تحقيق جنائي في شرطة التحقيق العسكرية حول ظروف قتل الصحفية الفلسطينية أبو عاقلة”.
وأشارت إلى أن إعدام أبو عاقلة، “حظي بتغطية واسعة في مختلف وسائل الإعلام وخاصة الأجنبية، وأدى إلى سلسلة إدانات شديدة للجيش الإسرائيلي وسياسة إسرائيل في المناطق، كما انتقدت الإدارة الأمريكية إسرائيل وطالبتها بتوضيحات عن موت المراسلة التي تحمل الجنسية الأمريكية، والسلطة الفلسطينية اتهمت تل أبيب بقتل أبو عاقلة، كما أن نتائج التحقيق الأولية في الجيش، تحدثت عن احتمالية إصابة المراسلة برصاصة إسرائيلية”.
وذكرت أيضا أن “التحقيق العسكري العملياتي الذي يترأسه العقيد مني ليبراتي، قائد لواء الكوماندوز (الذي تخضع له وحدة دوفدفان التي اقتحمت المخيم)، تأكد من أن هناك 6 حالات إطلاق نار من الجيش الإسرائيلي أٌطلقت نحو المراسلة ومراسلين آخرين”.
وأفادت الصحيفة، بأن الجيش تحدث أيضا عن إصابة أبو عاقلة برصاصة قناص إسرائيلي كان بداخل سيارة عسكرية محصنة، على بعد نحو 190 مترا، ويزعم جيش الاحتلال أن “التحقيق النهائي لن يؤدي إلى نتائج قاطعة في مسألة المسؤولية عن إطلاق النار”.
ونوهت إلى أنه “في نهاية الانتفاضة الثانية، شرع أفيحاي مندلبليت، الذي كان في حينه المدعي العام الرئيسي، بإجراء يقضي بأن معظم الحالات التي قتل فيها فلسطينيون في الضفة وهناك شك بأن الأمر كان بسبب نار إسرائيلية، سيتم فتح تحقيق للشرطة العسكرية فيها”.
وفي هذه المرة، امتنعت المدعية العامة العسكرية، الجنرال يفعات تومر يروشالمي، عن “إعطاء توجيهات بفتح تحقيق في الشرطة العسكرية، والمبرر الرئيسي أنه لا يوجد اشتباه بارتكاب مخالفة جنائية، فالجنود شهدوا بأنهم لم يشاهدوا المراسلة وأنهم وجهوا النار نحو المسلحين”، بحسب “هآرتس”.
ومع ذلك، رأت “هآرتس”، أن “أحد أسباب هذا القرار، هو التقدير بأن هذا التحقيق الذي سيلزم بإجراء تحقيق تحت التحذير مع الجنود المشاركين في الحدث الذي وقع أثناء نشاط عسكري، سيثير معارضة وخلافات كبيرة في الجيش وفي المجتمع الإسرائيلي.. وفي اليمين الإسرائيلي بشكل خاص يسمع في السنوات الأخيرة انتقاد كبير على كل حالة تم فيها فتح تحقيق ضد جنود”.
ورجحت أن “قرار عدم فتح تحقيق جنائي، الذي لم ينشره في بيان رسمي، سيثير انتقاد الإدارة الأمريكية التي طلبت من إسرائيل استنفاد إجراءات التحقيق في الحادث”.
ووعد وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، عائلة الصحفية، بأن الولايات المتحدة ستطلب إجراء “تحقيق شامل في الموضوع”.
وردا على ما كشف، فقد زعم متحدث بلسان جيش الاحتلال أن “ظروف الحادث (إعدام أبو عاقلة) ستتضح في تحقيق عملياتي برئاسة قائد لواء الكوماندوز”.

مطالبة (أف بي آي) بالتحقيق

إلى ذلك نشر موقع “ذي إنترسيبت” تقريرا كشف فيه عن مطالب نواب ديمقراطيين لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) بالتحقيق في مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة.
وقال الموقع إن نائبين ديمقراطيين في الكونغرس بدءا بتوزيع رسالة تطالب “أف بي آي” بالتحقيق في مقتل أبو عاقلة، وذلك بحسب ثلاثة مصادر على معرفة بالرسالة والمسودة عنها التي حصل عليها الموقع، وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأنه ليس مصرحا لهم الحديث في الموضوع.
وجاء في التقرير أن النائبين أندريه كارسون الديمقراطي عن إنديانا، ولو كوريرا عن كاليفورنيا، يقومان بجمع التوقيعات للرسالة.
وبعد نشر الموقع تقريره، أكد المتحدث باسم كارسون، كوبلاند تاكر، أن النائب الديمقراطي مشارك في الرسالة، أما المتحدت باسم كوريرا فلم يرد على أسئلة الموقع للتعليق.
وتطالب الرسالة الموجهة لمدير “أف بي آي” كريستوفر ري ووزير الخارجية أنطوني بلينكن بتحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي وضرورة تأكيد وزارة الخارجية ما إن كان مقتل صحفية تحمل الجنسية الأمريكية في الأراضي التي تحتلها إسرائيل بالضفة الغربية يعد خرقا للقانون الأمريكي.
وجاء في الرسالة: “نرحب بالتحركات والبيانات التي صدرت حتى الآن من الولايات المتحدة ودعم وزارة الخارجية لتحقيق معمق من الحكومة الإسرائيلية”، في إشارة إلى البيانات الأمريكية التي عبرت عن القلق وطالبت بالتحقيق. إلا أن الرسالة تقول: “في ظل الوضع الهش بالمنطقة والتقارير المتضاربة التي تحيط بوفاة الآنسة أبو عاقلة فإننا نطالب وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالية (أف بي آي) بالإعلان عن تحقيق بوفاة الآنسة أبو عاقلة. ونطلب من وزارة الخارجية تأكيد ما إذا تم خرق أي قوانين تحمي الآنسة أبو عاقلة، المواطنة الأمريكية”.
وكانت أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة تغطي عملية مداهمة إسرائيلية لبيت في مدينة جنين بالضفة الغربية عندما أطلق النار عليها وقتلت يوم الأربعاء 11ماي 2022، قتلت أبو عاقلة برصاصة قناص إسرائيلي خلال تغطيتها اجتياح الجيش لمخيم جنين، وفيما بعد اعتدت قوات الاحتلال على جنازتها.
. وقال شهود عيان إنها قتلت برصاص الجيش الإسرائيلي، الذي ألقى باللوم بداية على مسلحين فلسطينيين، قبل أن يعترف بأن الرصاصة أطلقت من جانبه.
واعتدت شرطة الاحتلال الجمعة الماضي على المشيعين لجثمان أبو عاقلة، وكاد أن يسقط نعشها، وأحدثت المشاهد صدمة وشجبا عالميا.
ورغم المديح للرسالة وتعليقات وزارة الخارجية إلا أن هناك في دوائر السياسة الخارجية بواشنطن من عبر عن عدم ارتياحه من تصريحات بلينكن.. فعندما أصدر بيانه الذي انتقد فيه الشرطة الإسرائيلية لـ”تدخلها” في جنازة أبو عاقلة، كتب مات داس، المستشار البارز لشؤون الخارجية للسيناتور المستقل عن فيرمونت، بيرني ساندرز، قال فيها: “تدخل؟ لقد هاجموهم وضربوهم وكان يجب على وزير الخارجية قول هذا بوضوح”.
وجاء في الرسالة: “كأمريكية، تستحق الآنسة أبو عاقلة الحماية الكاملة التي يحصل عليها المواطن الأمريكي المقيم في الخارج”. و”نحن الموقعين أعضاء الكونغرس نحث على التمسك بقيمنا التي قامت عليها أمتنا، بما في ذلك حقوق الإنسان والمساواة للجميع وحرية التعبير. وعلينا واجب حماية الأمريكيين المراسلين من الخارج، ونتطلع لردكم المناسب”.
وأكدت منظمة “يوجد حكم”، أن “قرار عدم فتح تحقيق في الشرطة العسكرية حول القضية، يظهر أن جهاز إنفاذ القانون العسكري، لم يعد يكلف نفسه عناء القيام بتحقيق شكلي”، موضحة أن “80 بالمئة من الشكاوى التي تصل إليه يتم إغلاقها دون إجراء تحقيق جنائي، ويبدو أن اعتبارات سياسية وظاهرية تزن أكثر من السعي للوصول إلى العدل والحقيقة”.
ونبهت إلى أن “الجيش الذي يقوم بالتحقيق مع نفسه، يثبت أيضا في هذه الحالة الخطيرة، أنه غير قادر أو لا يريد التحقيق بصورة نزيهة وبفاعلية”.

الحرية الإعلامية القاتمة

من جهتها، نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لعدد من مراسليها قالوا فيه إن استهداف الصحفيين وقتلهم هو إشارة قاتمة عن حرية الإعلام.
وقالت صحيفة الغارديان، إن استهداف الصحفيين وقتلهم، يعد إشارة قاتمة لحرية الإعلام، بعد سلسلة من الاستهدافات حول العالم، أبرزها قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة من قبل قوات الاحتلال.
وقالت الصحيفة إن يسينا موليندو لاحظت قبل عشرة أيام من اغتيالها أمام بقالة في المكسيك رجلان يلاحقانها على دراجتين. وحذر أحدهما الصحفية التي تعمل في صحيفة “الفاريز” وشعارها “صحافة مع إنسانية” بالقول: “نعرف أين تسكنين ايتها العاهرة”.
وظلت موليندو (45 عاما)، ولعام كامل تتجاهل الكلام وعبرت عن أملها في أن تكون تهديدات فارغة، ومحاولة لإسكاتها ومنعها من نشر القصص المتعلقة بالجريمة في البلدة الساحلية كوسوليكاو. وغيرت أكثر من مرة رقم هاتفها في محاولة للهروب من التخويف.
لكن الصحافية قتلت يوم الاثنين الماضي في الساعة الـ1:15 ظهرا وهي تغادر محلا مع زميلة لها، وأفرغ القتلة 16 طلقة أدت إلى وفاة المرأتين حالا. وقال شقيقها راميرو موليندو الصحافي أيضا: “لا تدين يسينا بأي شيء لأحد”. وكانت موليندو وشيلا جوهانا غارسيا اثنتان من أربع صحافيات قتلن وهن في مهام صحافية في الأسبوع الماضي، ضحايا موجة قتل صدمت العالم.
وبعد يومين على الجريمة، اغتيلت صحفية الجزيرة شيرين أبو عاقلة، التي عملت لسنوات وغطت انتهاكات الاحتلال، عندما كانت تغطي عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت شذا حنايشة، الصحافية الفلسطينية التي كانت تقف قريبا من صحفية الجزيرة المعروفة عند إطلاق النار عليها وهي تحاول توثيق العملية في جنين: “كل ما كنا نقوم به هو أداء عملنا”. وأضافت الصحفية البالغة من العمر 26 عاما: “سيظل هذا معي طوال حياتي” و”لم تكن هناك حاجة لاستهدافنا”.
وقال روبرت ماهوني، المدير التنفيذي للجنة الدفاع عن الصحافيين إن كل عملية قتل محددة وجرت في ظروف مختلفة و”لكن هناك إطار مشترك بينها وهو أن عام 2022 شاهد زيادة في عدد الصحفيين الذين قتلوا” و”من الصعب الحديث عن رابطة مباشرة بين أي من عمليات القتل هذه باستثناء القول ومواصلة القول، كما أعتقد إنه بات من الخطر ممارسة العمل الصحفي باستقلالية”.
وجزء من زيادة عدد القتلى بين الصحافيين هي الحرب في أوكرانيا حيث قتل حوالي سبعة صحافيين منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير، وقتل الآلاف من المدنيين في الحرب. وزيادة حالات استهداف القتل بين الصحافيين مدهشة حيث قتل 11 صحافيا منذ بداية العام الحالي مقارنة مع 7 حالات في العام السابق، كما أنها أسهمت في زيادة عدد الحالات على المستوى العالمي.
ويقول الناشطون إن زيادة القتلى بين الصحافيين هي التعبير الأكثر وضوحا عن منظور الحرية الإعلامية في عالم يبدو ديكتاتورية بدرجة أكبر وأكبر.
وقالت جودي غسينبرغ، رئيسة لجنة حماية الصحفيين: “في حالة شيرين أبو عاقلة، قال شهود العيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار عليها وقتلتها وهي تمارس عملها مع أنها كانت ترتدي علامة صحافة، وهذا يأتي في ظل أشكال مثيرة للقلق من استهداف إسرائيل للصحفيين الفلسطينيين”.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 20/05/2022