إسلام فرنسا رهين بانتخاباتها المقبلة

أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان “وفاة” المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يعد المحاور الرئيسي للسلطات العمومية حول شؤون الدين الإسلامي بهذا البلد. هذا القرار فاجأ الفاعلين الأساسيين في شؤون الإسلام هناك، خاصة أن باريس تجمعها اتفاقيات ثنائية تخص المجال الديني مع العديد من البلدان منها المغرب من أجل تنظيم شؤون الإسلام. لكن هذا القرار شكل مفاجأة كبرى للجمعيات الممثلة للإسلام بفرنسا التي تم استبعادها، إضافة إلى “التحالف مع الإسلام القنصلي الجزائري” .
رد رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد الموساوي لم يتأخر وقال لإحدى القنوات الفرنسية ” إن قرار دارمانان يثير الاستغراب ولم يسبقه أي إنذار، وهي تصريحات خطيرة جدا تحدث فيها عن قطيعة مع مؤسسة من حجم المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية”، كما عبر رئيس المجلس عن استغرابه من هذا الموقف خاصة أن المجلس مازال هو المحاور لمختلف مؤسسات الجمهورية.
جيرالد دارمانان برر قراره بتردد بعض المنظمات المشكلة للمجلس في التوقيع على ميثاق قيم الجمهورية، الذي يرغب فيه الرئيس إيمانويل ماكرون، وهو يقصد جمعيتين تركيتين رفضتا التوقيع. وبرر هذه الاختيارات ” بإرادة رئيس الجمهورية وضع حد لما يعرف باسم “الإسلام القنصلي” الذي يروج له “الأئمة الجزائريون المنتدبون”.
وأضاف المساوي أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية هو مؤسسة قائمة على القانون الفرنسي ولها تمثيلية وطنية ومحلية تتشكل من 25 مجلسا جهويا ولها مئات المساجد التابعة لها ولا يمكن إعلان القطيعة معها بدون أي سابق إنذار أو أزمة.
وحول حديث الوزير عن الإسلام القنصلي، قال محمد الموساوي إن الأمر غير صحيح، هذه جمعيات فرنسية ويحكمها قانون فرنسي، ولا يمكن الحديث عن إسلام قنصلي، فالتعاون مع بلدان مثل المغرب يتم في إطار اتفاقات تجمع بين الدول. وقال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، إنه يحتمل أن يكون شمس الدين حفيظ عميد مسجد باريس، ومن خلاله الجزائر، يحظى بدعم وزير الداخلية. هذا الأخير الذي التقى الوزير، وقام بجولة في الجزائر مقدما تصريحات خطيرة، ومؤخرا، ماذا فعل هذا “العميد” لقد تم استقباله وسط ضجة كبيرة في الجزائر العاصمة من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. والذي قال في تصريح له بالجزائر إنه سوف يقوم بتطبيق ورقة سير حول إسلام فرنسا كلفه بها وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، وسيعبيء الجالية الجزائرية على الصعيد السياسي عشية الانتخابات الرئاسية لعام 2022، واستغرب محمد موساوي من أن السلطات الفرنسية لم تتدخل لتنبيه عميد باريس لأنه لا يحترم ميثاق الإسلام الفرنسي، الذي وقع مع باقي المكونات الممثلة للإسلام بفرنسا.
هذه السلوكات من عميد مسجد باريس، الذي يمثل الإسلام الجزائري الرسمي بفرنسا، لم تزعج وزير الداخلية الفرنسي جيرار درمانان، مما يجعل الخلفية الانتخابية هي التفسير الأكثر واقعية لهذا الموقف.
الوزارة الوصية حاضرة أيضا في هذه القرارات المرتبكة، والتي تتعارض مع الميثاق الذي وضعته الجمهورية للإسلام الفرنسي، والذي طالب به رئيس الجمهورية ايمانييل ماكرون، الذي أراد إدخال إصلاحات على الإسلام الفرنسي في مجال التنظيم والتمثيلية دون أن يتمكن من ذلك حتى الآن، لكن يبدو أن اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال أقل من أربعة اشهر هي ما يبرر هذه التناقضات في المواقف في التعامل مع ممثلي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.


الكاتب : باريس يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 24/12/2021