إسماعيل العلوي باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين: نطالب بإخراج المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي للوجود

تدخل الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين في الجلسة السنوية المخصصة لمناقشة وتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالشباب في شخص المستشار إسماعيل العلوي، الذي قال إنه وقبل الخوض في بعض مضامين هذا التقرير، في حدود الحيز الزمني الضيق المتاح لنا، فإننا نرى في الفريق الاشتراكي أن الوقت قد حان لإجراء وقفة تقييمية مع المنهجية المتبعة في الإعداد للجلسات السنوية لتقييم السياسات العمومية، وذلك بعد أن راكمنا لحد الساعة خمس تجارب أعطتنا رصيدا مهما يكفي لإخضاع هذه الآلية الرقابية المهمة لنوع من التمحيص والفحص الدقيق، لنستخلص ما يمكن استخلاصه من عبر ودروس حتى نجعل من هذا الالتزام الدستوري السنوي لحظة فارقة في كل سنة تشريعية من ناحية الرقابة على العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، ليس لجهة التشخيص وإبراز الاختلالات ومكامن الضعف فقط، ولكن أساسا من أجل وضع البصمة البرلمانية لمجلسنا المحترم على السياسات العمومية من خلال اقتراح الحلول الملائمة ووضع البدائل الممكنة بالنسبة للقطاعات التي نختارها لتكون موضوعا للتقييم البرلماني. ومن هذا المنطلق، يضيف العلوي، فإننا نقترح دعوة جميع هياكل المجلس إلى ندوة علمية موسعة، بمشاركة إدارة المجلس والفرق والخبراء والشركاء المؤسساتيين المعنيين، في مستهل دورة أكتوبر المقبلة من أجل وقفة للتأمل والتفكير الجماعي في هذا التمرين الدستوري بغاية التوصل إلى توصيات واقتراحات عملية تسهم في تجويد عملنا في هذا الصدد. وفي الموضوع أوضح المستشار الاتحادي أنه انسجاما مع التوجهات السامية لجلالة الملك، ما فتئنا، في الفريق الاشتراكي، نؤكد أن قضية التمكين الاجتماعي والاقتصادي قضية جوهرية وموضوع مركزي ذو أولوية قصوى في نقاشنا وتدخلاتنا بالنسبة لجميع الفئات والشرائح المجتمعية. ومن هنا فإننا سنقتصر في مداخلتنا هذه على الجانب المتعلق ببطالة الشباب باعتبار ذلك المدخل الرئيس لمعانقة آمال وطموحات شبابنا الطموح، فمحاربة بطالة الشباب، كمعضلة بنيوية آخذة، مع الأسف الشديد، في التفاقم، تمثل إحدى دعائم الميثاق الاجتماعي، ولذلك ينبغي أن تتم معالجتها بكل إرادوية وعزم وتصميم، مما من شأنه أن يفضي إلى تصور وتفعيل حلول مستدامة ومنسجمة مع خصوصيات الواقع المغربي في سلبياته وإيجابياته كذلك.
وأضاف نفس المتدخل أن دراسة مثل هذه الإشكاليات والقضايا التي يثيرها موضوع الشباب، تكشف عن وجود العديد من الأحكام المسبقة الجاهزة حول هذه الفئة، كما تفصح عن تنامي نوع من الخلط في ما يتعلق بالسياسات العمومية الخاصة بالشباب. وغالبا ما تنصب هذه الأحكام المسبقة على عزوف الشباب عن العمل السياسي، وضعف ثقتهم في المؤسسات، لا سيما الأحزاب السياسية، ووضعهم قنوات التنشئة الاجتماعية والسياسية، مثل الأسرة والمدرسة، موضع التساؤل، وكذا رفضهم المشاركة في تدبير الشأن العام، وميلهم إلى الاحتجاج والتمرد والعنف.
لكن المؤكد والأساسي في هذه الدوامة دائما يعود إلى أزمة تشغيل الشباب، التي تمثل تحديا من أجل الرفع من قيمة مواردنا البشرية، وفرصة لجعل هذه الفئة رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، خصوصا وأن هذه الشريحة هي الأكثر تضررا من البطالة على الرغم من انخفاض معدل النشاط، كما أن الوظائف التي يشغلها الشباب غالبا ما تكون هشة مقابل أجور متدنية، ونادرا ما تكون تعاقدية وقلما تتمتع بنظام حماية اجتماعية متماسك. وكشف العلوي ان الأمر الذي يجد صداه في ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشباب داخل الوسط الحضري، فحسب المعطيات المتوفرة فإن نسبة البطالة ترتفع بارتفاع المستوى الدراسي، وهي مفارقة تؤكد عدم ملاءمة أنواع التكوين المتوفرة في منظومة التربية والتكوين الوطنية مع حاجيات عالم الشغل، واستمرار نمط من النمو يوفر عددا غير كاف من مناصب الشغل المؤهلة.
فالمناصب التي يحدثها الاقتصاد تظل في غالب الأحيان غير مؤدى عنها وهشة، مما يجعل الشباب متوجسين من العمل داخل المقاولة ويتشبثون دائما بالالتحاق بأسلاك الوظيفة العمومية، وفي الآن ذاته، فإن نظرة الشباب إلى وضعيتهم هي أكثر تشاؤما مما تنبئ به الإحصاءات المتوفرة، وهي وضعية ترتبط في ما يبدو بضعف نسبة النشاط، لذا، فإن الشباب يبدون تبرما ونفاد صبر حيال هذه الوضعية التي تنطوي على بذور أزمة اجتماعية، بالنظر إلى ما ينتج عنها من تهميش ومن توسيع للفوارق الاجتماعية.
وقال أيضا إنه من المؤكد أن الإصلاحات ذات الطبيعة البنيوية لن تؤتي ثمارها إلا على المدى المتوسط والبعيد، غير أن الطابع الاستعجالي لبطالة الشباب يفرض وضع برنامج وطني واسع لصالح تشغيل الشباب، ينتظم حوله، في تعبئة شاملة، مجموع الفاعلين والقوى الحية في البلاد، ويتعين على مثل هذا البرنامج أن يهم بالدرجة الأولى فئات الشباب الأكثر تضررا من البطالة.
ولأن طبيعة سوق الشغل تختلف باختلاف الجهات، فإننا نتصور هذه الآلية على شكل مجموعة من التدابير التي يمكن تفعيلها في مجال ترابي معين، حسب التشخيص المحلي لوضعية بطالة الشباب وحسب الاستراتيجيات التي يتم تبنيها على المستوى الترابي.
أما قياس النسب المختلفة من التدابير التي يتعين اتخاذها، وكذا سياسة استهداف مجموعات الشباب العاطلين، فيتوجب تحديدها ميدانيا في إطار عقدة بين الدولة وكل جهة على حدى. وفي ما يخص آلية إنعاش تشغيل الشباب، فإنه يجب أن ترتكز على ثلاثة مبادئ، أولها تعبئة كل الفاعلين المعنيين من أجل خلق دينامية حقيقية للتغيير، ثانيها لا تركيز حقيقي لآليات ووسائل إنعاش الشغل، وثالثها تنظيم يحدد المسؤوليات بدقة، مع الفصل بين وظائف القرار، ووظائف التنفيذ والتفعيل، ووظائف المراقبة والتقييم. وحتى تكون سبل الإدماج ناجعة على كافة المستويات -ليس فقط التشغيل-، يتعين الانطلاق بشكل قبلي من فكرة أساسية مفادها أننا اليوم إزاء جيل جديد من الشباب، واع ومتطلب، وهو نتاج ديناميات مجتمعية وطنية تندرج في سياق عالمي يتميز بالتوسع المتسارع لفضاءات الحرية، والاستقلالية في التعبير عن هذه الحرية، وتطور الأنترنت، والولوج إلى عدد كبير من القنوات الفضائية، وكذا بروز وتطور جيل جديد من المطالب، مثل الحق في العدالة والكرامة والحماية الاجتماعية الشاملة والعمل اللائق والثقافة والترفيه والعيش في بيئة سليمة والمشاركة السياسية. وجاء في تدخل الفريق الاشتراكي أبرز آلية للوقوف على إرساء وتدبير هذه السياسات، والتي جاء بها دستور 2011، تتمثل في إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وذلك بالنظر إلى الانتظارات المعلقة على إنشائه، بوصفه هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بحياته الجمعوية، سيتحدد نطاق مهامه بدون شك في القضايا المرتبطة بالشباب، وسيتكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه القضايا وتقديم اقتراحات حول كل موضوع سياسي، اقتصادي، اجتماعي، ثقافي وبيئي يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي وتنمية الطاقات الإبداعية للشباب وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية بروح المواطنة المسؤولة. ونظرا للأدوار الطلائعية المرتقبة منه، فإننا ندعو إلى التعجيل بإخراج هذا المجلس إلى حيز الوجود وتمتيعه بالشروط والظروف اللازمة لضمان انطلاقة جيدة له حتى يسهم في ضمان مشاركة الشباب في صياغة السياسات العامة، ولا سيما تلك التي تهمهم بشكل مباشر، وتشجيعهم على لعب دورهم الكامل في صنع القرارات السياسية حول مستقبلهم كخطوة أساسية لإدماجهم في عملية تحسين أوضاعهم وختم باعتبار التقرير مهم يأتي في وقت تعرف فيه بلادنا نقصا في الدراسات والبحوث حول القضايا الاستراتيجية المتعلقة بالشباب.


الكاتب : مكتب الرباط 

  

بتاريخ : 22/07/2022