إصلاح التعليم الأولي بين الاتفاقيات والشعارات الرنانة

يعرف قطاع التعليم الأولي ببلادنا العديد من الإكراهات، في ظل هشاشة الوضع الذي تعيشه المربيات والمربين، بحيث تحرم هذه الفئة من حقوقها الأساسية كالاستقرار في العمل الدائم، والحصول على أجورها دون تأخير، والتصريح في الضمان الاجتماعي، على الرغم من أن هذا القطاع يشكل حجر الأساس في المنظومة التعليمية بالمغرب.
وللحديث عن هذا الموضوع صرح الباحث في علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط، والمُكَون في مجال التعليم الأولى وتكوين الأساتذة، عبد الحق لوشاحي، لجريدة الاتحاد الاشتراكي «أن الوزارة الوصية على القطاع اختارت إسناد هذا القطاع السيادي إلى جمعيات في عدد من المناطق، عوض أن تشرف عليه بشكل مباشر، وذلك عن طريق ابرام شراكة مع المؤسسة الوطنية للنهوض بالتعليم الأولي، التي بدورها تتعاقد مع جمعيات أخرى، نظرا لصعوبة تدبير هذا الشأن لوحدها، كتكريس لمبدأ الخوصصة وسط العوممة، مما سيجعل الآباء مضطرين أن يدفعوا لقاء تلقي أبنائهم التعليم الأولي، بحيث صارت هذه الجمعيات تمارس السمسرة في ظل غياب المراقبة، وكثرة المتدخلين»، وأضاف المتحدث أن ما يجعل وضع المربيات هش من الناحية الاجتماعية، تفاوت الأجور، بحيث تصل أجرة بعض المربيات لاسيما في المجال القروي إلى 1500 درهم مع تأخرها بمعدل ثلاثة أشهر وأكثر، باستثناء بعض الحالات، مما يجعل المربيات يلجأن إلى القروض، ليبقى السؤال المطروح، ما الفرق بين أن تأخذ المربية أجرتها من الدولة مباشرة، وبين أن تتقاضاها من الجمعية التي بدورها تحصل عليها من ميزانية الدولة؟ وما فائدة هذه الوساطة في هذا المضمار من الأساس؟ وأضاف أنه يتم طرد المربيات اللواتي لديهن تجربة كبيرة في المجال دون أي تعويض، ويتم تعويضهن بأخريات مبتدئات بحجة توفرهن على شهادة الباكالوريا، دون التصريح بالجدد في صندوق الضمان الاجتماعي.
وعن الاتفاقيات التي وقعتها وزارة التربية الوطنية مؤخرا والتي تهدف، حسب ما جاء في بلاغ لها، إلى تجويد التعليم الأولي وتطويره وتعميمه أشارالمتحدث إلى أن هذه «النوعية من الاتفاقيات، والشعارات الرنانة لا يمكن لها أن تصلح الأوضاع، التي تكشف خباياه الشهادات الميدانية، وهي اتفاقيات لا تحترم من الأساس الوثيقة الإطار الصادرة بتاريخ يوليوز 2018، والرسالة السامية للملك محمد السادس حول التعليم الأولي، بل من شأنها أن تعزز الاحتقان في صفوف قطاع مهترئ بالأساس، صحيح أن المؤسسة الوطنية للنهوض بالتعليم الأولي توفر تكوينا للمربيات، غير أن التطبيق يتعارض مع الأسس البيداغوجية، ويتعارض من الأساس مع المقتضيات الدستورية.
فالإصلاح، حسب عبد الحق لوشاحي، ينبع من نزول الوزارة المكلفة إلى الميدان والاستماع إلى المربيات ومراقبة أوضاعهن عن كثب، وفتح الباب أمام مناظرة وطنية، يحضرها جميع الفاعلين في قطاع التعليم،لأجل تسطير الحلول اللازمة، ويستحسن تفويت مثل هذه المهام إلى الأكاديميات الجهوية عوض الجمعيات، ضمانا لتسخير كل الدعامات لخدمة الطفل.
يذكر أن وزارة التربية الوطنية وقعت ثلاث اتفاقيات شراكة في ميدان التعليم الأولي، وحسب بلاغ للوزارة فإن هذه الاتفاقيات تهدف إلى تجويد وتطوير التعليم الأولي وتعميمه، وستمكن هذه الاتفاقيات حسب ذات البلاغ من إرساء الآليات الكفيلة بتمويل العمليات المتعلقة بتدبير أقسام التعليم الأولي، من حيث الإشراف الإداري والتقني والتتبع والتأطير التربوي والتسيير والتجهيز، إضافة إلى توفير الاحتياجات السنوية من الموارد البشرية وفق مواصفات ملائمة، وذلك بمقتضى اتفاقيتي شراكة: الأولى ثلاثية الأطراف تم توقيعها بين شكيب بنموسى الوزير الوصي على القطاع وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية ونور الدين بوطيب، رئيس المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، والاتفاقية الثانية خماسية الأطراف وقعها شكيب بنموسى مع كل من يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية ومحمد دردوري، الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ونور الدين بوطيب، رئيس المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي.

(*) صحفية متدربة


الكاتب : سلوى جطاري(*)

  

بتاريخ : 14/04/2022