ألستوم تختار المغرب لتطوير صناعة مكونات القطارات في استثمار استراتيجي غير مسبوق
أعلنت شركة «ألستوم» عن استثمار جديد بقيمة 100 مليون درهم لتوسيع قدراتها الصناعية في المغرب، في خطوة تشكل محطة مفصلية في مسار تطوير الصناعة المرتبطة بالسكك الحديدية داخل المملكة. ويأتي هذا الاستثمار عبر إطلاق أول خط إنتاج عالمي مخصص ومتعدد المنصات لصناعة لوحات قيادة القطارات، بما يعزز موقع المغرب داخل سلسلة القيمة الدولية ويكرس مكانته كوجهة صناعية موثوقة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
وتمثل هذه المبادرة انتقالا نوعيا من مجرد توسعة تقنية إلى مشروع استراتيجي يربط المغرب مباشرة بمنظومات الإنتاج العالمية ذات المعايير الصارمة.
ويعكس هذا الخط الإنتاجي الجديد التحول العميق في الدور الذي بات المغرب يشغله داخل استراتيجية المجموعة، حيث تنتقل المملكة تدريجيا من موقع المستهلك للحلول الصناعية إلى منصة إنتاج وتطوير قادرة على تقديم قيمة مضافة عالية في سوق شديدة التنافسية. وتؤكد تصريحات الإدارة الجهوية للشركة أن اختيار المغرب لاحتضان هذه المنشأة الفريدة لن يأت صدفة، بل هو نتيجة تقييم دقيق لقدراته الصناعية والبشرية، ولتحولاته في مجال الجودة والإنتاج واحترام آجال التصنيع، وهي عوامل باتت تؤهله لاستقطاب استثمارات عالمية بمستوى تكنولوجي متقدم.
ولن يقتصر البرنامج الاستثماري الجديد على تصنيع لوحات قيادة القطارات، بل يمتد إلى مضاعفة الطاقة الإنتاجية لخط المحولات الكهربائية Mitrac، ما يعزز التكامل الصناعي للمغرب داخل منظومة الإنتاج الخاصة بالشركة. كما يشمل إحداث مكتب متخصص في التطوير والهندسة، يهدف إلى دعم الخبرة الوطنية في مجال البحث الصناعي والابتكار، وتمكين المغرب من الانتقال إلى مستوى أعلى في سلسلة القيمة، لا يعتمد فقط على الإنتاج الميكانيكي بل على التصميم والتطوير التقني للمكونات المرتبطة بالقطارات الحديثة.
وسيخلق هذا التوسع أكثر من 200 منصب شغل مباشر، في دفعة قوية لسوق العمل الصناعي، وفي إشارة إلى الثقة المتزايدة في قدرات المغرب على استيعاب صناعات ذات قيمة مضافة أعلى. كما يعكس عدد الوظائف المنتظرة حجم التوسع الذي تعرفه منشآت «ألستوم» داخل المملكة، ويساهم في تعزيز منظومة الإنتاج المحلية الرامية إلى تلبية الطلب الدولي المتسارع على حلول النقل النظيف والسكك الحديدية الحديثة. ويمثل هذا التوسع امتدادا لمرحلة سابقة من الاستثمارات، التي قامت خلالها الشركة بضخ ما يقارب 200 مليون درهم منذ 2020 لإحداث موقعها الصناعي بفاس وإطلاق أول خط لإنتاج المحولات الكهربائية في المغرب.
وتترجم المشاريع التي نفذتها المجموعة في السنوات الأخيرة حجم الاندماج الصناعي الذي حققه المغرب ضمن منظومة ألستوم العالمية، حيث تشغل الشركة أكثر من 1.400 مستخدم، وساهمت في تنفيذ مشاريع كبرى تشمل تسليم 270 ترامواي Citadis للرباط والدار البيضاء، و12 قطارا فائق السرعة من طراز Avelia Euroduplex للخط الرابط بين طنجة والدار البيضاء، إضافة إلى 77 قاطرة Prima التي تشكل إحدى ركائز منظومة النقل السككي. وتعزز هذه المشاريع حضور المغرب كفاعل موثوق في الصناعات المرتبطة بالنقل الحضري والسكك الحديدية المتطورة.
ويؤكد هذا الاستثمار الجديد الأهمية الاستراتيجية للمغرب داخل رؤية أوسع تهدف إلى تطوير الصناعات ذات التقنية العالية وجذب الشركات العالمية القائمة على الابتكار والبحث والتطوير. فتعزيز قدرات المملكة على إنتاج مكونات القطارات ورفع مستوى الهندسة المحلية وإدماج المغرب في شبكات الإنتاج الدولية تفسر الرهانات الكبرى التي تراهن عليها الشركات العالمية داخل السوق المغربية. ويفتح الاختيار المتجدد للستوم توسيع حضورها الصناعي في المغرب آفاقاً واسعة أمام قطاع السكك الحديدية الوطني، ويثبت موقع المملكة كمنصة صناعية صاعدة وفاعل محوري في صناعة النقل الحديث على المستوى الدولي.

