إطلاق حملة وطنية ضد وصم المصابين بالأمراض النفسية ودفاعا عن كرامتهم

الأطفال عرضة للإصابة بها انطلاقا من 14 سنة من عمرهم

استقبل فاعلون صحيون إلى جانب فعاليات مدنية مهتمة بمجال الصحة النفسية، الحملة التي أطلقتها وزارة الصحة بموجة من علامات الاستفهام، التي تتساءل عن سبب تدهور الصحة النفسية والعقلية وبنياتها في بلادنا، مشددين على أن هناك خصاصا كبيرا في هذا الباب، بسبب قلة الموارد البشرية وضعف المؤسسات الصحية، وعدم قدرتها على استيعاب أعداد المرضى، وندرة الأدوية وانعدامها في الكثير من الحالات، والعراقيل التي تعترض الأسر من أجل الاستشفاء والعلاج، فضلا عن الصور المؤلمة التي باتت تعيشها أغلب الشوارع التي تحتضن مشردين يعانون من أمراض نفسية، يهيمون بين الطرقات في حالة جد مزية، ويهددون سلامة الغير في حالة انتابتهم نوبة من النوبات.
واعتبر عدد من المنتقدين، خاصة في أوساط مهنيي الصحة، أن حملة الوزارة، التي رفعت شعار مكافحة وصم المرضى النفسيين، يجب أن تتجه إلى الإجابة عن الإشكالات العميقة التي تعرفها الصحة النفسية والعقلية في بلادنا، بتوفير ميزانيات محترمة تسمح بالنهوض بهذا المجال، وتمكّن من إحداث مستشفيات بمواصفات ومعايير دولية والرفع من عدد الأسرّة وتوظيف المهنيين. ودعا عدد منهم تعليقا على الملصق الذي نشرته الوزارة على صفحتها بالفضاء الأزرق إلى إعادة النظر في الكيفية التي يتم بها تدبير ملف الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية، التي هي ليست في متناول الجميع، كما هو الحال بالنسبة لأدوية الفصام، وإلى تمكين الجميع من الاستفادة من حصص الدعم النفسي، الذي يعتبر أولوية كبيرة، في ظل الضغوطات التي بات الجميع يعيش تحت رحمتها.
وكانت وزارة الصحة قد سعت، من خلال مطويات، إلى محاولة تصحيح العديد من الأفكار المرتبطة بالمرضى والأمراض النفسية بشكل عام، مشددة على أن المرض العقلي هو مرض مثل سائر الأمراض الأخرى، يصيب كل الأشخاص وليس من شخصيتهم ضعيفة كما يعتقد البعض، مبرزة في هذا الإطار أن شخصا من بين اثنين في المغرب، ممن تبلغ أعمارهم 15 سنة فما فوق يصابون بأحد الاضطرابات النفسية أو أكثر، مقدّرة نسبتهم بـ 48.9 في المئة، في حين أن 26.5 مصابون بالاكتئاب، و9 في المئة باضطرابات القلق، فضلا عن 6.5 في المئة ممن يعانون الاضطرابات الذهانية.
وشددت الوزارة على أن الأمراض العقلية تنشأ من مزيج من العلوم الجينية والبيولوجية والبيئية وتجارب الحياة الشخصية وليس كما تعتقد فئة معنية، التي تربط هذه الأمراض بالسحر والمسّ، كما أنها يمكن أن تصيب الأطفال إذ أن 50 في المئة من هذه الأمراض تبدأ قبل سن 14 سنة، في غياب المساعدة التي يجب توفيرها للمعنيين، رافضة بعض التعليقات التي تذهب إلى تحميل مسؤولية الإصابة بأحد هذه الأمراض إلى الآباء بدعوى ضعف مهاراتهم التربوية، مؤكدة في نفس السياق على أن هؤلاء المرضى ليسوا أكثر عنفا من غيرهم، ويمكنهم أن يتعافوا من المرض الذي أصابهم.
الحملة التواصلية التي ستنتهي يوم 17 من الشهر الجاري شددت كذلك على أن دواء واحدا فقط هو من يمكنه أن يسبب الإدمان إذا ما تم تناوله بدون إشراف طبي عكس ما يعتقده البعض، الذين يقولون بأن الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض العقلية تسبب ذلك، وغيرها من الأفكار المتداولة البعيدة كل البعد عن الحقيقة.


الكاتب : مبارك وحيد

  

بتاريخ : 14/10/2021