إلى جانب الدعوة لتسريع تعميم إحداث المنصات الجهوية للمخزون والاحتياطات الأولية .. فاجعة أسفي تعيد النقاش حول فعالية الاستراتيجية الوطنية لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية

 

تطرح فاجعة آسفي وما خلّفته من ضحايا ومن آلام في أنفس كل من عاشوا حزن فراق قريب أو جار أو صديق خلال هذه المأساة، وكذا من تابعوا تفاصيلها القاسية ولو من بعيد، النقاش بخصوص التدابير الاستباقية التي كان من الممكن القيام بها للحيلولة دون تسجيل خسائر مماثلة لما وقع في الإقليم وللحدّ من التبعات، مع استحضار بطبيعة الحال المسببات التي أدت إلى تعطيل أي إجراء كان من الممكن أن يساهم في تفادي تلك الحصيلة القاتمة.
هذا النقاش المفتوح اليوم، والذي يبقى طبيعيا وضروريا، تمتد تفاصيله إلى مضامين الاستراتيجية الوطنية لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية بالمغرب ( 2020 – 2030 ) التي تم التأكيد على أنها جاءت للتقليل من آثارها متى وقعت، سواء تعلق الأمر بفيضانات أو زلازل أو حرائق غابات أو جفاف أو غيرها، من خلال تحسين فهم المخاطر وتعزيز الوقاية والقدرة على الصمود إضافة إلى تحسين الاستعداد للاستجابة والتعافي، عبر مجموعة من الأهداف الرئيسية التي تشمل تعزيز القدرات المؤسسية، وتحسين نظم الإنذار المبكر، ودمج الحدّ من المخاطر في القطاعات الحيوية كالبنية التحتية والموارد المائية، الأمر الذي يبدو على أنه غاب في مأساة آسفي، إذ لم يتم تفعيل عدد من الركائز خاصة ما يتعلق بالإنذار المبكر لتحسين الاستعداد والاستجابة، أخذا بعين الاعتبار أن المنطقة المعنية هي عبارة عن مسار لواد وبالتالي كان لزاما توفر خارطة تفصيلية بالمخاطر المحتملة ووضع خطط استجابة فعالة، ثم الشق المتعلق بالوقاية والقدرة على الصمود، وهنا كانت الجهود التي تم بذلها غير قادرة على مواجهة حجم الفاجعة بالرغم من كل ما تم بذله بعد أن تحولت قطرات مياه الأمطار إلى سيول فيضانية.
وإلى جانب هذه النقطة تُطرح نقطة أخرى أساسية وهي المتعلقة بتفعيل وتنزيل إحداث المنصات الجهوية للمخزون والاحتياطات الأولية على صعيد جهات المملكة الإثنا عشر، التي تم الإعلان عنها بإشراف ملكي وذلك بإعطاء انطلاقة أشغال إحداث منصة بجهة الرباط سلا القنيطرة في ماي من هذه السنة 2025 داخل أجل 12 شهرا، على أن تمتد على مساحة 20 هكتارا بميزانية تقدّر بـ 287.5 مليون درهم، وذلك بإحداث 4 مستودعات وحظيرتين للمعدات الضخمة ومهبط للطائرات المروحية وموقف للسيارات. هذه المنصات الـ 12 التي تبلغ قيمة إحداثها 7 ملايير درهم، من المفروض أن توفر احتياطات استراتيجية من خيام وأغطية وأسرّة ومواد غذائية وأدوية، وأن تضم تجهيزات ميدانية من مستشفيات وغيرها، من أجل الاستجابة الفورية وضمان التدخل السريع متى كان هناك فيضان أو زلزال أو إحدى المخاطر الكيماوية أو الإشعاعية.
المنصات الجهوية التي جاءت خطوة إحداثها بقرار ملكي بعد زلزال الحوز ضمن سياق الاستراتيجية الوطنية لتدبير المخاطر، تجعل المتتبعين اليوم وبعد ما وقع في آسفي، يؤكدون على أهمية تسريع خطوات التنزيل، بما أن المخاطر المختلفة قد تقع في كل لحظة وحين، وبالتالي لابد من توفر كل الآليات الضرورية التي تمكّن من المواجهة ومن إنقاذ المواطنين والحفاظ على أرواحهم والحدّ من تبعات مثل هذا النوع من الأزمات.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/12/2025