إنتاجات تلفزيونية ضعيفة على موائد الافطار

مرة أخرى، وخلال كل شهر مضان، تدفعنا برامج القناتين الأولى والثانية المغربيتين إلى التساؤل حول قيمة المنتوج التلفزيوني الدرامي الرمضاني ومدى أهميته، وعن مدى نجاعة الدعم الذي تتلقاه، وعن الإصرار في تقديم إنتاجات ضعيفة قلبا وقالبا..، وعن بعدها التام عن الإطار التربوي، الثقافي والفني الذي كان ينبغي أن تهتم به وتضعه نصب الأعين..
فباستثناء مسلسل «عز المدينة»، الذي لقي استحسانا لدى المتتبعين والإعلاميين نظرا لنوعية الموضوع وحبكة الحوار واختيار المكان ومشاركة نخبة من الممثلين المغاربة، وكذا بعض الإنتاجات في صنف الدراما الاجتماعية..، فان البقية الباقية من الإنتاجات الرمضانية ذات الصلة التي تبثها القناتان عند الإفطار، لم ترق، للأسف، إلى تطلعات الجمهور الذي غالبا ما يتملكه اليأس والرتابة..، فيضطر للهروب الى الفضائيات الأخرى للبحث عن الفرجة والترفيه عن النفس.
والملاحظ أن عددا من هذه الإنتاجات المطروحة خلال هذا الشهر الفضيل، تحمل اسم الكوميدي عبد العلي لمهر المعروف باسم «طاليس»، الذي حاول أن تكون مشاركته مميزة وذلك بتكريس ثقافة «التشرميل» واعتماد لغة وضيعة في محاولة لتحقيق أكبر نسبة للمشاهدة.
وجدير بالذكر أن سلسلة « سوحليفة»، وهي واحدة من إنتاجات وإخراج «طاليس» وتمثيل «يسار» إلى جانب الطفلة إسراء، شكلت صدمة في الوسط التربوي والثقافي والإعلامي، حيث لعبت فيه الطفلة – وهي بالمناسبة بنت أخ الكوميدي «يسار» – دور شخص راشد يتقن لغة الشارع الهجينة، وكأن الفنان الكوميدي «طاليس» يريد أن يعطي نموذجا جديدا ومحبوبا في التربية من خلال الطفلة، وأن يمرر رسالة مفادها أن القيم التي يتلقاها أطفالنا من لدن الأباء ومن المؤسسات التربوية، لا يمكن اعتمادها والأخذ بمبادئها في هذا المجتمع، في المقابل، حاول الكوميدي وصاحب فرقة «ايموراجي» إعطاء صورة كاريزماتية على ثقافة «التشرميل» والكلام البذيء باعتبارهما سلاحا واقيا للأطفال، ومؤشرا على النباهة والذكاء، أو ما يعرف في قاموس الشارع بـ «القفوزية» يجعلهم يتأقلمون بسهولة داخل المجتمع المغربي.
هذه الظاهرة التي أصبحت تدخل البيوت بلا حسيب ولا رقيب من خلال الشاشة الصغيرة، كان من المفروض أن تشكل نقاشا وطنيا وأن تستنفر حقوقيين وأطباء نفسيين وعلماء اجتماع ونقاد وإعلاميين وكل الساهرين والفاعلين في المجال التربوي والمهتمين بقضايا الطفل.
للإشارة، فإن رواد التواصل الاجتماعي، سبق لهم أن وجهوا تحذيرات للآباء من خلال تدوينات دعوهم فيها إلى عدم ترك أبنائهم مشاهدة سلسلة «سوحليفة»، واصفين إياها «بالمهزلة التلفزيونية»، وبأنها تقتل براءة الطفولة، حيث كتب أحدهم على صفحته الرسمية في الفايسبوك «إلى الآباء وأولياء الأمر ميخليوش وليداتهم يتفرجو فهاد سيت كوم لأن غادين يتشبعو من الطريقة المنحطة التي تتكلم بها هذه الطفلة حافظوا على سلوك أطفالكم».


الكاتب : عبد الرحيم الراوي

  

بتاريخ : 11/06/2018