ابن مدينة الناظور ميمون عزوز،‮ ‬كفاءة مغربية في‮ ‬خدمة العلاج الجيني‮ ‬بالمملكة المتحدة

دشنت جامعة شيفيلد في‮ ‬المملكة المتحدة،‮ ‬الأسبوع الماضي،‮ ‬مركزها للابتكار في‮ ‬العلاج الجيني،‮ ‬وهو قطب للتميز العلمي‮. ‬وقد شهد حفل الافتتاح حضور الأميرة آن،‮ ‬شقيقة الملك تشارلز الثالث،‮ ‬إلى جانب ثلة من الشخصيات البارزة في‮ ‬مجالي‮ ‬الطب والاقتصاد‮. ‬وتعكس التغطية الإعلامية الكبيرة التي‮ ‬أحاطت بهذا الحدث الاهتمام الخاص الذي‮ ‬توليه المملكة المتحدة لهذا المركز،‮ ‬الذي‮ ‬يهدف إلى أن‮ ‬يصبح فاعلا رئيسيا في‮ ‬مجال البحث عن علاجات جينية ثورية،‮ ‬مع تأثيرات عميقة على ملايين المرضى في‮ ‬بريطانيا وعلى مستوى العالم‮.‬
ويعتبر حفل افتتاح المركز،‮ ‬الذي‮ ‬حضره سفير المغرب في‮ ‬المملكة المتحدة،‮ ‬حكيم حجوي،‮ ‬تكريما للمملكة المغربية،‮ ‬حيث أن هذا الصرح العلمي‮ ‬يديره الأستاذ المغربي‮ ‬ميمون عزوز،‮ ‬الذي‮ ‬تشكل خبرته وأبحاثه المتقدمة جوهر هذه المبادرة العلمية الكبرى‮.‬
ويعد هذا التعيين تتويجا لمسيرة علمية فريدة لعالم مغربي‮ ‬نجح في‮ ‬شق طريقه في‮ ‬عالم البحث العلمي‮ ‬المرموق،‮ ‬وخاصة في‮ ‬مجال متخصص مثل العلاج الجيني‮.‬
وقبل أن‮ ‬يحط رحاله في‮ ‬إنجلترا،‮ ‬خاض ابن مدينة الناظور مسارا شاقا اتسم بالمثابرة والتفاني،‮ ‬مما أه له ليصبح من الرواد في‮ ‬تطوير العلاجات المبتكرة للأمراض الوراثية النادرة،‮ ‬محققا بذلك تغييرات إيجابية في‮ ‬حياة العديد من المرضى‮.‬
وقال الباحث المغربي،‮ ‬الذي‮ ‬بعد حصوله على أول شهادة عليا من جامعة محمد الخامس بالرباط انطلق في‮ ‬رحلة طويلة من التكوين الأكاديمي،‮ ‬إن‮ «‬المغامرة في‮ ‬عالم البحث العلمي‮ ‬المذهل انطلقت من حلم‮».‬
وقد حصل لاحقا على درجة الدكتوراه في‮ ‬علم الأدوية العصبية في‮ ‬فرنسا،‮ ‬بينما قادته مسيرته المهنية من فرنسا إلى المملكة المتحدة،‮ ‬مرورا بسويسرا،‮ ‬عبر مسار مليء بالتميز والابتكار‮.‬
ويعمل الأستاذ عزوز وفريقه منذ عدة سنوات في‮ ‬طليعة البحث في‮ ‬مجال العلاجات الجينية‮. ‬وقد فتحت اكتشافاتهم آفاقا جديدة لعلاج أمراض مثل ضمور العضلات الشوكي‮ ‬والتصلب الجانبي‮ ‬الضموري،‮ ‬مما أعطى أملا جديدا للمرضى وعائلاتهم‮.‬
وقد نال هذا العمل الشاق اعترافا دوليا،‮ ‬حيث حصل على عشرة جوائز،‮ ‬من بينها جائزة‮ (‬ERC Proof-of-Concept‮) ‬في‮ ‬عام‮ ‬2017،‮ ‬وجائزة‮ (‬ERC Advanced Investigator‮) ‬في‮ ‬عام‮ ‬2012‮. ‬وهي‮ ‬جوائز فردية من الاتحاد الأوروبي‮ ‬تؤكد مكانة الباحث المغربي‮ ‬الرائدة في‮ ‬البحث الطبي‮ ‬الحيوي‮ ‬الأوروبي‮.‬
وفي‮ ‬حديث خص به وكالة المغرب العربي‮ ‬للأنباء،‮ ‬أشار الأستاذ عزوز إلى أن مركز الابتكار في‮ ‬العلاج الجيني‮ ‬الجديد في‮ ‬جامعة شيفيلد هو ثمرة لجهده الطويل لجذب مزيج فريد من التمويلات من مصادر عامة وخاصة وجامعية وخيرية ومحلية،‮ ‬مؤكدا أن المركز‮ «‬ي‮ ‬سهم في‮ ‬الابتكار في‮ ‬مجال البحث الطبي‮ ‬لمكافحة أمراض مثل باركنسون والخرف ومرض العصبون الحركي‮ ‬والأمراض الوراثية‮».‬
وإلى جانب مركز الابتكار في‮ ‬العلاج الجيني،‮ ‬يدير الباحث المغربي‮ ‬أيضا فرق البحث في‮ ‬معهد العلوم العصبية الانتقالية،‮ ‬حيث‮ ‬يتولى هؤلاء الباحثون برامج لاكتشاف العلاجات الجينية‮.‬
وأوضح الأستاذ عزوز أنه‮ «‬بمجرد أن تكون هذه البرامج جاهزة للتطبيق في‮ ‬التجارب السريرية على المرضى،‮ ‬يمكن نقلها إلى مركز الابتكار في‮ ‬العلاج الجيني‮ ‬لتمكين تصنيع الأدوية وفقا للمعايير المقبولة من قبل الهيئات التنظيمية،‮ ‬بهدف تقديمها للمرضى‮».‬
ورغم المسؤوليات العديدة للأستاذ عزوز في‮ ‬شيفيلد،‮ ‬حيث‮ ‬يوزع وقته بين معهد العلوم العصبية الانتقالية ومركز الابتكار في‮ ‬العلاج الجيني،‮ ‬فإنه لا‮ ‬يزال‮ ‬يحمل الحلم الطموح بأن‮ ‬يستفيد المغرب بشكل مباشر من اكتشافاته‮. ‬ومن خلال التعاون مع زملاء في‮ ‬كلية الطب بالرباط،‮ ‬يدرس الباحث كيفية تكييف هذه العلاجات الجينية الثورية لتلبية احتياجات المرضى المغاربة‮.‬
وقال في‮ ‬هذا الصدد‮ «‬أسعى إلى إقامة روابط تعاون في‮ ‬مجالات الاكتشاف والبحث الانتقالي،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك التجارب السريرية‮».‬
وطموح الباحث هو إنشاء مركز تميز للعلاج الجيني‮ ‬في‮ ‬المغرب،‮ ‬حيث‮ ‬يعتقد أن هذا المركز سيكون بمثابة فرصة كبيرة للطلاب والعلماء والأطباء،‮ ‬وخاصة للمرضى المغاربة‮.‬
ويرى الأستاذ عزوز أن مشروعه من أجل بلده الأم،‮ ‬الذي‮ ‬يسكنه أبدا،‮ ‬يتجاوز الطب‮. ‬فهو‮ ‬يراه كرافعة للابتكار والنمو الاقتصادي‮ ‬قادر على خلق فرص عمل وجذب الاستثمارات ودعم إنشاء شركات ناشئة في‮ ‬مجال التكنولوجيا الحيوية،‮ ‬على‮ ‬غرار شركتي‮ (‬BlackfinBio‮) ‬و‮(‬Crucible‮ ‬Therapeutics‭)‬،‮ ‬اللتين أسسهما مؤخرا في‮ ‬المملكة المتحدة‭.‬


بتاريخ : 09/10/2024