استأنف المغرب وإسبانيا تعاونهما حول ملفات الهجرة بعد تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية مؤخرا، إذ اجتمعت الخميس بالرباط لجنة مشتركة لتنسيق العملية الضخمة لعبور المهاجرين النظاميين موانئ الجارين، خلال عطلة الصيف، وفق بيان مشترك.
جاء هذا الاجتماع بعد توقف العملية المسماة “مرحبا”، والتي تعنى بتنقل ملايين المغاربة المقيمين بأوروبا، لعامين بسبب الجائحة. ثم بسبب استثناء المغرب الموانئ الإسبانية منها العام الماضي، في ظل أزمة دبلوماسية حادة مع مدريد.
وقال بيان مشترك “للجنة المختلطة للعبور” إن اجتماعها يندرج في إطار تفعيل خارطة الطريق التي أعلنها البلدان لبدء مرحلة جديدة في مارس بعد تجاوز الأزمة.
وأشار إلى الاتفاق على خطة للملاحة وعدد من التدابير المتعلقة بالأمن والسلامة والاحتراز ضد الجائحة، خلال عملية العبور المقررة بين 15 يونيو و15 سبتمبر.
واعتبرت نائبة كاتبة الدولة في الداخلية الإسبانية إيزابيلا كويكوشيا في بيان إن هذه العملية “مثال رائع للتعاون الدولي والتنسيق الجيد بين الجيران”، وشملت أكثر من 3,3 ملايين مسافر وأكثر من 760 ألف سيارة في العام 2019.
من جهته، قال الناطق باسم الحكومة المغربية إن المباحثات “تمر في أجواء إيجابية”.
واستأنف البلدان منتصف أبريل المواصلات البحرية للمسافرين بين موانئهما المتجاورة غرب المتوسط، تفعيلا للمصالحة التي أعلنت بنودها خلال زيارة لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للرباط مطلع أبريل.
وفضلا عن عبور المغاربة المقيمين بأوروبا خلال الصيف، يتيح استئناف الرحلات البحرية أيضا تنقل السياح في الاتجاهين، خصوصا في ظل ازدياد عدد المغاربة الذين يقصدون الشواطئ الإسبانية للاصطياف خلال الأعوام الماضية.
وكذلك اجتمع الجمعة بالرباط فريق العمل المشترك حول الهجرة الذي يعنى أيضا بالتنسيق في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية. وهو ملف حيوي في علاقات البلدين اذ تعد المملكة معبرا رئيسيا للمهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا.
ووصل العام الماضي أكثر من 40 ألف مهاجر إلى سواحل إسبانيا القارية أو جزر الباليار عبر البحر المتوسط، وإلى أرخبيل الكناري عبر المحيط الأطلسي، معظمهم قدموا من المغرب، وفق أرقام إسبانية رسمية.
وتكتسي عملية “مرحبا” لهذه السنة طابعا خاصا، إذ تأتي بعد انقطاع قسري دام سنتين، نتيجة التدابير الوقائية المرتبطة بمكافحة انتشار “كوفيد -19″، فضلا عن تزامنها مع دخول العلاقات المغربية الإسبانية مرحلة جديدة، تاريخية وطموحة.
فقد أعطت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في أبريل الماضي إلى المغرب بدعوة من جلالة الملك محمد السادس، زخما قويا لهذه المرحلة الاستثنائية الجديدة. كما شكلت مناسبة للتأكيد على الحاجة إلى بلورة خارطة طريق مستدامة وطموحة لبناء علاقات ثنائية تقوم على أسس أكثر صلابة.
وتحتل عملية “باسو ديل إستريشو / مرحبا”، مكانة هامة ضمن خارطة الطريق هذه، بين شريكين ينكبان على عملية عبور مغاربة الخارج لمضيق جبل طارق بروح من المسؤولية المشتركة. وفي هذا الإطار، انعقد الخميس بالرباط، اجتماع اللجنة المختلطة المغربية – الإسبانية المكلفة بعملية العبور، لمناقشة الإجراءات المتخذة من أجل ضمان ظروف إنجاح هذه العملية.
هذا الاجتماع، المنعقد برئاسة مشتركة لخالد الزروالي، الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود، وإيزابيل غويكوتشيا أرانغوين، نائبة كاتب الدولة بوزارة الداخلية، مكن من مناقشة الترتيبات العملياتية التي وضعها الطرفان، على غرار تلك المعتمدة خلال 2019، من أجل ضمان إجراء عملية العبور 2022 في أفضل الظروف.
خط للإبحار
وأوضح بيان مشترك صدر عقب هذا الاجتماع أنه تم الاتفاق على خطة هامة للإبحار تتيح عروضا بخصوص الطاقة الاستيعابية اليومية لحركة نقل المسافرين والعربات والتناوب والربط البحري. كما تمت كذلك تعبئة وسائل لوجيستية هامة وتعزيز الموارد البشرية على مستوى الموانئ والمطارات، من خلال تدابير للمساعدة الاجتماعية والمواكبة تسهر عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، بالمغرب والخارج.
واتفق الجانبان، كذلك، على تعزيز التنسيق بين النقاط المركزية حرصا على التبادل الجيد للمعلومات واستباق بعض الجوانب المرتبطة بتدبير أيام الذروة وإمكانية استبدال التذاكر ومكافحة المضاربة على مستوى أسعار رحلات العبور البحرية.
وقد أضحى اجتماع اللجنة المختلطة المغربية الإسبانية تقليدا سنويا، تهييئا لانطلاق عملية “مرحبا”، إذ يتيح فرصة للوقوف على مستوى التنسيق والانسجام بين الإجراءات التي يتخذها البلدان.
ويتعلق الأمر، أيضا، بتسليط الضوء على الترتيبات والآليات التي يرصدها الجانبان خلال هذه العملية الهامة، سواء من حيث التنظيم والوسائل اللوجستية، أو ما يتعلق بإدارة الأزمات.
وبروح من التعاون المتبادل والمحكم، ما فتئ الطرفان يشددان على أهمية ضمان سلاسة العبور وتدابير الأمن والسلامة ومبادرات القرب والمساعدة خلال هذه العملية.
وبفضل التعبئة القوية والالتزام الذي يتحلى به كافة الفاعلين في كل من المغرب وإسبانيا، تظل عملية “مرحبا” نموذجا بارزا للتعاون متعدد الأبعاد بين بلدين جارين، لا سيما في مجال تدبير الهجرة شمال- جنوب.
سناء درديخ: “مرحبا 2022” ستكون فريدة
أكدت مديرة التواصل بمؤسسة محمد الخامس للتضامن، سناء درديخ، أول أمس الخميس، أن عملية العبور “مرحبا 2022″، التي ستتميز باستئناف نشاطها هذا الصيف انطلاقا من الموانئ الإسبانية، ستكون فريدة من نوعها، وذلك بعد سنتين من التوقف القسري نتيجة الأزمة الصحية الناجمة عن “كوفيد-19”.
وأوضحت درديخ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش اجتماع اللجنة المختلطة المغربية – الإسبانية المكلفة بعملية العبور المنعقد الخميس بالرباط، أن “جميع الأطراف الحاضرة في الاجتماع، بما في ذلك مؤسسة محمد الخامس للتضامن، مجمعون على أن نسخة 2022 من عملية (مرحبا) ستكون فريدة من نوعها بعد سنتين من التوقف القسري الناجم عن الجائحة”.
وتطرقت درديخ، بالمناسبة، إلى مختلف التدابير العملياتية التي ستتخذها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، مبرزة أنه ستتم، وفقا للتعليمات السامية لجلالة الملك محمد السادس، تعبئة كل الأطقم والموارد البشرية اللازمة لمواكبة الجالية المغربية المقيمة بالخارج في كل من المغرب وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا. وتابعت بالقول إن هاته الموارد تضم كلا من المساعدات الاجتماعيات والأطقم الطبية وشبه الطبية التي ستباشر تدخلاتها في فضاءات الاستقبال الخاصة بعملية مرحبا في الموانئ وباحات الاستراحة.
وخلصت مديرة التواصل بمؤسسة محمد الخامس للتضامن أن تدخل المؤسسة سيتم في إطار التنسيق التام والمستمر مع الشركاء المعنيين بعملية مرحبا.