اتهم بالفساد، سعى إلى الانقلاب على المؤسسات الدستورية و اعترف بالجمهورية الوهمية: عزل رئيس البيرو بيدرو كاستيو واعتقاله

 

وضع برلمان البيرو، أول أمس الأربعاء، حدا لمغامرة كان يمكن أن تؤدي بالبلاد إلى أزمة أخطر مما تعيشه حاليا، وذلك عندما حاول الرئيس السابق “بيدرو كاستيو” الانقلاب على المؤسسات الدستورية التي تشكل عصب الديمقراطية في البلاد، من برلمان وسلطة قضائية ونيابة عامة ومحكمة دستورية، بل وأعلن عزمه تغيير دستور البلاد بما يمكنه من الاستحواذ على السلطة وسحق أي معارضة ضده، بل وربما تأبيد سلطته، في محاولة لاستنساخ التجربة الفنزويلية، والتي يعلم الشعب البيروفي وأعضاء البرلمان أنها انتهت بتدمير المقومات الاقتصادية للبلاد، وحولت الشعب الفنزويلي إلى شعب مشرد، أغلبه يستطيع بالكاد الحصول على وجبة تسد رمقه، فيما فر ملايين آخرون إلى الخارج بحثا عن فرصة أفضل.
وأعقب الإعلان عن هذه القرارات، سلسلة من الاستقالات من قبل وزراء وسفراء البيرو لدى المنظمات الدولية، كما أعربت المؤسسات الدستورية في البلاد رفضها لقرار حل البرلمان.
البرلمان البيروفي الذي فطن إلى هذا المخطط، وبمجرد أن أعلن بيدرو كاستيو عن حله وتنصيب “حكومة طوارئ” وفرض حظر للتجول، بالإضافة إلى إجراء انتخابات تشريعية مرتقبة لتنصيب برلمان جديد سيمنح صلاحيات صياغة دستور جديد في غضون تسعة أشهر، بمجرد أن أعلن بيدرو كاستيو عن ذلك، حتى قرر البرلمان بالأغلبية عزله عن منصبه، واصفا الإجراءات التي أعلن عنها بأنها انقلاب على المؤسسات الديموقراطية، ليتم اعتقاله بعد ثلاث ساعات من خطابه. كما عين البرلمان نائبته “دينا بالوارتي” رئيسة جديدة للبلاد، لتصبح أول امرأة تتقلد هذا المنصب في تاريخ البيرو، إذ من المقرر أن تستمر في منصبها إلى غاية سنة 2026، تاريخ نهاية الولاية الرئاسية الحالية، ما لم يعلن عن انتخابات رئاسية سابقة لأوانها. وحسب وسائل الإعلام البيروفية فإن كاستيو يواجه اتهامات بالفساد والتمرد، تتراوح عقوبتها بين 10 و 20 سنة سجنا.
وسائل الإعلام البيروفية التي تابعت لحظة بلحظة وقائع الأزمة التي عاشتها البلاد أول أمس، وانتهت باعتقال الرئيس السابق، وصفت الأشهر الثمانية عشر التي قضاها على رأس السلطة، بأنها الأسوأ منذ عقود، حيث قام بتنصيب خمس حكومات، وغير أزيد من 50 وزيرا، في مؤشر على حالة التخبط والارتجال التي طبعت عهده القصير، ناهيك عن قضايا الفساد العديدة التي طفت على السطح واتهم فيها كاستيو ومحيطه، والتي يتوقع أن تفجر مفاجآت قادمة بعد اعتقاله.
ومعلوم أن بيدرو كاستيو، الذي ينتمي إلى تيار يسراوي مازال أسيرا لعقلية الحرب الباردة، لم يدمر فقط الوضع الداخلي الهش للبلاد، بل أيضا دمر علاقاتها الخارجية، ومن بين القرارات التي وصفها برلمانيون بيروفيون بغير المسؤولة، قراره الاعتراف بجبهة البوليساريو الانفصالية، في 8 شتنبر الماضي، وهو القرار الذي عارضه بشدة آنذاك وزير الخارجية ميغيل رودريغيز ماكاي، الذي أعلن في اليوم التالي استقالته من منصبه، مؤكدا بأن الموقف من الصحراء المغربية، كان على رأس الأسباب التي فجرت الخلاف بينه وبين الرئيس البيروفي، والتي دفعت به إلى تقديمه استقالته، بعد 35 يوما فقط من تحمله هذه المسؤولية، ليصبح إبانها رابع وزير للخارجية يقدم استقالته في غضون 14 شهرا.
كما اعتبر العديد من أعضاء البرلمان البيروفي، الخطوة التي أقدم عليها بيدرو كاستيو، بالاعتراف بكيان وهمي، “غير مسؤولة، من شأنها أن تؤثر على المصداقية الدولية للبيرو كدولة جادة ذات تقاليد عظيمة على مستوى القانون الدولي”.


الكاتب :   عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 09/12/2022